اقتصاد

حضر الشوندر وغاب السكر..!!

| هني الحمدان

أين موقع الشركات الإنتاجية اليوم من مواضيع تحقيق الجودة وكامل الإنتاجية المستهدفة..؟ بمعنى آخر: هل عجلات إنتاجها وطحنها تعطي الهدف وتحقق النتائج الإيجابية، أم إنها مجرد آلات تدور ولا أحد يعرف مدى الضياع والهدر وتدنّي الإنتاجية..؟!

مع الأسف السمة السائدة لمعظم شركات القطاع العام، في حال دارت عجلات أنشطتها، هي التراجع والترهّل، وضياع الكثير من المنتجات بلا فائدة، وهذا أمر محزن!

كانت بعض الشركات التصنيعية في السابق متألقة، إنتاجاً ومؤشرات محققة لكل الأهداف من ناحية النتيجة، بأداء ورونق يشار إليهما بالبنان، وكان بعضها ذا مخرجات إنتاجية تصنيعية عالية بعيداً عن أي هدر أو ضياع، فكانت بذلك رافعة اقتصادية مؤثرة إيجاباً، وكانت مفخرة وقصة نجاح..!

لكن: هل أداء بعض الشركات الصناعية اليوم بذلك المستوى يا ترى..؟! الإجابة لا تحتاج إلى تفكير عميق ولا لأخذ رأي المعنيين والخبراء، هي ليست كذلك، فبسبب إهمال عنصري الاستدامة والتطوير، وقلة فهم بعض الإدارات المتعاقبة وربما سوئها، سرعان ما تتوقف عجلة التقدم فيها، فيعتريها الجمود، وتنهال عليها الإشكالات من كل حدب وصوب، وسرعان ما تنتكس ويتراجع أداؤها، وتصبح عبئاً ثقيلاً..! فمن يقف اليوم على مسألة العائدية الصحيحة لعمل أي شركة، وأخصّ هنا التصنيعية..؟

ما ساقني إلى ذلك شركة معمل سكر سلحب بعد عودتها لطحن واستخلاص السكر من محصول الشوندر السكري، وبسبب ضعف تقنيات آلات التصنيع وفشل الأداء التصنيعي فيها تسبب كل ذلك، وحسب ما صدر من قرارات رسمية، في هدرها خمسة آلاف طن سكر، وكل ما عملته مؤسسة السكر ووزارة الصناعة قذف مسؤولية تدني إنتاجية السكر على الغير وعلى الأرض والبذار، وتسويغ حجج ليس لها أي منطق، فالعمليات التصنيعية داخل المعمل كانت المسبّب في هدر كميات كبيرة من محصول الشوندر، فبدلاً من استخلاص سبعة آلاف طن وبنسبة حلاوة 11.9% من نوعية بذار عالمية، استخلصت آلات المعمل القديمة ألفي طن فقط، وحسب الحسابات الرقمية والمتبعة فالكميات الموردة للمعمل يجب أن تعطي خلاصة سبعة آلاف طن وليس ألفي طن، أي إن هناك خمسة آلاف طن ضاعت، أهدرتها العمليات التصنيعية المتخلّفة والتي لا تزال تعمل وفق نمطية سائدة، لا تراعي أيّاً من معايير الجودة وعدم ضياع أي كمية، فالبذار مستورد ومحقق لكل الشروط، والأرض هي ذاتها التي كانت تزرع بالشوندر السكري منذ سنوات، والفلاح هو ذاته، فماذا حصل..؟

العلّة واضحة يا سادة.. خطوط إنتاج ربما تكون بلا تهيئة مناسبة، وإدارات لم تعِ بعد أهمية أن تطبيق أفضل الممارسات ومعايير الجودة يضمن للشركات تعريف الأهداف بشكل سليم، ومن الخطأ أن تبقى بعض الشركات في وادي الظن بأن تطبيق معايير الجودة وكيفية الابتعاد عن تدنّي الإنتاجية عبء مادي، بل من المؤكد أن ذلك يزيد من كفاءة نماذج الأعمال ويضمن نمواً ثابتاً، يحقق الأرباح والنجاح ليس على المدى المتوسط بل البعيد.

هل لدى بعض إدارات الشركات التصنيعية أهداف ورؤى حول كيفية تطبيق معايير الجودة، والإقلال من مؤشرات تدنّي الإنتاجية، أم إن المهم عندهم هو أن الآلات تدور وضجيجها يملأ الأماكن صوتاً، والهدر في أعلى مستوياته..؟!

إذا لم يتم تطبيق أفضل الممارسات ذات النفع على المنتج النهائي، والتي تقلل من الضياع فسينعكس ذلك سلباً على أداء الشركات ومكانتها في الحقل التصنيعي، وسيؤدي حتماً إلى خروجها من دائرة العمل والمنافسة.

هدر كمية كهذه والفشل في استخلاص خمسة آلاف طن من شركة تصنيعية يستدعي التوقف عنده، وأن تأخذ وزارة الصناعة جدياً بالمآل الذي حصل « تراجع واقع التصنيع» وتبحث عن الأسباب، وليس تسويق مبررات لا أساس لها من الصحة، فلا الفلاح تم استيراده من الخارج، ولا التربة تغيّرت، والبذار هو الصنف المعهود ذاته بحلاوته ونقاوته..!

كفاكم تقاذفاً للمسؤوليات، تصنيعكم وعمليات استخلاص السكر من الشوندر يحتاجان على ما يبدو إلى معايرات من جديد، فهل ستفلحون بذلك..؟!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن