شؤون محلية

العمل المؤسساتي بين الأولوية والغياب!

| يونس خلف

لا يمكن ولا يجوز النظر اليوم إلى الظروف الصعبة الاستثنائية بالمنظار نفسه إلى الظروف السابقة ما قبل الحرب وأيضاً ما قبل كارثة الزلزال، لكن في الإطار العام يمكن الوقوف عند إشكالية مزمنة وهي مستمرة اليوم تتعلق بالأولويات والأهداف دفعة واحدة وهذه بالمناسبة نقطة ضعف كبيرة تعاني منها مؤسساتنا عندما يتم طرح القضايا والمتطلبات بطريقة (الدوكمة) وبالتالي يصعب تنفيذها كلها دفعة واحدة في حين يجب أن تكون الأولويات محددة وفقاً لزمن تنفيذها والإمكانيات المتوافرة للتنفيذ حتى إذا كانت بنداً واحداً يكون قابلاً للتنفيذ ويحقق نتائج ملموسة على أرض الواقع ثم ننتقل إلى غيره أفضل بكثير من الأهداف والأفكار والشعارات التي تطرح بالجملة وتظل حبراً على ورق.

من هنا تبدو أهمية التأكيد على الانتقال من التنظير إلى الممارسة والتنفيذ والأمر بات يتطلب التأمل العميق بصورة العالم اليوم الذي أصبح لا يعترف إلا بالدولة القوية ليس من حيث القوة العسكرية فحسب وإنما لجهة الاقتصاد القوي، ولا نأتي بجديد عندما نقول: إن من بين أهم مصادر قوة الاقتصاد الاستثمار حيث تكتسب المشاريع الاستثمارية أهمية خاصة في الحياة الاقتصادية وتعتبر عماد الاقتصاد الوطني ووجودها يشكل دعامة أساسية من دعامات النمو والتنمية لا بل إن المشاريع الاستثمارية هي أحد أهم المصادر الرئيسية لمكونات الناتج القومي، والأمر هنا يرتبط بشكل وثيق بعملية الإصلاح بمختلف أشكاله وهذه العملية لا تفترض نسف الواقع القائم وإنما الفرز بين ما يمكن الاستغناء عنه وبين ما يلزم للبناء عليه. أما الأمر الأكثر أهمية في عملية الإصلاح فهو العمل المؤسساتي فلا يمكن أن ينجح الإصلاح إلا من خلال المؤسسات لأنها هي التي تدير الإصلاحات المطلوبة وتنفذها ولذلك المؤسسات أيضاً تندرج ضمن مقومات نجاح عملية الإصلاح وبحاجة إلى تطوير في الهيكليات والأداء وآليات العمل. ولعلنا أدركنا خلال سنوات الحرب أنه رغم الظروف الصعبة وتداعيات الأزمة فإن عجلة الحياة بقيت مستمرة في الدوران ووقائع الحياة اليومية جسدت الإرادة القوية والحرص على توسيع نقاط القوة من خلال زيادة الإنتاج والاستثمار الأمثل للإمكانات.

من هنا نرى أنه لا بد أن يتعزز الاهتمام أكثر لتحقيق خطوات متقدمة على طريق التنمية المحلية وصولاً إلى الإسهام في تحسين الواقع الخدمي والتنموي والإداري ولاسيما في هذه الظروف حيث نحن أحوج ما نكون لتعزيز عناصر القوة في مواجهتنا للتحديات الكبيرة والتغلب على كل الصعاب والتداعيات التي نتجت عن الأزمة، ولا بد أن نتفقد غياب العمل المؤسساتي الذي يفترض أن يكون أولوية أولى لكنه في حقيقة الأمر في آخر سلم الأولويات إن لم نقل غائباً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن