رياضة

رحلة المنتخب الوطني للشباب من الألف إلى الياء … رغم الخروج الحزين علينا البناء على منتخبنا الشاب … حصيلة ضئيلة سببها الرهبة والخوف والعقم الهجومي

| ناصر النجار

أنهى منتخبنا الوطني للشباب لكرة القدم مشاركته في بطولة الأمم الآسيوية بخروجه من الدور الأول بخفي حنين بعد أن احتل المركز الرابع والأخير في المجموعة الأولى وحصل على نقطة واحدة من أصل تسع نقاط ممكنة وهدف وحيد مقابل أربعة أهداف دخلت مرمانا وفي النتائج خسرنا أمام أوزبكستان صفر/2 وإندونيسيا صفر/1 وتعادلنا مع العراق 1/1.

المشاركة مفيدة من كل النواحي لمن أراد أن يستفيد منها، وخيبة الأمل من النتائج يجب أن نستوعبها وأن نتعامل معها بهدوء.

منتخبنا قدّم ثلاث مباريات كان أداؤه متفاوتاً من مباراة لأخرى، المباراة الأولى كانت مع أوزبكستان صاحبة الضيافة وتبين للجميع أن أصحاب الأرض كانوا أفضل وأوزن، وبدا على منتخبنا بعض الخوف والرهبة أمام منتخب قوي متسلح بأرضه وأمام أنصاره.

المباراة الثانية كانت الأسوأ أداء ومستوى ودلّت على أن منتخبنا كان في خبر كان، وقد فقد التركيز بعد أن سجل المنتخب الإندونيسي هدفه وتاه وسط زحمة المدافعين أمام مرماهم فلم يستطع إدراك حتى التعادل.

أفضل أداء لمنتخبنا كان بلقاء العراق ومع ذلك لم يستطع تحقيق الفوز فاكتفى بتعادل متأخر ما نستطيع تسجيله من هذه المشاركة ملاحظتان: أولاهما أن منتخبنا اتسم أداؤه بالعقم الهجومي فلم يستطع التسجيل إلا بعد 270 دقيقة وهذا أمر خطير، رغم أن المنتخب بكل مبارياته التجريبية أو الاستعدادية سجل أكثر من هدف في المباراة الواحدة وهذا يقودنا إلى الملاحظة الثانية: وهي الخوف والرهبة وعدم الاستعداد الذهني الكامل.

لذلك فوجئنا (مثلاً) بمنتخب إندونيسيا الذي كان يقاتل في كل دقيقة من المباراة بعد أن تسلح لاعبوه بالشجاعة والإقدام، بينما غابت هذه الميزة عن منتخبنا، ولعل هناك أسباباً إدارية داخلية أدت إلى هذا التوهان والضياع.

نقطة البداية

يمكن اعتبار مشاركة المنتخب في التصفيات الآسيوية التي استضافتها الأردن في الأول من أيلول الماضي هي نقطة البداية الحقيقية للمنتخب الشاب بعد فترة تجريبية قصيرة اعتمد فيها المدرب الهولندي مارك فوته على مدربنا الشاب معن الراشد الذي كان يتولى أمر المنتخب قبله بشهرين، والإيجابي أنه حافظ على كادر المنتخب كما هو من مبدأ الاستمرار والمتابعة.

التصفيات الآسيوية كللت بالنجاح وتأهل منتخبنا إلى النهائيات ولو من الباب الضيق من بوابة أحسن فريق احتل المركز الثاني، النتائج كانت معقولة بالفوز على الصين تايبيه 1/صفر ويعتبر فوزنا هو الخسارة الوحيدة للصين وهدفنا هو الوحيد الذي دخل مرماهم في التصفيات، بعدها فزنا على جزر ماريانا الشمالية 10/صفر وعلى تركمانستان 4/1.

واعتبر البعض وخصوصاً اتحاد كرة القدم أن هذا المنتخب يمكن البناء عليه ليكون أمل الكرة السورية فمنح المدرب الهولندي الصلاحية التامة لوضع برنامج تدريبي مع مباريات استعدادية ومعسكرات وصولاً إلى النهائيات.

الخطوة الثانية في بناء المنتخب كانت بتجربة العديد من اللاعبين الذين لم يمثلوا المنتخب في الفترة السابقة وطلب من مدربي فرقنا إرسال أفضل لاعبيهم لاختبارهم في المعسكرات الداخلية، وبالفعل شاهد أكثر من خمسين لاعباً ليستقر على مجموعة من اللاعبين بحدود 25 لاعباً، وقال وقتها: ليس من الضروري كل لاعب متفوق بالدوري يصلح ليكون لاعباً في المنتخب، فلاعب المنتخب يجب أن يملك مواصفات معينة.

الشيء نفسه فعله باللاعبين المحترفين وتمت تجربة العديد منهم ليختار خمسة لاعبين فقط، وأكد في هذا الشأن أن عملية تسويق اللاعبين لا تستند إلى أهمية اللاعب ومستواه، فالكثيرون من المسوقين لا يعرفون اللاعبين، لذلك فإن التسويق الحقيقي سيكون على أرض الملعب، مؤكداً أنه لا يتابع الفيس بوك ولا يهتم لما ينشر عنه وعن المنتخب وعن اللاعبين سلباً أم إيجاباً.

الخطوة الثالثة التي خطاها منتخب الشباب تمثلت بالمعسكرات الداخلية والخارجية والمباريات الدولية التي لعبها ومستوى المنتخبات التي واجهها.

والكثير يعتبر أن منتخب الشباب أمضى فترة استعداد جيدة، فكان في حالة استنفار مستمرة ضمن معسكرات داخلية أو خارجية مع مباريات عديدة صنفت على مستويين، المستوى الثاني: كانت لقاءات تجريبية لاكتشاف أخطاء المنتخب ولاعبيه ومستوى الجاهزية فلعب مع فرق الفتوة والكرامة والوثبة والوحدة ومع أهلي دبي وفاز في هذه المباريات أو تعادل.

أما المستوى الأول من المباريات فواجه فيها منتخبات المستوى الثاني من التصنيف الآسيوي وهي منتخبات الأردن والصين وقطر وطاجيكستان إضافة إلى المنتخب اللبناني، ولعب مع هذه المنتخبات عشر مباريات فاز في خمس وخسر ثلاثاً وتعادل في مباراتين، سجل 15 هدفاً ودخل مرماه 11 هدفاً.

البداية مع المنتخب اللبناني والتعادل كان في المباراتين 1/1، ثم لعب مع الأردن ففاز 2/1، ثم خسر صفر/2 في المباراة التي شهدت اعتراضات من منتخبنا لسوء التحكيم وخشونة الأردنيين وكاد ينسحب المنتخب من المباراة.

ثم لعب مع الصين فخسر صفر/1 ثم فاز 3/1، ولعب مع قطر فخسر 1/3 ثم فاز 4/صفر ولعب مع طاجيكستان ففاز 1/صفر و2/1.

الملاحظة التي سجلناها وخصوصاً بلقاءي الصين وقطر أننا نخسر أولاً ثم نفوز وهذه بطبيعة الحال قد تشير إلى أن الرهبة قد تسكن لاعبينا في المواجهة الأولى مع منتخب جديد أو أن المدرب يتأخر في اكتشاف قدرات المنتخب المنافس من المباراة الأولى.

في جلسة وداع المنتخب مع اتحاد كرة القدم كان الوعد بالمكافآت المالية على ثلاث مراحل، المكافأة الأولى بالتأهل إلى دور الثمانية، المكافأة الثانية بالتأهل إلى نصف النهائي وهي ستضعنا في مونديال الشباب والمكافأة الثالثة الفوز بالبطولة.

المدرب الهولندي وعد ببذل أقصى الجهد لرسم البسمة على شفاه محبي الكرة السورية وحدد هدفه بالوصول إلى نصف النهائي والتأهل إلى كأس العالم مؤكداً أن الكرة فيها فوز وخسارة وأن منتخبه وصل إلى جاهزية معقولة.

الخطوة الرابعة

الخطوة الرابعة كانت في المعسكر الأخير قبل البطولة في طاجيكستان وفيها رسم المدرب الهولندي الخطوط العريضة لدخول البطولة واختار التشكيلة النهائية التي سيشارك بها.

والقرعة بطبيعة الحال وضعت منتخبنا بمواجهة البلد المستضيف بلقاء افتتاحي صعب، وأغلب التوقعات كانت تشير إلى خسارة منتخبنا والبعض الآخر توقع أن يحقق التعادل، لكن المنتخب خسر المباراة صفر/2 وكانت خسارة مستحقة، الهدف الأوزباكي الأول جاء من مباشرة وهو لا يرد، والهدف الثاني من خطأ دفاعي ساذج.

المدرب اعترف بالخسارة وأكد أن المنتخب لعب مباراة جيدة ولا يستطيع لوم اللاعبين لأنهم حاولوا مراراً وقاتلوا دون أن يسجلوا.

مثل المنتخب في هذه المباراة: مكسيم صراف، محمود النايف، المقداد أحمد، محمد عثمان، خالد الحجة، عامر فياض، محمود مهنا (الياس سفر) مالك جنعير، هوزان عثمان (محمد أسعد)، محمود الأسود، زكريا رمضان (مصطفى عبد اللطيف).

الصدمة كانت في المباراة الثانية التي خسرها منتخبنا أمام إندونيسيا بهدف، وفيها وضع المدرب اللوم على اللاعبين، وقد أعجزه تفسير أسباب الأداء السيئ الذي قدمه المنتخب، رغم أن التحضير للمباراة كان جيداً والعقلية كانت جيدة في غرفة الملابس، ووصف المباراة بأنها أسوأ مباراة يخوضها المنتخب في الأشهر الثمانية الأخيرة.

مثل المنتخب في هذه المباراة: مكسيم صراف، محمود النايف، المقداد أحمد (مهند فاضل) محمد عثمان، خالد الحجة، عامر فياض (محمود مهنا)، مالك جنعير، الياس سفر (زكريا رمضان) هوزان عثمان (محمد أسعد)، مصطفى عبد اللطيف (حسن دهان) محمود الأسود.

المباراة الأخيرة مع العراق كانت أفضل المباريات، لكنها لم تكن مفيدة على صعيد الترتيب، فكان التعادل بهدف لهدف لا يسمن ولا يغني من جوع وربما الهدف الوحيد الذي سجله زكريا رمضان كان هدف الشرف ليحفظ ماء وجه كرتنا بعض الشيء.

تشكيلة مدربنا في هذه المباراة لم تختلف عن المباراة السابقة والتغيير الوحيد أنه بدأ بمحمود مهنا بدلاً من الياس سفر.

الخطوة القادمة

في كل السنوات الماضية فشلت منتخباتنا القاعدية في مهماتها، فتكون النتيجة بحل المنتخب وصرف كوادره، وبعدها يتم تشكيل منتخب جديد من الصفر بكادر جديد، ونستمر بالتجربة مرة أخرى، وهذا ما أفقد كرتنا الثبات والاستمرار.

اليوم علينا المحافظة على هذا المنتخب ورعايته، فهو يضم الكثير من المواهب والخامات الواعدة التي تستحق العناية والرعاية والدعم لتكون جيل كرتنا الجديد المؤسس بشكل جيد.

الفشل وخيبة الأمل لا يعنيان أن نفقد الثقة بكرتنا والخطوات التي يتم فيها بناء كرتنا من القواعد.

علينا دراسة المشاركة وتقييمها بشكل دقيق وتبين أماكن الخلل وإصلاح الأخطاء ليتم تفاديها مستقبلاً، وقد يكون الخلل في الأندية التي تؤهل القواعد بشكل خاطئ أو عدم اهتمام.

البناء بالمحصلة العامة والتطوير بحاجة إلى جهد الجميع، ولا يتحمل مسؤولية هذا الخروج الحزين من النهائيات الآسيوية طرف واحد، إنما يتحمله الجميع.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن