اقتصاد

أجمل الأيام لم تأتِ بعد..!

| هني الحمدان

سنوات عجاف مرت، كان أقساها السنتين الأخيرتين، ونخشى ألا تكون الثالثة بشدة القسوة التي نكابد جميعاً تبعات وويلات الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة..!

وهنا أطرح السؤال الآتي: هل ستستمر الأيام بقسوتها أم إن القادم يحمل للجميع الخير والاستقرار وعيشة مقبولة..؟

هل نستطيع أن نقول: إن أجمل الأيام لم تأتِ بعد أم إننا نبقى في حيّز التشاؤم القاتل الذي بدّد الأحلام وزرع الخوف والقلق في صدور أغلبية المواطنين من مستقبل غامض..؟

الواقع الذي عشناه منذ سنوات مربك ومرتبك، وحتى في سنوات البحبوحة كانت المنغصات وبعض التحديات قائمة، لتفشّي ظواهر سيئة في بعض الأعمال والمشروعات، فلا انعكاس إيجابياً على حياة المواطن بذاك المستوى، لا رواتب كانت جيدة ولا خدمات مقبولة، فأيامنا السابقة كانت عادية، لم تكن ربيعاً كما يقولون، ولو كانت كذلك لما وصلنا إلى ما نحن عليه من ضيق في الحياة وضيق في الصدور والحلول..!

نأمل أن يكون القادم أفضل، ونخشى ألا نغرق في حجم التفاؤل في ظل تعرّي الوقائع والمؤشرات، فهي واضحة، وتنذر بعكس ما يلج في الصدور من آمال يبدو أنها ستبقى أحلاماً.

لا يزال قطاعا الزراعة والصناعة يعانيان أموراً كثيرة، وهما المرفقان الأساسيان لحصول طفرة إنتاجية. اليوم واقع الزراعة لا يطمئن، فالجفاف من انحباس للأمطار وتغيرات مناخية عاصفة يفرض إيقاعاً من نوع آخر، البوادر تشير إلى حجم المخاوف الكبير الذي يلف صدور الفلاحين وفكر المعنيين في وزارة الزراعة على حال المحاصيل والمليارات التي تم زرعها في الأرض. الكل بانتظار رحمة السماء اليوم، جاءت «مطرة» واحدة، صحيح أنها كانت غزيرة لكنها لم تكف، هكذا بدت تظهر للسطح أحاديث ومؤشرات دراسات من لجان رصد ولجان فنية، تنبئ بوقوع خسائر وأن واقع المحاصيل الزراعية لهذا الموسم ليس كما يجب، فالجفاف وانحباس الأمطار تركا أثراً سلبياً في حال المحاصيل البعلية، ويبدو أنها وصلت إلى درجة الخروج من دائرة حسابات الإنتاج كلياً، والمخاوف الآن على المساحات المروية، فهي أيضاً ستتأثر في ظل عدم وصول كميات من المياه لمستويات مرضية في السدود والسدّات والأنهار التي تروي مساحات الزراعات المروية، وهنا الكارثة إذا بقي الانحباس المطري مسيطراً خلال آذار الحالي.

الفلاح زرع، و«الزراعة» أمّنت مستلزمات الزراعة من بذار وأسمدة ومحروقات، ليست بالنسب المطلقة بل ضمن حدود الدعم الحكومي المتاحة، لكن للجفاف وانحباس الأمطار دورهما وكلمتهما الفصل في الحقل الزراعي، ولا يخفى على أي متابع أن من تبعات الجفاف هجر المزارعين للزراعة في ظل ارتفاع التكاليف وقلة الأمطار، فالقصة لن تبدأ بمحصول البصل وتنتهي، إذ إن التوقعات وبلغة الأرقام تشير إلى تراجعات حادّة على صعيد واقع المنتجات الزراعية، وخاصة البقوليات، حيث تشير أرقام «الزراعة» إلى تراجع ملحوظ على صعيد إنتاج محاصيل العدس والحمص والفول، وقسم منها يستورد، وقسم كان يعوض الاحتياجات المحلية عبر زراعته، لكن بسبب الجفاف والتغيرات المناخية خرجت المساحات من الاستثمار الزراعي لهذه المحاصيل، فخلال السنوات العشر الماضية، سنوات الحرب وعصف الجفاف، تراجعت إنتاجية تلك المحاصيل حتى ٢٠ بالمئة، وفي حال بقاء الانحباس بهذا المستوى فـ«على الدنيا السلام»، فلن ننتج حبة واحدة من الحمص والعدس والفول وغيرها، واستعدوا لسيناريوهات تأمينها كلياً من خلال الاستيراد، والخوف اليوم على أهم المحاصيل ألا وهو القمح..

قطاع يحتاج لدعم حكومي سخيّ، وإلا في ظل سيطرة الجفاف فلن نصل لإنتاجية تكفي الاحتياج، وحتى القطاع الرديف «الصناعة» هو أيضاً يكابد كثرة العلل والأمراض، وربما يحتاج لسيناريوهات كبرى لانتشاله، فهل الحكومة قادرة في ظل تحديات ثقيلة..؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن