شؤون محلية

تقليص آلام الوضع المعيشي

| ميشيل خياط

تعاني شريحة كبرى من السوريين آلام وأوجاع الوضع المعيشي، بسبب التضخم المالي الذي جعل القيمة الشرائية للرواتب والأجور ولاسيما للمتقاعدين والعاملين في القطاع العام متدنية جداً، وكأنها -عملياً- غير موجودة على الرغم من أنها ككتلة مالية في الموازنة العامة للدولة ضخمة جداً.

ولم يعد مهماً التركيز على تشخيص الواقع، إذ بات الحال معروفاً للقاصي والداني، وتلك سمة الأسباب أيضاً.

وفي رأيي أن الجهود يجب أن تنصب على الحلول القادرة على إحداث فرق ما، وإنجاز بنى تقوى على مساعدة شريحة ما كان يعرف بذوي الدخل المحدود، على الوصول إلى احتياجاتها الأساسية الغذائية والكسائية والصحية، على نحو أفضل.

كلنا تمنينا ولا نزال نتمنى الحل السريع الحاسم، الكامن في زيادة جيدة و محرزة للرواتب والأجور، لكن ذلك لم يتحقق، واستقر الرأي على-المنحة-، بصفتها في منأى عن أي حسميات، وهي من دون شك، مهمة ومفيدة آنياً، لكنها تبقي على الهوة التي تزداد اتساعاً بين الرواتب والأسعار.

وإذ يتركز الرهان على ثبات نسبي في الأسعار وعدم التلاعب بها، والنأي عن الجشع في الركض وراء الربح، على الرغم من تفاقم الأحوال سوءاً، مع الخسائر الفادحة الفردية والعامة الناجمة عن زلزال السادس من شباط الماضي….!!، فإن الأداء على الأرض موجع، إذ شهدت الأسعار ارتفاعاً كبيراً بعد الزلزال (20_30 بالمئة). هي تتجه يومياً نحو ارتفاع مبهم الأسباب في كثير من الأحيان، وتذهب مع الريح كل نداءات الرحمة والرفق بالعباد، وتعجز دوريات مكافحة فوضى الأسواق عن الضبط، وهي باعتراف الجهات المعنية بها صغيرة الحجم، محدودة الفعالية، فعلى سبيل المثال، تحتاج دمشق إلى 5000 مراقب تمويني، المتوافر منهم 50 مراقباً.!

وقياساً على ذلك فإن الرقم القديم ما يزال واقعياً، 950 مراقباً في كل المحافظات وكنا آنذاك نحتاج إلى 15 ألفاً على الأقل.

ولعل سر هذا العجز يكمن في كثرة الباعة، كثرة كغدق السيل، باعة بالملايين.

إنه لحلم خيالي أن نضبط كل هؤلاء المفتوحة شهيتهم على الربح الهائل لتلبية متطلبات الحياة الرغدة، وهي متطلبات غالية الآن، إنهم بالملايين في الأسواق والحارات وعلى الأرصفة.

الحل الواقعي امتلاك الدولة لمنافذ بيع مضبوطة، تبيع السلع الأساسية بأسعار مشروعة مدعومة وشبه مدعومة.

وعلى الرغم من الجدل الهائل حول هذا الموضوع وأهميته، نجد أن عدد تلك المنافذ المعبر عنها بصالات ومجمعات السورية للتجارة على حاله، آخر رقم أعلن عنه هو 1000 صالة…!!

وعلى الرغم من الإقبال الشديد على المواد المدعومة أو شبه المدعومة (سكر رز برغل زيت نباتي متة)، فإنها تباع في تلك الصالات بطريقة غريبة تقود إلى ازدحام كبير، فهي توزع من نوافذ خارج الصالة، ذات أدراج مهترئة أحياناً، وهذا مدهش وغريب، ذلك أن المهمة الأساسية للصالات، هذا التدخل الإيجابي، وليس بيع البسكويت والسكاكر والشوكولاتة والمعلبات المتنوعة، المتوافرة محتوياتها طازجة في الصالات ذاتها.

إن توسيع قائمة المواد الأساسية المدعومة أو شبه المدعومة لتشمل، الزيت البلدي واللحوم والدجاج والبيض والسمون والشاي والبن، هو السبيل إلى تقليص حدة أوجاع الوضع المعيشي الصعب لدى شريحة كبيرة من المتقاعدين والعاملين بأجر في الدولة والقطاع العام.

ويجب أن يترافق هذا السعي مع عمل جدي باتجاه إنجاز منافذ جديدة –حضارية- تحترم المتعاملين معها، تنأى بهم عن الازدحام- على الأقل.

ثانياً: إن السعي الجدي نحو تقليص آلام وأوجاع الوضع المعيشي الصعب، يحتاج إلى إنجازات جدية، تتيح للدولة قوة أكبر على التدخل لضبط الأسعار، مثل دعم وتوسيع قدرة المؤسسة العامة للدواجن على إنتاج المزيد من البيض والفراريج ودعم وتطوير المؤسسة العامة للحوم، عبر العناية أكثر بالمباقر وحظائر الأغنام.

ثالثاً: زيادة إنتاج مصانع الألبان والأجبان وجميع المصانع الغذائية- العامة- وبيع منتجاتها في صالات ومجمعات السورية للتجارة.

أعتقد أن هذه هي الحلول العملية التي يجب الاشتغال عليها لتقليص آلام وأوجاع الوضع المعيشي الصعب، بدلاً من تكرار كلام لا رصيد له على أرض الواقع، ونداءات تذهب مع الريح.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن