ثقافة وفن

بين الواقع والخيال… قصص قصيرة مرعبة … حكايات تأخذنا لعوالم بعيدة تثير الرعب في النفوس

| مصعب أيوب

فيض من الوساوس التي تسيطر على الإنسان ضمن تناقضات واختلافات كثيرة في عوالم مختلفة متوازية تعكس الانكسارات بين الواقع والخيال، فيستخدم الإنسان الخيال في مواضع كثيرة على أنه إستراتيجية لمواجهة الواقع، فهو فن إبداعي يستخدم أساليب عديدة مع العالم الحقيقي.

كتاب جديد بعنوان: «قصص قصيرة مرعبة» للمؤلف أمين الساطي يقع في 200 صفحة يتمحور حول أعماق النفس البشرية ومعاناتها والكبت ومسبباته إضافة إلى أمراض نفسية وعقلية عدة في قصص قصيرة منفصلة تشترك جميعها في شيء واحد وهو بث الرعب والخوف في نفس القارئ.

خوف من البوح

هناك تخوف من خطورة سيطرة الوهم على الشخص في ظل تخيلات متنوعة في مجتمع يقيد حركة الجميع، ولذلك تطرق الكاتب إلى فكرة تقمص الإنسان لشخصية ما ربما تختلف عن طبيعته كلياً والاندماج بها لإخفاء سلوكيات وميول معينة لا يرغب في إظهارها للآخرين وقد يصل الحال في هذا الإنسان لأن يضيع في تفاصيل هذه الشخصية التي اختارها ويذوب في ثناياها وفق منهجية لا تتوافق مع أفكاره الطبيعية، وهي وسيلة يتبعها الشخص للدفاع عن تصرفاته في حالة الاضطراب النفسي.

ضغوطات الحياة وتحدياتها تؤثر في المشاعر بشكل مباشر ما ينعكس بطبيعة الحال على سلوكياتنا وتخلق في أحيان كثيرة مشاعر الحزن والفرح والاكتئاب وما إلى ذلك من سلوكيات ومشاعر سلبية تشعر الفرد في كثير من الأحيان بضرورة جلد الذات.

أشار الكاتب إلى الصعوبات التي يواجهها الفرد في التعبير عن نفسه خوفاً من الرفض بوساطة الطرف الآخر، أو أن يصبح منبوذاً ومكروهاً وهو بطبيعة الحال سيؤدي للكبت النفسي والانفصال عن الواقع وبالتالي سيواجه الشخص صعوبة في فهم مشاعر الآخرين

أمثلة قريبة

تعمد الكاتب للاقتراب من الواقع باستخدام أسماء أماكن قريبة جداً من الواقع منها المراكز الحكومية المهمة وأسماء مستشفيات عامة وكذلك أسماء بلدان ومحافظات سورية ولبنانية عديدة ومنها ما وجدناه في قصة «حفلة في فندق الشيراتون» وقرية (بتلون) في لبنان ضمن قصة «الحدأة» أو قرية (فاريا) في لبنان ضمن قضاء كسروان بالقرب من ميناء جونية كما في قصة «الحلقة المفقودة» فلم يترك الكاتب المكان عنصراً مجهولاً.

كما أشار الكاتب إلى استخدام سحر الفودو عند الشعوب الإفريقية للتأثير في الأشخاص وهو ما لجأ إليه بطل قصة «الإبرة» ليجعل صديقته تهيم به.

وحدثنا المؤلف أيضاً في كتابه عن الخوف من فقدان السيطرة على العقل الباطن والبوح بأسرار خاصة أو سرية في حالة اللاوعي التي يعيشها الإنسان والثمالة التي تسيطر على المريض في قصة «تحت تأثير البنج».

أسلوب متقن

ركز الكاتب على التفاصيل الدقيقة والصغيرة كما رأينا في روايته السابقة «نبوءة على التلفاز» حيث حدد أوقاتاً معينة وتفاصيل جسم شخص ما أو وصف مفصل لكل صغير وكبير في شارع ما أو النور المنبعث من شق شباك في أثناء الظلام الدامس أو نوع ولون سيارة ما أو توصيف متأن للدخان المتصاعد من السيجارة والذي يرسم أشكالاً غريبة ومخيفة كما وجدنا في قصة «الإبرة».

كما تعمد الساطي اختيار كلمات وعبارات شائقة تدفع القارئ لإتمام القراءة والامتناع عن أخذ نفس عميق ضمن تفاصيل دقيقة توقع القارئ في حيرة من أمره بالتطرق لمغامرات وأحداث كثيرة وغريبة في بيئة معتمة من الإبهام والإيهام.

لم ينسَ كاتبنا التطرق للتكنولوجيا الحديثة من خلال عرضه لبعض القصص التي حدثت باستخدام شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي ومنها «محتالة على المسنجر» و«إنذار من الفيسبوك» و«علاقة على الفيسبوك».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن