من دفتر الوطن

غربة… وعيد الصدق!!

| عصام داري

علينا عدم التسرع في إطلاق الأحكام على الآخرين، وتفهم الأسباب الحقيقية الكامنة وراء بعض القرارات والإجراءات، وخاصة الحكومية منها، التي يعتقد البعض أنها جائرة وتمس حياة المواطنين، وألا نحكم على الكتاب من غلافه.

لا تظنوا أن تقنين الكهرباء-على سبيل المثال- سببه قلة الفيول والغاز والعنفات اللازمة لتوليد التيار الكهربائي، بل هو عمل مقصود الهدف منه تحفيز المواطن على كتابة التاريخ من جديد!.

فالأجداد صنعوا البطولات من دون أن يكون عندهم كهرباء، من الفتوحات العربية التي وصلت إلى الصين شرقاً، وإلى قلب أوروبا وغربها غرباً، إلى الاختراعات التي قدمت للبشرية خدمات هائلة في المجالات العلمية والرياضيات وسواها.

علينـا أن نعيد ذلك التـاريخ المجيد، لكن وجود الكـهرباء يعيق جهودنا، فالناس عندما يكـون لديهم تيار كهربائي تتلهى بالكومبيوتر ووسائط التواصل الاجتماعي وستعتمد على الشبـكة العنكبوتية «أي الإنترنيت» وبالتـالي تتكاسل فلا تقوم بأي عمل «عليه القيمة» كما يقولون، لذا فالتقنين مطلوب بشدة، وطنياً وقومياً لتنشيـط الذاكرة أولاً، ولتنشيــط الدمـاغ كـي يبــدع، وعــدم الاعتمـاد علـى اختــراعــات هذه الأيام -والعياذ بالله- التي تجهض أي عمل يخدم البشرية!.

أما للذين يشتكون من ندرة التدفئة فعليهم أن يدركوا أن للتدفئة مصادر متنوعة، أولها حرارة الإيمان فهي تمنح الجسم والعقل واليقين حرارة ودفئاً لا حدود لهما، ثم عليكم بالاعتماد على أغصان الشجر، وعدم الاعتماد على أغنية فريد الأطرش الذي يكتب على هذه الأغصان أن حبيبه سافر وهجره، فأغصان الشجر تتحول إلى وقود صالح للطبخ والنفخ والتدفئة معاً، من دون انتظار رسالة أسطوانة الغاز اللعينة لمدة ثلاثة أشهر أو أكثر، على حين يتوافر الحطب في كل مكان من بلدنا المعطاء.

نصل إلى نتيجة منطقية مفادها أن الإجراءات الحكومية مدروسة بعناية فائقة وهدفها إسعاد الجمهور والحفاظ على صحة الناس.

فعلى سبيل المثال يظن بعض الناس -وبعض الظن إثم- أن قرارات رفع أسعار المواد الغذائية وغير الغذائية هي عقوبة لأغلبية الشعب الصابر، وهي في حقيقتها علاج صحي بامتياز للمواطنين الجاحدين!.

فمن المعروف في الطب أنه في حال توقف القلب عن النبض فإنهم يعالجونه بضربات كهربائية متتالية لإنعاشه، وجميعنا شاهد هذه الطريقة إما بشكل حقيقي أو في الأفلام والمسلسلات، وقرارات رفع الأسعار هي عملية مشابهة تماماً، فالتيار الكهربائي في الحالة الأولى يولد هزات تنعش القلب وتعيد إليه النبض بالتدريج، وفي الحالة الثانية فرفع الأسعار المرة تلو الأخرى يولد هزات بدن تنعش القلب والروح.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى قد يتساءل بعضنا عن سبب ارتفاع، أو رفع أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء والزرقاء وبكل الألوان، نجيب بكل بساطة: يا ناس، ألا تعلمون أن اللحوم من شأنها جلب الأمراض، منها ارتفاع الكولسترول وحمض البول والسكري والشحوم الثلاثية والرباعية وحتى الخماسية، لذا عليكم الابتعاد عن هذه المواد الضارة بالصحة العامة، وترك الأغنياء يتناولونها انتقاماً لكم منهم لأنهم سبب فقركم وجوعكم وتعبكم.

في ظل كل ذلك نوجه خالص الشكر لحكومتنا الرشيدة الحريصة على صحتنا وصيانة قلوبنا الضعيفة، مع التذكير بأحد مشاهد مسرحية «غربة» في عيد الصدق!.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن