قضايا وآراء

«عقيدة بايدن» سياسة مجدية أم شعارات رنانة؟

| دينا دخل الله

على الرغم من أن الكثير من المراقبين شعروا بتفاؤل كبير عند قدوم الرئيس جو بايدن للبيت الأبيض وطرحه شعار العودة للنهج التقليدي للسياسة الخارجية، وخاصة بعد أربع سنوات من حكم دونالد ترامب وأسلوبه الاستثنائي في التعاطي مع العلاقات الخارجية لأميركا، إلا أن دخول بايدن في صراع معقد مع روسيا والصين بعد مرور سنتين من ولايته، حول هذا التفاؤل إلى نوع من التشاؤم.

لم تقم إدارة بايدن حتى الآن بتفعيل الدبلوماسية واستعادة قوة التحالفات الأميركية كما وعدت، مع أن ولاية بايدن الأولى شارفت على الانتهاء، ما قد يدل على أن الإدارة الأميركية تعاني انفصالاً بين وعودها وأفعالها.

انهالت انتقادات كثيرة على الإدارة الحالية في الملف الخارجي، إذ يقول مراقبون إنها فشلت في إعادة إحياء الدور الأميركي في ملفات مهمة على الصعيد الدولي، ولعل أهمها هو الصين.

وصفت رئيسة قسم دراسات السياسة الخارجية والدفاعية في معهد «أميركان انتربرايز» كوري شاك، إستراتيجية بايدن بأنها «غير متزنة ومفتقرة للمصداقية»، وأضافت: «إن إدارة بايدن لم تف بوعودها بإحياء الدور الأميركي في المسرح الدولي، وإن اعتراف واشنطن بالتهديد العسكري الذي تشكله الصين لم ينتج عنه حتى الآن تغيير كاف في سياساتها المتعلقة بميزانية الدفاع».

إضافة إلى الملف الصيني، هناك الملف الذي له علاقة بالشرق الأوسط، حيث انتقد الكثيرون سياسة الإدارة الأميركية في منطقة الخليج، إذ لم تستطع الإدارة حتى الآن إعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران، كما أنها لم تستطع أن تحافظ على علاقات وطيدة مع المملكة العربية السعودية.

من ناحية أخرى يرى مؤيدو الرئيس الأميركي أن العامين الماضيين شهدا إنجازات كثيرة في السياسة الخارجية الأميركية كاتفاق ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان ووقف إطلاق النار في اليمن، إضافة إلى المصالحات بين تركيا والإمارات، وتركيا وإسرائيل، وقطر والإمارات والبحرين.

قال منسق شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقية وأحد أبرز المؤثرين في سياسة بايدن الخارجية بريت ماكغورك إن «سياسة واشنطن في منطقة الشرق الوسط مبنية على خمسة مبادئ تشكل ما يسمى عقيدة بايدن».

تتألف عقيدة بايدن حسب ما أكد ماكغورك من عدة عناوين، أولاً: الشراكة مع الدول التي تشترك في النظام الدولي القائم على القواعد المعروفة، ثانياً: الردع عبر حماية الملاحة في الممرات المائية الإستراتيجية بمضيق هرمز وباب المندب، ثالثاً: الدبلوماسية عبر الوقوف في وجه التحديات التي تهدد الاستقرار الإقليمي، رابعاً: التكامل عبر بناء روابط سياسية واقتصادية وأمنية مع دول المنطقة، خامساً: القيم عبر العمل على تعزيز حقوق الإنسان والقيم المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة.

اعتاد الرؤساء الأميركيون على تبني عقائد سياسية في تعاملهم مع قضايا الشرق الأوسط، فمثلاً عقيدة ترومان ١٩٤٧ أوجدت دعماً اقتصادياً وعسكرياً لليونان وتركيا لاحتواء توسع الاتحاد السوفييتي، وسار الرئيس أيزنهاور على نهج ترومان ورخص استخدام القوة العسكرية عند الضرورة، وتبنى ريتشارد نيكسون عام ١٩٦٩ سياسة تهدف إلى تجنيب بلاده التدخل العسكري المباشر في الشرق الأوسط مع استمرار الدعم الاقتصادي، أما جيمي كارتر فبنى عقيدته السياسية على استخدام القوة العسكرية للدفاع عن مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

إذاً هل ستساعد «عقيدة بايدن» على تقوية الدور الأميركي في المنطقة؟ أم إنها مجرد شعارات رنانة وخاصة أن التطورات تؤكد أن الدور الأميركي في العالم يواجه تحديات كبيرة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن