ثقافة وفن

الخريطة الرمضانية للدراما السورية … المسلسلات الشامية.. حضور قوي واستقطاب للأسماء اللامعة

| وائل العدس

في أولى الحلقات، استعرضنا ثلاثة مسلسلات سورية، اثنان كوميديان، وواحد فانتازي، في حين نفرد الحديث في الحلقة الثانية عن مسلسلات البيئة الشامية، التي تحضر خلال شهر رمضان بستة مسلسلات، منها اثنان تتمة لأجزاء سابقة مقابل أربعة أعمال جديدة كلياً.

ورغم كل الجدل الذي تثيره، إلا أن هذه المسلسلات تحظى بمتابعة جماهيرية كبيرة لتدر على المنتجين أموالاً طائلة على اعتبارها تجارة رابحة ومضمونة.

وقد أثار هذا النوع من الدراما الكثير من الجدل بما يتعلق بمحتوى القصص التي تسرد وتتناول أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ.

فالبعض اعتبر أن هذه الأعمال تشوه تاريخ دمشق الحقيقي والغني فكرياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً، على حين كان الصراع الأبرز على دور المرأة وكيفية تصويرها وتوجيه أصابع الاتهام إلى أن هذه الأعمال شوهت صورة المرأة الدمشقية وأظهرتها مجرد امرأة ثرثارة وحياتها مُكرّسة للأحاديث الفارغة، إضافة إلى خدمة زوجها، في حين أظهرها التاريخ أنها عنصر فاعل في المجتمع بعد أن كانت ناشطة سياسياً وفكرياً واجتماعياً.

ويعزى اتجاه معظم شركات الإنتاج نحو هذا النوع من الأعمال إلى سهولة تسويقها باعتبارها المطلب الأول للقنوات العربية التي تكسب الملايين من إيرادات الإعلان من وراء هذه المسلسلات.

بل إن بعض شركات الإنتاج هي من تفرض هذا النوع من الأعمال وتمنع التوثيق في أعمال البيئة الشامية، مبررة ذلك بأنها تريد مسلسلاً يتوجه إلى أدنى طبقات الشعب، باعتبار أن فئة «غير المثقفين» أكبر نسبة من المثقفين في الوطن العربي، أي إنها تريد مسلسلاً يتوجه إلى عامة الناس وليس إلى طبقة محددة منه.

لكن هنالك تكرار في البيئة الشامية، وابتعاد عن توثيق الفترة التي يمر بها العمل، إن كان في فترة الاحتلال العثماني، أو فترة الاحتلال الفرنسي، أو حتى فترة الاستقلال.

فالمجتمع الشامي لم يكن كما نتابعه، بل هو مجتمع متحضر جداً وأول وأكثر الشعوب العربية ثقافة، وكان مغايراً تماماً لما قدم في الأعمال الشامية.

وكان لباس أهل الشام غير اللباس الذي يظهر في الأعمال وكذلك تعاملهم، لكن شركات الإنتاج والمخرجين أحبوا اللون الجديد الذي ظهر على الشاشة العربية، وخاصة بعد محبة الناس لذلك، فأصبح بعض الممثلين يزيدون من استعمال الكلمات البيئية العامية القريبة جداً إلى الناس البسطاء الميالين للشر أكثر من ميلهم للخير.

وهناك وجود تشويه للبيئة الشامية والمجتمع الشامي المثقف والمنفتح على الخارج، ولاسيما أن دمشق كانت فيها أكثر من 220 جريدة تصدر في العام وهناك المطابع والأشخاص الذين يسافرون بقصد الدراسة والعلم في أوروبا، كما كان هنالك المثقفات والسياسيات.

فالمجتمع الشامي ظُلم في هذه الدراما وكذلك المرأة الدمشقية، حيث إن الكم الأكبر من النساء الدمشقيات متعلمات ومثقفات، والظلم الذي حلّ بهن في هذه الدراما جاء من خلال إعطاء صورة عن المرأة أنها جاهلة وثرثارة وزوجها متسلط عليها.

هذه الأعمال لم تقدم البيئة الشامية الصحيحة، فهناك محطات هامة في تاريخ المدينة لم تعرض من خلال هذه الدراما، وهذه المحطات غيرت في فترتها مجرى التاريخ الذي مر على هذه المدينة.

إن الأعمال التي قدمت كانت بقصص مفترضة لم يوثق بها التاريخ ولا الحارات وتناولت شريحة صغيرة جداً من المجتمع، ولم يظهر فيها طبقة المثقفين والسياسيين.

وبكل الأحوال ليس كل ما قُدّم ويقدّم عن الشام صحيحاً ولا يعكس بالضرورة واقع البيئة في هذا المجتمع وهذه المدينة، بل هناك معظم الوقت ابتعاد عن ذلك، وعلى قلتها، هناك أعمال قدّمت بعض الوقائع الصحيحة والحقيقية من عمق الحياة في دمشق.

وبعيداً عن كل ما ذكر، شكّلت أعمال البيئة الشامية انتشاراً واسعاً في سورية والعالم العربي وحتى العالمي، واستطاعت أن تجذب نظر المتابع وتجعله متابعاً دائماً لها، لكونها تنقل الحكايات والمعاني الدمشقية التي تتسم بالشجاعة والشهامة والأصالة، ومن أوائل الأعمال التي حققت نجاحاً مبهراً هو «أيام شامية»، لتتوالى بعد هذا العمل سلسلة أعمال شامية منها «الخوالي» و«ليالي الصالحية» وأشهرها سلسلة «باب الحارة» التي وحدت شعوب العالم العربي من خلال تعلقهم وانتظارهم للعمل وخاصة خلال أجزائه الأولى.

إذاً، ستكون النكهة الشامية حاضرة بقوة في الدراما الرمضانية لموسم 2023 من خلال عدة أعمال تبدو متشابهة شكلاً لكنها مختلفة كل الاختلاف في المضمون، علماً أن مسلسلات البيئة الشامية مادة مطلوبة جماهيرياً وإعلامياً وتحتل في كل عام المراتب الأولى من حيث المتابعة والإثارة، لذلك اعتمدت شركات الإنتاج على الأعمال المضمونة بعيداً عن المجازفة.

ومن الواضح أن دراما البيئة الشامية لم تعد حكراً على كتاب ومخرجين محددين بعد دخول أسماء جديدة تخوض تجربتها الأولى في هذا المجال، إضافة إلى أن بعض القضايا المطروحة تبدو جديدة وبعيدة عن اللهجة المعتادة التي تتطرق إلى الزعيم المطلق والعكيد الذي لا يخطئ، وتطرح أحداثاً تثير اهتمام قراء التاريخ الدمشقي العريق.

واللافت هذا العام، نجاح الدراما الشامية باستقطاب كثير من نجوم الدراما السورية والعديد من الأسماء اللامعة والكبيرة والمخضرمة، وإلى تفاصيل هذه الأعمال:

باب الحارة 13

تأليف مروان قاووق وإخراج منال عمران.

بطولة: نجاح سفكوني وسحر فوزي ورضوان عقيلي وحسين عباس وهدى شعراوي وهشام كفارنة وصفوح الميماس وعلي كريم ورامز عطا اللـه وفاديا خطاب وقاسم ملحو ورشا إبراهيم وزامل الزامل ورنا حيدر وباسل حيدر وعادل علي وأيمن بهنسي وأمية ملص وغسان عزب ونزار أبو حجر ومريم علي ومحمد قنوع وأمانة والي وعبير شمس الدين وروعة ياسين وتيسير إدريس وصالح الحايك ورباب كنعان وحسن دوبا وتولاي هارون ومحمد خاوندي وعلا باشا.

في الجزء الثالث عشر من مسلسل (باب الحارة) تنتقل الأحداث من حارة الصالحية إلى حارة الضبع، وتدور الأحداث بعد زوال الانتداب الفرنسي وإعلان سورية دولة مستقلة.

حارة القبة 3

تأليف أسامة كوكش وإخراج رشا شربتجي.

بطولة: عباس النوري وفراس إبراهيم وأمل عرفة ورنا شميس وخالد القيش ونادين تحسين بيك وشكران مرتجى ونسرين الحكيم ورواد عليو وحلا رجب وفادي صبيح ومحمد حداقي ووفاء موصللي وباسل حيدر ومحمد قنوع ويزن السيد وغادة بشور وملهم بشر وحسن خليل ومرح حجاز ومرح حسن وجلال شموط.

حسب المخرجة: «قصة بيت أبو العز لسه ما خلصت، وهالمرة في كتير أسرار جديدة رح تنكشف ما كان حدا متوقعها».

زقاق الجن

تأليف محمد العاص وإخراج تامر إسحق.

بطولة: أيمن زيدان وأمل عرفة وصفاء سلطان وشكران مرتجى وإمارات رزق وسعد مينه وعبد المنعم عمايري ووائل زيدان وشادي زيدان وروبين عيسى وأمانة والي وجيانا عيد وفادي الشامي ونجاح سفكوني وبلال قطان ومديحة كنيفاتي ومحمد قنوع ورامي أحمر وعلاء قاسم ولوريس قزق وإليانا سعد، والعمل يقدم أحداثاً تجري في حي زقاق الجن عام 1900 بقالب البيئة الشامية المعروف، ويروي قصة بوليسية من خلال وقوع جريمة كبرى تشغل الجميع، ثم تلحقها سلسلة من الجرائم الأخرى المرتبطة بالجريمة الأولى وهي من الفاعل نفسه.

العمل دراما بوليسية شائقة ومثيرة عن قاتل متسلسل متخف عن الأعين في حارة دمشقية يظن أهلها أن الجن هم المسؤولون عن تلك الجرائم قبل اكتشافهم للحقيقة الصادمة.

العربجي

تأليف عثمان جحى ومؤيد النابلسي وإخراج سيف الدين سبيعي.

بطولة: باسم ياخور وسلوم حداد وديمة قندلفت ونادين خوري وميلاد يوسف وروعة ياسين ووائل زيدان وروبين عيسى ومحمد قنوع ومديحة كنيفاتي وشادي الصفدي وطارق مرعشلي وتسنيم باشا وفارس ياغي وحسام الشاه وحلا رجب وعلي كريم وأحمد رافع وهدى شعراوي ودلع نادر وفادي الشامي وتولين البكري ومروة بدران وجمال العلي وإيمان عبد العزيز وعبد الرحمن قويدر.

ويندرج العمل ضمن إطار البيئة الشامية، وهو غير مؤطر زمنياً بتاريخ محدد، ويتناول قصة العربجي، الرجل الذي كان ينقل البضائع على العربة في دمشق، ويقع في غرام «ناجية» التي تعمل مغسلة أموات لكنها لا تبادله المشاعر، ويعيش صراعاً للفوز بحبها.

وقد كشف نجم العمل باسم ياخور أنه قد بنيت مدينة ضخمة بطريقة وأسلوب جديد من حيث الديكورات التي تُعبر عن القصة، منوهاً بأن الهدف الأساسي من العمل هو القصة والأفكار المطروحة من خلال مقاربة لمرحلة زمنية وليس توثيقاً تاريخياً لها.

مربى العز

تأليف علي معين صالح وإخراج رشا شربتجي.

بطولة: عباس النوري وسوزان نجم الدين ونادين خوري ومحمود نصر وأمل عرفة ونادين تحسين بيك وخالد القيش وفادي صبيح وروعة ياسين وروزينا لاذقاني وأسامة الروماني وإبراهيم شيخ وحسن خليل وخالد سكر وعلي صطوف وغسان عزب وكرم الشعراني وأيمن عبد السلام وشادي الصفدي ووفاء موصللي ووسيم السلاخ وجرجس جبارة وساندرا ميهوب وزهير عبد الكريم ومجموعة من الأطفال.

وكشفت شربتجي أن المسلسل حكاية شعبية شائقة من قلب الشام، جربنا أن نخلق فيها متعة وحبكة حلوة مع نجوم سوريين كبار، أتمنى أن تقضوا معهم أوقاتاً ممتعة بالشهر الفضيل.

حواري الخير

تأليف مروان قاووق وإخراج ظهير غريبة.

بطولة: عبير شمس الدين ونزار أبو حجر وأندريه سكاف وأمية ملص وفاتح سلمان وحسام عيد ومحمد خاوندي وسعد مينه وإيمان عبد العزيز وليث المفتي ووليد حصوة وأميرة خطاب وفاضل وفائي وجانيار حسن ورضوان عقيلي.

العمل عبارة عن خماسيات تدور في إطار البيئة الشامية، تتناول قضايا ومواضيع اجتماعية بحتة، ويتحدث عن الحياة في حارات الشام القديمة، والبيئة الشعبية وكيف كانت تسود مشاعر المحبة والأخوة علاقات الأفراد، كما يقدم العِبَر من خلال القصص التي تعكس الصراع بين الخير والشر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن