اقتصاد

الإدارات الرسمية

| هني الحمدان

تتسابق الدول، وخاصة حكوماتها النشطة، بجعل الاستشراف للمستقبل وانعكاس خططها الاقتصادية أداة طيّعة وذات إنتاجية، تراعي فيها كل المتغيرات التي قد تحصل أثناء مسيرة ترجمتها على أرض الواقع، فهذا الاستشراف يعد أداة نجاة وتطوّر في النواحي الاقتصادية والاجتماعية خاصة، ومن دون أدنى شك أنه يفيد عندما يكون استشرافاً لمستقبل منظور السياسة والعلاقات مع الدول وانعكاس تلك العلاقات على معيشة العباد وأحوالهم .

ربما يقول قائل: إن الإيغال بموضوع الاستشراف وقراءة المستقبل قد تسبّب ببعض الإشكالات إذا لم يتم التعامل مع مدخلاتها بحرفية وإتقان لكل التفاصيل، وصولاً للأهداف المحددة. فأي تصوّر مرتكز على أسس سليمة تراعي الخصوصية والمتغيرات، ربما يحقق انطلاقة على صعيد حركة وتائر الإنتاج بعيداً عن أي مطبات قد تبرز، وتحقق هذه الانطلاقة النجاح عندما تتهيأ الساحة والأجواء المناسبة للعمل، من بيئة تنعم بالاستقرار وانفراجات على صعيد السياسة وعلاقات الدول فيما بينها.

اليوم الحراك السياسي السوري لا يهدأ.. هو في مرحلة جديدة تؤسس لإستراتيجيات مهمة على كل الصعد مع بعض الدول العربية والأجنبية الصديقة، يبني قواعد على أرضيات صلبة، تفتح أبواباً ومجالات رحبة، سيتجلى انعكاسها وبلا أي شك خيراً مع قادم الأيام، مرحلة أساسها قراءة الواقع ومفرزاته، ليس على الصعيد المحلي بل على متغيرات وأحلاف العالم بمنظوماته، سعياً منها لوضع لبنات داعمة للعلاقات القائمة مع بعض الدول وإعادة العلاقات وفق صيغ صحيحة، منطلقة من أرضية الخير والتعاون والرؤية للمستقبل للتغلب على أي تحديات وإشكالات.

اليوم الإدارات والمؤسسات، وأخصّ هنا الاقتصادية والمعنية بحياة ومعيشة المواطن، مطالبة بهيكلة خططها الإستراتيجبة على مستوى اقتصادها الكلي ومفرداته الجزئية حتى، ولا ضير أن توسع دائرة المعرفة في أي من مراكز الأبحاث والتخطيط الإستراتيجي المستقبلي لبلورة صبغة وهوية جديدة لنهج اقتصادها، ترفد خططها وبرامج عملها برؤى شخصية أو لمراكز أبحاث واستشراف لتعزيز وتشبيك ما خلصت إليه خطط عملها، بحيث تنعكس بفوائد على أي مخرجات حكومية.

إيلاء الأهمية للدراسات ومخرجات الاستشراف، بمعنى قراءة المستقبل بعين واقعية صحيحة، ضرورة لا بد منها في يوم تغيّر فيه كل شيء، حتى الفلسفات شملها التغيير وطرق المعالجة، وكل ذلك يجنب الإدارات والمؤسسات طابع النمطية المتحجرة، فأي نهج بلا رؤى تحدد مسيرته وهدفه مصيره الفشل، وربما الدمار لأي مسعى أو نهج إنتاجي واقتصادي، وبعد سيل التحديات التي عانت منها سورية بعد سنوات الحرب والحصار وضعف اقتصادها وتعثر قنوات نموه، حريّ بكل السياسات أن تكون غنية، ذات طروحات شاملة ومحددة، تراعي الواقع الاقتصادي الحالي وكل عوامل ومقومات النهوض، وحال الاقتصادات العالمية وتغيراتها ومدى ارتباطها وتأثرها بعلاقات التعاون الاقتصادي مع بعضها.

التغيرات على صعيد السياسة وتوجهاتها تفتح مجالات رحبة وواسعة من التعاون والاستقرار، وتهيّىء لبيئات مناسبة أمام الإدارات والمؤسسات الرسمية لتأخذ دورها كما يجب، عبر التعاطي والأداء الجيد، وهيكلة خططها الآنية والإستراتيجية بصوابية وبعين من المسؤولية الكبرى، ووضع خطط تستند إلى خبرات ومراكز الأبحاث والباحثين والعلماء.

لدينا مجالات رحبة للعمل، لكن المعلومات حول كيفية تسخيرها واستثمارها لم تكتمل وتتبلور صورتها، وأقصد هنا مجال الطاقة وأبحاثها وأهدافها، أين خطط مؤسساتنا الداعمة لهذا المرفق الأكثر من مهم؟ لماذا لا يزال محصوراً بأفقه وحيزه الضيق يا ترى..؟

أخيراً، النجاحات السياسية تتوالى يوماً بعد يوم، وعلى الإدارات في المرفق المحلي أن تضع في حساباتها وتوجهاتها مسائل معاصرة مهمة، من خلال برمجة محركات تفاعل وأداء أكثر عصرية، وأن تعرض خططها لكل عمليات التقويم والمتابعة وتبني أسساً أكثر تسارعاً ودقة، وتجهز كل ما من شأنه أن يكون جاذباً لرأس المال الاستثماري وهذه بوابة فتح الاستثمار الذي يحتاجه الاقتصاد والمواطن السوري.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن