الرئيسان الروسي والصيني أكدا تنمية العلاقات الإستراتيجية.. وواشنطن رفضت دعوات بكين للهدنة في أوكرانيا … بوتين: بكين تنطلق من أن مبدأ العدالة والأمن غير قابل للتجزئة … شي: نحن شركاء.. ونقف إلى جانب موسكو لحماية القانون الدولي
| وكالات
أكد الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينغ خلال لقائهما في العاصمة الروسية موسكو على متانة العلاقات بين البلدين وضرورة تعزيز مسار تنميتها في وقت شدد فيه الأول على أن بكين حققت قفزة هائلة في تنمية البلاد في حين أكد الثاني وقوف الصين إلى جانب روسيا «لحماية القانون».
الرئيس شي بدأ في وقت سابق أمس زيارة إلى روسيا تستمر حتى يوم غد من المقرر أن تركز على العلاقات بين الجانبين إضافة إلى التطورات في المنطقة ولاسيما الحرب في أوكرانيا ومبادرة الصين للتوصل إلى حل للأزمة الأوكرانية.
وعقد الرئيسان وفق ما ذكرت وكالة «سبوتنيك» أمس، مباحثات في الكرملين بعد ساعات من وصول الرئيس الصيني إلى موسكو، أكد خلاله بوتين أن الصين حققت خلال السنوات الأخيرة، قفزة هائلة إلى الأمام في تنميتها، وهذا أمر له اهتمام حقيقي في جميع الأنحاء، وأضاف بوتين: «إنه تم اتخاذ خطوات مهمة في تطوير العلاقات بين روسيا والصين على مدى السنوات العشر الماضية، حيث تضاعف حجم التجارة بين البلدين، ويبلغ الآن 185 مليار دولار.
وأبلغ الرئيس الروسي نظيره الصيني أنه قرأ بعناية خطة الصين لحل الوضع في أوكراني، وقال: «بالطبع ستتاح لنا الفرصة لمناقشة هذه القضية. نحن نعلم أن الصين تنطلق من مبادئ العدالة ومراعاة الأحكام الأساسية للقانون الدولي، والأمن غير القابل للتجزئة لجميع الدول».
بدوره، اعتبر شي خلال الاجتماع أنه بفضل قيادة الرئيس بوتين، أحرزت البلاد تقدماً كبيراً في ازدهار الدولة، وأن الشعب الروسي يقف إلى جانب الرئيس ويدعمه وقال: «أنا متأكد أن الشعب الروسي سيدعمك بقوة في مساعيك الجيدة». مضيفاً: إنه يجب أن تكون هناك علاقات وثيقة بين الصين وروسيا.
وقال الرئيس شي: «يولي الجانب الصيني اهتماماً كبيراً لتنمية العلاقات الصينية الروسية، لأن لهذا منطقه التاريخي الخاص، فنحن أكبر دول الجوار، ونحن شركاء في التعاون الإستراتيجي الشامل، وعلاقات بلدينا وثيقة».
ولدى وصوله إلى مطار فنوكوفو الدولي في موسكو، أعرب الرئيس الصيني في تصريح له عن استعداد بلاده للوقوف إلى جانب روسيا «لحماية القانون الدولي»، وقال: «أنا سعيد للغاية بالعودة إلى أرض جارتنا القريبة في زيارة دولة، بدعوة من الرئيس فلاديمير بوتين، وبالنيابة عن الصين حكومة وشعباً، أعرب عن خالص تحياتي وأطيب تمنياتي لروسيا حكومة وشعباً».
وحسب موقع «روسيا اليوم»، أكد الرئيس الصيني في تصريحه أن زيارته إلى موسكو ستكون مثمرة وتعطي دفعة جديدة لتطوير العلاقات مع روسيا.
وفي وقت سابق، أعلن المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، أن الرئيسين سيتطرقان إلى مبادرة السلام الصينية بشأن أوكرانيا، لافتاً إلى أن بوتين سيحيط الرئيس الصيني بموقف روسيا من التسوية للأزمة الأوكرانية، قائلاً في تصريح صحفي: «بالطبع، سيقدم الرئيس بوتين موقف الجانب الروسي بشأن تسوية الأزمة الأوكرانية».
وأوضح المتحدث باسم الكرملين أن الزعيمين سيجريان محادثة ثنائية، خلال مأدبة غداء غير رسمية، و«سيكون هناك (أمس) الإثنين لقاء بين الرئيسين غير رسمي، ولكنه مهم للغاية بين بوتين وشي».
كما أفاد بأنه (اليوم) الثلاثاء ستُعقد لقاءات رسمية بين الرئيسين، وسيتم إعداد بيانات للصحفيين.
ووفقاً لخبراء، فإن زيارة الرئيس شي ستضع الأساس لتنمية العلاقات الصينية الروسية في السنوات الخمس المقبلة، إضافة إلى تعميق التفاهم المتبادل بين موسكو وبكين حول القضايا الدولية والإقليمية الرئيسة.
وتشهد العلاقات الروسية – الصينية تطوراً مطرداً، حيث حققت التنمية المستدامة للعلاقات الثنائية منافع للجانبين، وعززت الاستقرار في العالم المضطرب، وأكدت الدولتان في أكثر من مناسبة أنهما تعارضان بقوة الهيمنة والحرب والدفع نحو حرب باردة جديدة، كما أنهما تلتزمان بشدة بتعزيز عالم متعدد الأقطاب وعلاقات دولية أكثر ديمقراطية، وذلك في الوقت الذي تسعى فيه بعض الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، إلى إحياء عقلية الحرب الباردة وفرض نظام وتوجه سياسي على الدول الأخرى.
وقبل وصوله إلى موسكو، اعتبر الرئيس الصيني، في مقال لوكالة «نوفوستي» وصحيفة «روسيسكايا غازيتا» الروسيتين، «أنّ المشاكل المعقدة ليس لها حلول بسيطة»، ولكن سيكون هناك مخرج إذا كان هناك حوار متساوٍ، في إشارة إلى الحرب في أوكرانيا.
وقال شي في مقاله: إن بكّين مقتنعة بأنه سيتم العثور على «مخرج عقلاني» من الأزمة الأوكرانية، إذا استرشد الجميع بمفهوم الأمن المشترك والمتكامل والمستدام، وواصلوا الحوار والمشاورات «بطريقة متساوية وحكيمة وعملية».
وبالنسبة لموقف الصين بشأن التسوية السياسية، أكد شي أن بكين مع مراعاة «المخاوف العقلانية لجميع الأطراف»، وهو ما يعكس إلى أقصى حد وحدة وجهات نظر المجتمع الدولي بشأن التغلب على «الأزمة الأوكرانية»، مؤكداً أن «الرؤية الصينية عامل بناء في تحييد عواقب الأزمة وتعزيز التسوية السياسية».
في المقابل، سارعت الولايات المتحدة قبل بدء الرئيس شي زيارته لموسكو إلى إعلان رفضها أي دعوات صينية «محتملة» لهدنة في أوكرانيا في أعقاب الاجتماع (المرتقب) بين الرئيس الصيني والرئيس الروسي.
وفي مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» الأميركية، قال منسق الاتصالات الإستراتيجية لمجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي: «إذا أدى اجتماع الإثنين بين شي وبوتين إلى أي دعوة لهدنة، فسيكون ذلك غير مقبول، لأنه يعتبر تصديقاً على الغزو الروسي»، وذلك وفق ما نقلت وكالة أنباء «الأناضول» التركية.
وأضاف كيربي: إن «موسكو وبكين تريدان الإخلال بالنظام العالمي، وإعادة كتابة قواعد اللعبة على المستوى العالمي».
وفي 24 شباط الماضي، كشفت الصين عن مقترح لتسوية الأزمة بين روسيا وأوكرانيا سلمياً، وشددت على ضرورة استئناف «الحوار المباشر» بين البلدين في «أقرب وقت».
من جهة ثانية وصف بيسكوف قرار المحكمة الجنائية الدولية ضد بوتين بأنه «مظهر عدائي صريح»، وقال: «إننا نلاحظ الكثير من المظاهر العدائية العلنية في العالم ضد بلادنا ورئيسنا، وإذا تم أخذ كل من هذه المظاهر العدائية على محمل الجد، فلن يأتي منها أي نفع. نحن نتعامل بهدوء ونرصد كل شيء بعناية، ونواصل العمل. والأهم من ذلك أن الرئيس يواصل العمل».
بموازاة ذلك، أكد تقرير صادر عن وزارة الخارجية الصينية حول «حالة الديمقراطية الأميركية عام 2022» أن الولايات المتحدة خلفت سلسلة من الخراب والكوارث خلال محاولاتها الترويج وفرض ما تعتبره «ديمقراطية» في جميع أنحاء العالم.
وذكرت وكالة «شينخوا» أن التقرير الذي يستند إلى الحقائق وتعليقات وسائل الإعلام وآراء الخبراء يكشف أن «الديمقراطية الأميركية كانت في حالة من الفوضى في الداخل، العام الماضي، حيث استمرت الحلقة المفرغة من الذرائع الديمقراطية والسياسات المختلة والمجتمع المنقسم في الولايات المتحدة».
وأوضح التقرير أن المشاكل مثل سياسة المال وسياسات الهوية والانقسامات الاجتماعية والفجوة بين الأغنياء والفقراء تفاقمت، وأن الأمراض التي تصيب «الديمقراطية» الأميركية أصابت بعمق خلايا السياسة والمجتمع الأميركي، وكشفت بشكل أكبر عن إخفاق الحوكمة الأميركية والعيوب المؤسسية.
وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من كل هذه المشكلات ترفض الولايات المتحدة الاعتراف بالعديد من المشاكل والأزمات المؤسسية التي تواجه ديمقراطيتها في الداخل، وتدعي بعناد أنها نموذج ومنارة الديمقراطية للعالم، مشدداً على أن مثل هذه الهيمنة تسبب عواقب وخيمة على البلدان الأخرى.