من دفتر الوطن

الوزير الآدمي!!

| عبد الفتاح العوض

ثمة نظريتان تتصارعان حول قدرة الفرد على التغيير…

النظرية الأولى فحواها أن الفرد يسلك السلوك الذي يتوقعه منه الآخرون. وتوابع هذه النظرية أن كل فرد أسير المجتمع الذي يعيش فيه ولا يستطيع الفرد أن يقوم بالتغيير لأنه مجرد تابع للمجتمع أصحاب هذه النظرية توصلوا إلى تعبير خاص يلخص نظرتهم إلى الفرد حيث قالوا إن من يظن بأن للفرد دوراً ما بالمجتمع مصاب بمرض «وهم الفردية». وذهبوا أبعد من ذلك عندما قالوا إن الفرد الواحد لديه عدة شخصيات وكل شخصية تتأقلم مع المجتمع الذي تعيش فيه.

النظرية الثانية ترى أن الفرد أساس التغيير في أي مجتمع، ولا يوجد مجتمع تطور أو تغير إلا من خلال فرد بادر وقدم فكرته وحارب من أجلها حتى أقنع الآخرين.

القضية هنا ليست نقاشاً فكرياً.. بل الأمر يتعلق بنا كسوريين وهل يمكن أن يكون التغيير الفردي هو بداية انطلاق تغير مجتمعي نحتاجه الآن أكثر من أي وقت مضى بعد هذه المرحلة الحرجة والصعبة التي أصابت كل شيء في مجتمعاتنا.

بمعنى أوضح نحن نحتاج إلى أفراد من نوع خاص لديهم القدرة على المبادرة ولديهم القدرة على التعبير من الرأي الشخصي سواء أعجب الآخرين أم لم يعجبهم وهذا أمر له علاقة بحرية التعبير وحق إبداء الرأي وهي التعابير التي قرأناها لكننا لم نمارسها بالصبغة التي تساعد على تطور المجتمع.

لنوضح الأمر أكثر.. هل المسؤول الذي يخشى أن يبدي رأيه أو يخاف من أن يخرج عن النص ويبادر في طرح أفكار مختلفة أكثر نفعاً من ذلك المسؤول الذي يجيد الصمت وإن تكلم فإن أفضل ما يقوله «حاضر»!!

بكثير من الصراحة والواقعية في فترة الحرب وهي طويلة لا يمكن الاعتماد على الأشخاص الذين يجادلون كثيراً فالوقت لا يسمح بأن يكون المسؤولون من هذا النوع الذي يتصرف وحده أو يعطل بالنقاش غير المفيد قضايا لابد منها على الرغم من صعوبتها. المسؤول في أثناء المعركة يمتلك عقل الجندي الذي ينفذ حتى دون «ثم اعترض».

لكن الآن ونحن نخرج من هذه المرحلة الصعبة مع أن أشكال الحروب تتغير لكنها تبقى حروباً إلا أننا نحتاج إلى أفراد يمتلكون ملكات خاصة أساسها المبادرة والقدرة على طرح أفكار جديدة والإيمان بقدرة الفرد على التغيير.

الأفراد يستطيعون أن يجعلوا المؤسسات أكثر مرونة وحركة عندما يكونون فاعلين وهناك أشخاص استطاعوا أن يغيروا عقليات وسلوك من حولهم ولدينا مسؤولون لا يستطيعون تغيير أو التأثير على أهل بيتهم.

في صفات المسؤولين للمراحل المثقلة بالأحداث نحتاج فعلاً إلى ميزات مختلفة تجعل من الممكن للفرد أن يكون محركا لإدارة الفريق.. بمعنى لديه ميزات القائد وليس خصائص الموظف ولا أدري إن كانت المؤسسة الإدارية تتقبل هذا النوع من المسؤولين أم لا؟

نحتاج وبشدة مسؤولاً آدمياً وأكثر وليس آدمياً وكفى..

أقوال:

– يكون الفرد أفضل كلما كثرت تجاربه لأنه جرب أشياء كثيرة بما فيها الأخطاء.. أنا لا أنصح بترقية لوظيفة متقدمة إذا لم يكن هذا الرجل يقع في الأخطاء وإلا فسيكون هذا الرجل تقليدياً متواضع المستوى.

– هناك شخص سري سليم في كل فرد.

– القائد هو الذي يجعل الآخرين يثقون به، أما القائد المميز فهو الذي يجعل الآخرين يثقون بأنفسهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن