قضايا وآراء

تدمر ترفض الأسر… وزنوبيا على عرشها

ميسون يوسف

 

لأنهم ضد التاريخ وضد الحضارة وضد الإنسانية، قادتهم غرائزهم ووحشيتهم وقبل ذلك أوامر أسيادهم الذين يضعون الخطة تلو الأخرى في مسلسل العدوان على سورية والأمة والمنطقة، قادهم كل ذلك إلى تدمر إحدى عواصم الحضارة والتاريخ، العاصمة التي قادتها زنوبيا يوماً لتقدم مثالاً نموذجياً على حق المرأة في السياسة وبالمساواة مع الرجل قبل أن يتحدث عن هذه المساواة أحد.
ذهبت عصابات الإرهاب إلى تدمر المتربعة في الصحراء على عرش الكبرياء والعظمة تنتظر الشمس في شروقها في أبهى المناظر ثم تودعها عند الغروب في مشهد ساحري يجذب إليه السياح من كل أقطار الدنيا.. فتدمر مدينة الآثار والسياحة المميزة، لم يحد من فعاليتها الثقافية والسياحية بعدها عن دمشق أو حمص (تبعد 215 كيلومتراً عن مدينة دمشق إلى الشمال الشرقي منها، وتقع على بعد 150كم إلى الجنوب الغربي من نهر الفرات و160 كيلومتراً شرق مدينة حمص) ولم يؤثر في نشاطاتها موقعها في قلب الصحراء فجارها الفرات دائماً حاضر لترطيب جوها خلافا للجفاف واليباس الذي ينشده الإرهابيون ويسعون إليه.
اتجه الإرهابيون إلى تدمر فخاف عليها من يعرف قدرها، وكانت الصرخة – التحذير أولاً من المعنيين بالآثار في سورية حيث وصفوا احتمال تدميرها «بالكارثة العلمية» والتاريخية والحضارية التي يجب ألا تقع، أما المديرة العامة لليونسكو ايرينا بوكوفا فقد دعت وبإلحاح شديد إلى حماية ما سمته «جوهرة المواقع الأثرية في الصحراء السورية والمدرجة في قائمة التراث العالمي» وتلاقت في صرختها مع آخرين في صرخة واحدة «أنقذوا تدمر».
نعم يجب أن تنقذ تدمر من الهمج الرعاع أعداء الإنسانية والحضارة، تنقذ المدينة التي يعني اسمها أنها «بلد المقاومين» باللغة العمورية و«البلد التي لا تقهر» باللغة الآرامية السورية القديمة، تنقذ المدينة التي فيها متحف يضم الآثار العريقة من تماثيل ومجسمات ومخطوطات ونقوش ولقى أثرية مهمة وفيها المتحف الشاهد على التقاليد الشعبية الذي يجسد تراث البادية، وتستضيف سنوياً مهرجاناً سياحياً تتفاعل فيه الأنشطة الفنية بمشاركة فنانين سوريين وعرب وفرق فنية في تعدد من الفعاليات الثقافية والأدبية والسهرات السياحية.
وكان الجيش العربي السوري الحاضر دائماً والمدافع عن الوطن وجوداً وعن تاريخه وحضارته بقاء، فهب لنجدة تدمر ومنع الغوغاء من مسها، فصانها للإنسان والوطن والتاريخ، أبعد عنها الرجس والخطر، فكانت سواعد أبطال الجيش والدفاع الوطني سورا يحمي المدينة وأثارها التي نجت، واستمرت زنوبيا على عرشها منيعة وطرد الإرهاب من محيطها لتؤكد تدمر مرة أخرى أنها مدينة العزة والمقاومة والنصر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن