شؤون محلية

هجروا أحياء شرق المدينة إلى غربها بعد الزلزال … المسحراتية يطلّون بخجل في رمضان حلب وصور «السيلفي» محببة معهم!

| حلب- خالد زنكلو

أطل مسحراتية حلب في شهر رمضان الجاري بخجل وعلى استحياء في أحياء شرق المدينة، والتي نالت حظاً سيئاً من الزلزال المدمر الذي ضرب المدينة في ٦ شباط الماضي.

وهجر معظم هؤلاء حاراتهم وأزقتهم في المدينة القديمة وشطر المدينة الشرقي إلى نظيره الغربي ذي السكن الحديث، ليتحول الطقس الرمضاني المحبب للمسحراتية إلى مهنة خاصة بشهر الصوم تدر أرباحاً من «العيديات» بدل الهواية والعمل التطوعي المميز للوظيفة التراثية.

وعلى الرغم من انتفاء الحاجة إلى وظيفة المسحراتي مع التطور التقني الحاصل، إلا أن تفرد وتحبيذ الطقس الرمضاني لدى جيل الآباء، بخلاف أبنائهم، شجع بعض المسحراتية على مداومة عملهم بسبب الحاجة إلى جمع المال وليس حباً بالمهنة التراثية وتزلفاً لعادات وقيم الشهر الفضيل.

ودرج مسحراتية شهر الصوم، كما هو الحال في رمضان الحالي، على قضم الأسبوع الأول من الشهر بدون الخروج إلى الشوارع حاملين طبلتهم أو «دربكة» صغيرة ومرددين عبارات تحض على السحور والعبادة مثل «قوموا ع السحور وصلوا ع الرسول» و«يا نايم وحّد الدايم».

كما جرى العرف في أشهر رمضان الأخيرة أن يقتصر عمل المسحراتي في الأسبوع الأخير من الشهر على جمع «العيديات» عبر قرع الأبواب للتعريف بنفسه على أنه مسحراتي الحي، الذي كان مشهوراً ومعروفاً لدى سكان الحارات القديمة ومعظم قاطني الأحياء الشعبية «ولذلك، سرت قصص عديدة عن انتحال أشخاص لشخصية المسحراتي للاستحواذ على المال بطريقة غير مشروعة»، وفق قول «حمزة. ف» من حي الفرقان الراقي غرب المدينة لـ«الوطن».

وبيّن المسحراتي أبو جميل لـ«الوطن» أنه اضطر للنزوح عقب الزلزال من حيه الصالحين إلى حي سيف الدولة، حيث يقطن مع أسرته في شقة أخيه، جراء تصدع بيته بفعل الزلزال وعدم قدرته على إنفاق أكثر من ٥ ملايين ليرة سورية لترميمه. ويقول: «أشعر بالغربة في الحي الجديد عند الخروج لأداء عملي كمسحراتي، لأن السكان لا يعرفونني ولا أعرف أياً منهم على عكس أفراد حارتي، كما أن مراهقين سبقوني لأداء الدور ذاته كمسحراتية من دون أي دراية بالمهنة».

في حي شارع النيل، أشار «عبد القادر. ق» لـ«الوطن» إلى أن مهنة المسحراتي الظريفة والتي تحمل معانٍ روحانية في الشهر الفضيل «فقدت قيمتها وبريقها مع مداومة أفراد العائلة على السهر حتى السحور لمتابعة المسلسلات الرمضانية على الفضائيات، ثم على أجهزتهم الذكية مع توقف عمل مولدات الأمبير، ولم يعودوا بحاجة إلى من يوقظهم من النوم وقت السحر».

ولفت «خالد. ر» من سكان حي حلب الجديدة شمالي لـ«الوطن» إلى أن مسحراتي الحي «الجديد على المهنة، يجوب شوارع الحي الواقع غرب المدينة مهرولاً «بدل أن يقطعها بتأن وعلى رواق، وذلك كي يمر بأكبر عدد ممكن من شوارع الحي المتسع، بهدف تحصيل الإكرامية في نهاية رمضان من أكبر عدد ممكن من قاطني الأبنية السكنية..»!.

وقال إنه حاول مراراً اللحاق بالمسحراتي «كي يلتقط أولادي الصغار صور سيلفي معه لتبقى ذكرى محببة في ألبوم صور العائلة، لكنه يمر مسرعاً ولم نتمكن إلى الآن من إيقافه أو مواكبة خطواته»!

أما في أحياء شرق المدينة، وفي ضهرة عواد بالتحديد، فغاب طقس المسحراتي عن الحي بعد أن نزح المسحراتي الخاص به إلى أحد مراكز النزوح، التي تأوي المتضررين بالزلزال «دون أن يتكفل أحد بأداء مهمته التي افتقدناها كثيراً في شهر الصوم، مع غصة الزلزال الذي أودى بحياة أقارب لنا وشرد آخرين»، حسب قول «محمد. ع» من سكان الحي لـ«الوطن».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن