اقتصاد

ترتيب «أولويات وجعنا» فقط!

| هني الحمدان

هل سنبقى طويلاً في دوامة الإهمال والانتظار والتقاعس عن تأدية الواجبات بصورتها السليمة؟ وهل بات لزاماً على الأغلبية والشريحة المتعثرة من بني البشر دائماً أن يتألموا، وعليهم أن يخشوا المجهول وحساباتهم على قدم وساق؟! مقلق كثيراً ومؤلم بحق أن يتم ترك هوائنا للخوف المجهول وللمرض المعلوم وللأحوال التي لا تسرّ؟!

هل النفع والفلَاح هو اليوم بالرمي وراء الظهور جلّ الأسباب والطرائق الواجب اتباعها والحرص عليها، لكي نلقى مسرباً أو طريق نجاة!

ما يحدث ليس سهلاً، فالوجع يعمّ في الحياة والهواء والكلام والظلام والموت حتى، وما نحن فاعلون سوى ترتيب «أولويات الوجع» وما أكثرها! موجوعون معيشياً واقتصادياً واجتماعياً وحتى صرنا نخشى من أن يتسبب موتنا بوجع، ليس وجع الفقد، بل وجع كارثة التمهيد للموت والرحيل. ما يفعله العباد ترتيب أوجاعهم فقط بلا أي فائدة أو تخفيف..!

لا جديد، فالأيام تسرع الخطا، ومعيشة المواطن تضيق عليه، وبات ينظر إلى وقائع ما يجري بين فترة وأخرى كأخبار عادية، وحتى أخبار الجرائم وقصص كشف تفاصيل وأسرار حوادث موت المواطنين المرضى في بعض المشافي مجرد حوادث روتينية، وأخبار عادية، ولولا الصدف أحياناً لا أحد يعلم بما يحصل من زهق لأرواح مرضى أبرياء من قبل حيتان الطبّ، الذين حوّلوا مهنتهم الإنسانية إلى ما يشبه مسالخ لزهق أرواح البشر بلا رحمة أو ضمير، فقط همهم جمع المال وإرضاء غرورهم الزائف..!

أخبار الموت كثرت، وخاصة في المشافي، وأغلبيتها تمرّ بلا حسّ أو خبر، فيما يتسرّب أحياناً خبر عن جريمة تخلق ردة فعل غاضبة على «السوشيال ميديا» تختفي بعد بضعة أيام، ويعود المواطن لتتصدر اهتماماته قضايا أخرى ملحّة..! والسؤال هنا: صحيح وصلت بعض الأخبار عن أخطاء طبية تتسبب بموت أناس إلى مسطحات «السوشيال ميديا» صدفة أو غير ذلك، وأثارت ما أثارته من زوابع، ولكن ما النتيجة و«برقبة» من ستعلّق الخطايا والمسؤوليات أم.. المريض هو الخاسر الأوحد..؟

أجزم بالتأكيد أن هناك أخطاء يومياً ليس في مشفى خاص عن سواه من مشفى حكومي، فالأخطاء كثرت، أمام ازدياد الطلب على العلاج وارتفاع تكلفته الباهظة، وكل ذلك يحصل بعيداً عن أي متابعة أو مسؤولية من وزارة الصحة لمن يتلاعب ويخطئ ويتسبّب بموت مريض؟!

لا يهم أحداً التعاطف كثيراً، ولا ذرف الدموع والتباكي وتقاذف المسؤوليات، المواطن والمريض وأي إنسان أو مؤسسة، الجميع ينتظر مسار العدالة، وهل سيتحقق وينال المخطئ عقابه..؟ فالتعاطف وشراء النفوس لا يكفي وأي تعاطف من قبل أي طبيب أو إدارة مع صاحب حقّ لا يعيد حقاً ولا يحمي إنساناً..!

يا سادة اليوم أقل عملية أو علاج يبدأ بالملايين وينتهي بما شاء الله، فاتورة باهظة تعجز عنها ميزانيات لا تقارن بميزانية مواطن راتبه لا يتعدى المئة وثلاثين ألفاً، فإجراء عملية قلب مفتوح بإحدى مشافي دمشق الخاصة المتواضعة كلفته اليوم خمسة وعشرون مليون ليرة فقط!

لا نقول إلا السلامة لقلوب الجميع، وأبعدكم اللـه عن تغوّل وشراهة بعض الأطباء الذين لاقوا ضالتهم باستغلال مرض البشر وقلة السيولة بحوزتهم..!

ليست جرائم كهذه هي الوحيدة التي تقع، هناك جرائم من أنواع أخرى، وتغيب حقائق كثيرة في خبايا ودهاليز الجرائم عن الرأي العام، فمصدر أمان أي مواطن بالقانون وحسن تطبيقه، فكثيرة هي الحقوق التي تنتهك ويتم التغاضي عنها وعن المسببين لها، فهل ارتكابات كهذه تدقّ ناقوس الخطر تجاه المنظومة الصحية، وأقصد منظومة المشافي الخاصة على وجه التحديد؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن