من دفتر الوطن

أيها العلم لا تتمهل

| عبد الفتاح العوض

ليست المرة الأولى التي يطالب فيها علماء بوقف العلم لأسباب أخلاقية..

في عام 1996 عندما تم استنساخ نعجة سموها دولي من مفكرين ومثقفين فتح باب جدل واسع شارك فيه الجميع من العلماء إلى رجال الدين وما حولهما وبينهما.. نقاش ديني وفلسفي واجتماعي كله يتمحور حول فكرة مدى صحة استمرار تجارب الاستنساخ خوفاً من الوصول إلى استنساخ البشر.. واستمر الحوار في الوقت الذي جرى فيه الإعلان عن استنساخ قرود في مختبرات الصين وغيرها.

وكان النقاش يدور حول إذا ما كان من حق العلم أن يحاول استنساخ بشر أم لا وهل لهذا عواقب على الإنسانية ومدى أخلاقية أن يصل العلم لهذا المستوى؟

بعدها في عام 2013 كان العالم مع مفاجأة من نوع آخر تم تلقفها بكثير من الترحاب وهو موضوع الخلايا الجذعية وتم اعتبار هذا الحدث أهم الأحداث العلمية حيث يمكن من خلال هذا الاكتشاف أن نصل إلى مرحلة القضاء على كثير من الأمراض المزمنة ومع ذلك برز حوار على مستوى علماء فيما إذا كان ذلك باباً لتركيب بشر من خال الخلايا الجذعية ومع ذلك بدا الأمر نظرياً قابلاً للتطبيق لكنه عملياً غير ممكن أو يحتاج إلى وقت طويل.

الآن هناك أصوات كثيرة في العالم بدأت تحذر من الذكاء الصنعي وبدا واضحاً أن الشات حي بي تي هو المحرض الأكبر لهذه الأصوات التي تريد من العلم أن يتمهل خوفاً على البشر.. وفعلاً تم سؤال الشات حي بي تي نفسه هذا السؤال وكان الجواب إن لم يتم وضع ضوابط فمن المحتمل أن يشكل خطراً على البشرية والمسألة الآن تصل إلى مرحلة أن البشر قد يخلقوا آلات تخرج عن سيطرتهم.

بغض النظر عن أسباب البعض بطلب إيقاف أبحاث الذكاء الصنعي سواء كانت من أصحاب شركات تقنية منافسة للشركة المنتجة للبرنامج أم من جهات أكاديمية مستقلة إلا أننا ندرك جدياً أن هذه الأبحاث ستبقى مستمرة وحتى في موضوع الاستنساخ لا ندري فعلاً إن توصلت إلى مراحل متقدمة أو أنها بقيت عند حدود النعاج والقردة.

محاولات البشر صناعة بشر أو التحكم بالآخرين من البشر لم تتوقف أبداً ومرور سريع على الأساطير تقدم لك صورة واضحة عن طموحات البشر بالخلود والقوة.

هل هذا العلم مخيف؟

نعم.. لكن لا يمكن إيقافه ولا يمكن الاعتماد على حكمة البشر في معرفة متى يتوقفون.

لكن من ناحية أخرى هل من المنطق أن يتوقف العمل كلما واجه عقبة أخلاقية؟

أعتقد أن الناس ما زالوا في حيرة بين جموح ورغبة البشر بالمغامرة وبين مخاوف البشر على أنفسهم ومن المجهول!

من جهتي أنحاز لمغامرة العلم بكل مخاوفها.

وكنت أتمنى فعلاً أن يكون هناك ضريبة عالمية على هذه التجارب تخصص لأبحاث طبية تساهم في التخلص من الأمراض المزمنة مثل السرطان.

أقوال:

العلم دواء يسمم الأساطير.

العالم لا يحل مشكلة إلا ويخلق عشر مشاكل بعدها «مقولة ساخرة».

الأخلاق يجب أن تصافح العلم بقوة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن