سورية

موسكو: المشاركون في «الرباعية» عرضوا مواقفهم بصراحة واتفقوا على مواصلة الاتصالات … سوسان: لم نرَ مؤشرات إيجابية.. وإعلان تركيا الانسحاب والبدء به هو المدخل لإعادة التواصل

| وكالات

أكد رئيس وفد الجمهورية العربية السورية إلى الاجتماع الرباعي معاون وزير الخارجية والمغتربين أيمن سوسان أن إعلان تركيا رسمياً وبشكل لا لبس فيه أنها ستسحب قواتها من الأراضي السورية كافة، والبدء بشكل فعلي بالانسحاب من هذه الأراضي هو «المدخل لإعادة التواصل بين البلدين»، لافتاً إلى أنه «لم نرَ حتى الآن أي مؤشرات إيجابية بخصوص انسحاب القوات التركية من سورية أو بخصوص محاربة الإرهاب والقضاء عليه».

سوسان وفي كلمة أمام الاجتماع الرباعي لمعاوني وزراء خارجية سورية وروسيا وإيران وتركيا الذي انعقد أمس في مقر وزارة الخارجية الروسية بموسكو، أوضح أن سورية تعرضت لحرب إرهابية غير مسبوقة بتخطيط ودعم كامل من دول غربية وإقليمية وعربية، حيث جاء الإرهابيون الأجانب إليها من أكثر من مئة دولة حسب تقارير الأمم المتحدة، وللأسف كان ذلك عبر دول الجوار، وذلك وفق ما ذكرت وكالة «سانا».

وشكر سوسان الأصدقاء الروس والإيرانيين على مساعدتهم القيمة لسورية في مواجهة هذا الإرهاب، وبالوقت نفسه لفت إلى أنه لا نستطيع أن نغفل أن دولاً أخرى استغلت الوضع الذي خلقته هذه الحرب لإرسال قواتها بشكل غير شرعي إلى سورية والتواجد على أراضيها من دون أي دعوة أو تنسيق مع الحكومة الشرعية هذا إضافة إلى تقديم الدعم إلى الإرهابيين.

وشدد على أن التوصيف القانوني للتواجد العسكري غير الشرعي على الأراضي السورية سواء في شمال شرق سورية أو في شمال غربها ومن قبل أي كان، واضح للغاية، فهذا التواجد ينتهك أحكام القانون الدولي ويخالف مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، كما يتعارض مع علاقات حسن الجوار والمبادئ الناظمة للعلاقات السلمية بين الدول ومع كل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بسورية، مشيراً إلى أنه لا توجد أي أحكام قانونية دولية تعطي الحق لأي دولة أن تنتهك سيادة الدول الأخرى أو أن تتدخل عسكرياً في أراضيها دون موافقة الدولة المعنية، وذلك تحت أي ذريعة كانت بما في ذلك محاربة الإرهاب.

وأضاف: إن وجود أي خطر إرهابي يفرض عملياً وقانونياً التعاون والتنسيق مع الدولة المعنية لمواجهة ذلك، وقد عبرت سورية مراراً وتكراراً عن استعدادها لمثل هذا التعاون طالما أنه يتم في إطار احترام سيادتها ووحدة أراضيها، مشدداً على أن سورية لا تنظر إلى الخلف بقدر ما تنظر إلى الأمام، وهي مع الحوار ومد جسور التواصل مع كل الدول حتى تلك التي كان لها أدوار سلبية خلال سنوات الأزمة، وذلك بناء على ثوابتها الوطنية وانطلاقاً من حرصها على مصالح الشعب السوري وسعيها لتحقيق الأمن والاستقرار في هذه المنطقة المتفجرة، وبناء أفضل العلاقات مع الدول المجاورة بما يخدم مصالح شعوبها، وهذا بالطبع يشمل تركيا التي تجمعنا بها حدود مشتركة طويلة حيث أكدت حادثة الزلزال التي ضربت سورية وتركيا في السادس من شباط الماضي أن السياسة لا يمكن أن تلغي حقائق التاريخ والجغرافيا أو المصالح المشتركة أو عمق الترابط بين الشعبين الصديقين السوري والتركي.

وأكد سوسان أن سورية تعاملت بإيجابية وانفتاح مع جهود الأصدقاء الروس والإيرانيين الرامية إلى إعادة التواصل بين سورية وتركيا، ولكن الوصول إلى هذا الهدف له ظروف ومتطلبات موضوعية يجب توفرها، ويجب أن تكون هناك إرادة حقيقية وحوار جاد للوصول إلى ذلك، ومن الواضح أن أول هذه الظروف والمتطلبات هو الالتزام الكامل بسيادة سورية واستقلالها وسلامة أراضيها ووحدتها، وأن يتم البدء فوراً بتطبيق هذا المبدأ الأساسي بشكل فعلي على أرض الواقع، مشيراً إلى أن هذا المبدأ يبقى من دون معنى حقيقي إن لم يترجم ويجسد بالبدء بانسحاب كل القوات الأجنبية غير الشرعية من الأراضي السورية بما في ذلك القوات التركية، وعدم عرقلة جهود الدولة السورية في إعادة بسط سلطتها على كل أراضيها بما فيها المناطق التي يسيطر عليها الإرهابيون، والتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لسورية، وعن تقديم الدعم والحماية للمجموعات الإرهابية في سورية وخاصة في منطقة إدلب التي باتت تشكل خزاناً ومحمية للإرهابيين على الأراضي السورية ما يهدد الأمن والاستقرار ويعرض حياة المدنيين هناك للخطر.

وقال: «لم نرَ حتى الآن أي مؤشرات إيجابية بخصوص انسحاب القوات التركية من سورية أو بخصوص محاربة الإرهاب والقضاء عليه في شمال غرب سورية وبالأخص في منطقة إدلب وإعادة بسط سلطة الدولة على هذه المنطقة، لا بل إن تركيا لم تلتزم حتى بالتفاهمات التي تم التوصل إليها في إطار أستانا أو مع الجانب الروسي» معرباً عن استعداد سورية للتنسيق مع الأصدقاء الروس والإيرانيين ومع الجانب التركي حول مختلف الجوانب العملية المتعلقة بانسحاب قواته من الأراضي السورية بما فيها دخول قوات الجيش العربي السوري إلى المناطق التي ستنسحب منها هذه القوات لضمان إتمام هذه العملية بشكل سلس وعدم سيطرة المجموعات الانفصالية أو الإرهابية عليها.

واعتبر سوسان أن مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره حتى القضاء النهائي عليه تمثل مصلحة مشتركة للجميع سواء كان هذا الإرهاب متمثلاً بـداعش و«جبهة النصرة» والتنظيمات والمجموعات المرتبطة بهما أو المتحالفة معهما أو بحزب العمال الكردستاني والتنظيمات والمجموعات المرتبطة به، ولا يمكن أن تكون محاربة الإرهاب انتقائية فمن جهة نطالب بمحاربة حزب العمال الكردستاني الإرهابي وفي الوقت نفسه تتم حماية أو التغاضي عن داعش و«جبهة النصرة» وغيرهما خاصة في منطقة «خفض التصعيد» في إدلب، فكل هذه التنظيمات الإرهابية تشكل خطراً على سورية وعلى الدول الأخرى وتجب محاربتها والقضاء عليها في كل المناطق مع بسط سلطة الدولة السورية على هذه المناطق.

وأشار إلى أنه من المعروف أن السياسات الخاطئة التي قامت بها بعض الدول منذ بداية الأزمة بهدف إضعاف الدولة السورية هي التي أدت إلى وجود ميليشيات وكيانات ذات نزعة انفصالية في شمال شرق سورية، وهي التي خلقت وضعاً أمنياً غير مستقر وغير مضبوط في تلك المنطقة سواء بالنسبة لسورية أو لتركيا، وعليه من الطبيعي أن معالجة هذا الوضع الناشئ تتطلب أولاً وقبل كل شيء إعادة الأوضاع في شمال شرق وشمال غرب سورية إلى ما كانت عليه وإلا فإننا سنبقى ندور في حلقة مفرغة، مضيفاً: إن كل ذلك لا يمكن أن يتحقق إلا على أساس الحفاظ على سيادة سورية ووحدتها وسلامتها الإقليمية وبما يشمل انسحاب كل القوات غير الشرعية وإعادة بسط سلطة الدولة السورية على كل أراضيها وهو الأمر الذي سيفتح الباب للتنسيق والعمل المشترك لمواجهة المخططات والكيانات الانفصالية في شمال شرق سورية وكذلك معالجة المشاكل الأمنية المشتركة ذات الصلة بما في ذلك العمل على ضبط الحدود المشتركة واتخاذ تدابير مشتركة لمنع التهريب وتسلل الإرهابيين عبرها.

وأوضح سوسان أن مسؤولية ضبط الحدود بين الدول المتجاورة هي مسؤولية مشتركة وهي تتم بالتعاون لا بالإجراءات الأحادية التدخلية أو غير الشرعية، كما أن محاربة الإرهاب لا تتم بانتقائية أيضاً، لافتاً إلى أنه في إطار ما سبق يمكن التعاون في موضوع عودة اللاجئين السوريين من تركيا إلى أماكن إقامتهم الأصلية في سورية وهذا الأمر يتطلب العمل على توفير المتطلبات والبيئة اللازمة لذلك، بما فيها تحقيق الأمن والاستقرار عبر بسط سلطة الدولة على أراضيها وتهيئة البنى التحتية والتمويل اللازم، والجانب السوري مستعد لاتخاذ الإجراءات التي تقع على عاتقه بناء على ذلك.

وأشار سوسان إلى أن كل الجوانب المتمثلة أساساً في موضوع الانسحاب التركي من الأراضي السورية وبإنهاء أي وجود إرهابي في سورية وبإعادة بسط سلطة الدولة السورية على هذه الأراضي هي جوانب تتسق مع القانون الدولي ومع البيانات الختامية الصادرة عن اجتماعات أستانا، وهي جوانب عملية وواقعية ومتطلبات موضوعية محلية لإعادة التواصل بين سورية وتركيا، بما يصب في تحقيق مصالح البلدين وتلبية تطلعات شعبيهما الصديقين، مضيفاً: إذا كان الجانب التركي جاداً فعلاً في تصحيح العلاقة مع سورية وفي احترام سيادتها ووحدتها وسلامة أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية فلا أعتقد أنه سيكون هناك صعوبة في التجاوب مع ما نطرحه، وهو الأمر الذي سيفتح الباب لمختلف مجالات التنسيق والتعاون التي تستجيب لهواجس البلدين وتحقق مصالحهما المتبادلة.

بدورها الخارجية الروسية، ذكرت في بيان وفق الإعلام الرسمي السوري أن المشاركين في الاجتماع الرباعي عرضوا مواقفهم بصورة مباشرة وصريحة واتفقوا على مواصلة الاتصالات.

وأشارت إلى أن المشاورات الرباعية على مستوى معاوني وزراء خارجية روسيا وإيران وسورية وتركيا بحثت مسائل الإعداد للقاء بين وزراء خارجية هذه الدول.

ولم تنشر أو ترشح حتى ساعة إعداد هذا التقرير أي معلومات عن كلمات الوفود الأخرى خلال الاجتماع.

وفي بداية الاجتماع الذي جرى في غرف مغلقة بعيداً عن وسائل الإعلام حسب ما ذكرت وكالة «الأناضول» ألقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كلمة الافتتاح، في حين يشارك فيه الممثل الخاص للرئيس فلاديمير بوتين في الشرق الأوسط والدول الإفريقية ميخائيل بوغدانوف ممثلاً لروسيا، ومستشار الشؤون السياسية لوزير الخارجية علي أصغر حاجي ممثلاً عن إيران، على حين يرأس الوفد التركي نائب وزير الخارجية بوراق أكجابار.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن