قضايا وآراء

وأخيراً.. رضخ إقليم كردستان لإرادة الشعب العراقي

| أحمد ضيف الله

رفض إقليم كردستان تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية العراقية الصادر في الـ15 من شباط 2022، القاضي بتسليم كامل إنتاج النفط في الإقليم إلى الحكومة الاتحادية، وإلغاء قانون النفط والغاز الخاص بالإقليم.

مطلع حزيران 2022، دعت محكمة استئناف بغداد/ الكرخ، الشركات النفطية الكبرى العاملة في إقليم كردستان للمثول أمامها بشأن الدعاوى المقدمة من وزارة النفط الاتحادية بحقها، ووفق ذلك أعلنت شركة «بيكر هيوز» الأميركية، العملاق العالمي في مجال خدمات النفط في الـ25 من حزيران 2022، انسحابها من العمل في إنتاج وتصدير النفط في الإقليم، امتثالاً لقرار المحكمة الاتحادية العليا.

وفي الـ27 من حزيران 2022، أعلنت خدمات حقول النفط «شلمبرجير» الأميركية الكبرى، التزامها أيضاً بقرار المحكمة الاتحادية العليا.

كذلك أعلنت شركة النفط الأميركية «هاليبرتون» في الـ30 من حزيران 2022، انسحاب شركتها من العمل في الإقليم.

شركات نفطية أخرى عاملة في إقليم كردستان، أعلنت عن إنهاء أعمالها في الإقليم، تجنباً للمساءلة القانونية باستخراج وتسويق نفط يمكن أن يُعد مسروقاً، حفاظاً على سمعتها الدولية.

بالمقابل، استمر رؤساء الإقليم والحكومة والقضاء والبرلمان وآل بارزاني، بالإعلان مراراً وبشكل رسمي رفضهم الانصياع لقرار المحكمة الاتحادية العليا جملة وتفصيلاً، معتبرين «قرارات المحكمة الاتحادية لا وزنَ قانونياً لها في العراق وأماكن أخرى»، مع تأكيد وزارة الثروات الطبيعية في إقليم كردستان في بيان لها في الـ25 من آب 2022، أن «إنتاج النفط وتصديره سيستمران في الإقليم»، وأنها لن تسلم كامل إنتاج النفط في الإقليم إلى الحكومة الاتحادية، مهما كانت الظروف.

وفي عام 2014، تقدم العراق بدعوى تحكيم لدى غرفة التجارة الدولية في باريس ضد تركيا، لقيامها بمخالفة أحكام اتفاقية خط الأنابيب النفطية الموقعة عام 1973 التي تنص على وجوب امتثال الحكومة التركية لتعليمات الجانب العراقي بشأن حركة النفط الخام المصدر من العراق، ولسماحها بمرور الصادرات النفطية «غير القانونية» لإقليم كردستان، عبر خط أنابيبها إلى ميناء جيهان التركي.

وفي الـ23 من آذار 2023، أصدرت هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس حكماً لمصلحة العراق بإيقاف تصدير نفط الإقليم عبر أنابيب النفط العراقية، وتغريم تركيا بمبلغ لم يتضح حجمه بعد.

تركيا أوقفت ضخ النفط العراقي إلى ميناء جيهان، معلنة أنها لن تسمح لأي سفينة بتحميل «شحنات النفط الخام الكردي» من دون موافقة الحكومة العراقية، امتثالاً للحكم.

وزارة الثروات الطبيعية في إقليم كردستان، ومن منطلق العناد المعروف، لفتت في بيان مطول لها في الـ25 من آذار 2023، إلى أن «حكومة إقليم كردستان تؤكد موقفها الثابت بعدم التنازل عن الحقوق الدستورية للشعب الكردستاني، وتجدد تنسيقها مع بغداد بهدف التوصل إلى حل جذري وقانوني ودستوري بهذا الشأن»!

إلا أن إعلان الشركات النفطية العاملة بالإقليم، خفض الإنتاج وإيقاف ضخ النفط الخاص بالتصدير من إقليم كردستان، منها شركة «دي. إن. أو» النرويجية، وشركة «فورزا بتروليوم» الكندية، وشركة «غلف كيستون بتروليوم» البريطانية، وشركة «إتش كيه إن إنرجي» الأميركية التي سبق أن أرسلت رسالة إلى أعضاء بمجلس النواب الأميركي العام الماضي، تحذر فيها من أن وقف الصادرات النفطية عبر خط الأنابيب سيؤدي إلى انهيار اقتصاد إقليم كردستان، أربك سلطات الإقليم، معلنة في الرابع من نيسان الجاري عن توجّه رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني إلى بغداد على رأس وفد حكومي رفيع ليجتمع فور وصوله برئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي أعلن عقب الاجتماع في مؤتمر صحفي الاتفاق على استئناف تصدير نفط إقليم كردستان.

إقليم كردستان، وبعد نحو 30 عاماً من نهب ثروات الشعب العراقي، أُجبر أخيراً على الرضوخ لقرار هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس، خوفاً من تبعات عدم الالتزام بالقرار، مسلماً كامل إنتاجه النفطي اليومي المقدر بـ450 ألف برميل إلى وزارة النفط العراقية تنفيذاً لقرار المحكمة الاتحادية العراقية بهذا الشأن، لتصبح شركة تسويق النفط العراقية «سومو» في بغداد، الجهة الوحيد المخولة بتصدير النفط والغاز وإدارة موارد الطاقة في العراق.

رضوخ إقليم كردستان لإرادة الشعب العراقي، أنهى بيعه للنفط العراقي بخصم يتراوح بين 15-18 دولاراً عن الأسعار العالمية! مفعلاً دور الرقابة الاتحادية على استخراج النفط والغاز من الإقليم.

وفي ظل غموض الإيرادات والصادرات النفطية التي لا يعرف أحد عنها أي شيئاً، لن تكون بغداد ملزمة بتسديد القروض التي أخذها الإقليم من الشركات النفطية العالمية، إلا تلك التي أنفقت على تطوير القطاع النفطي.

ترى هل أدرك آل بارزاني أن العراق دولة اتحادية، والإقليم جزءٌ منه، وليس نداً له؟!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن