ثقافة وفن

«الكرزون»… بين هفوات الحبكة الدرامية والإخراج ما يفسد على المشاهد متعة المتابعة

| مصعب أيوب

صناعة الدراما عملية يتم فيها الخلط بين عناصر مختلفة، تتجلى في كل من الطبيعة الفنية والتقنية والتنفيذية وفي نهاية الأمر تسند المعطيات كلها للمخرج وبمرور الحلقات وصولاً إلى أكثر من منتصفها نشهد حالة من الترهل في النصوص والكتابة وحتى الإخراج ويتوه العمل وتتشتت الفكرة وهو للأسف حالة مربكة فنياً

ولا يعاب أي عمل درامي بانتقاد شخصية معينة فيه، إذ إن العمل وحدة واحدة لا تتجزأ تبدأ من كاتب العمل إلى الممثلين فالتصوير والديكور والإضاءة والملابس والإخراج وكل الكادر.

استسهال واستخفاف

وإذا تحدثنا عن الأعمال الدرامية لموسم رمضان 2023 التي طالتها الانتقادات ولاحظ الكبير والصغير الضعف في بنيته فحدث ولا حرج ولكن بطبيعة الحال هناك تراتبية في ذلك فبعض الأعمال ربما تصادفك فيها مشكلة أو اثنتان ويمكن تجاهل هذه المشاكل وإتمام المتابعة فهي لن تؤثر في سير الأحداث، لكن في الكرزون الأمر مختلف تماماً فلا يمكن أن تجد مشهداً واحداً متكاملاً تم تنفيذه بشكل جيد وكما ينبغي، فالمشاهد للوهلة الأولى ربما يعتقد أن العمل موجه للأطفال، نتيجة الاستخفاف بعقل المشاهد الذي يبلغ أشده، والأخطاء الإخراجية كثيرة وربما في بعض الأحيان تخلق نوعاً من النفور لدى المشاهد لشدة استسهال القائمين على العمل بالمشاهد.

حشو بلا فائدة

حوارات سطحية وأفكار باهتة وألوان غير متناسقة وكأن القائمين عليه كان يشغلهم عمل فني آخر أهم، فجاء العمل كطبق تم إعداده بطريقة أنيقة لكنها سيئة المذاق، المخرج حاول إثبات قدراته الإخراجية وتفادي عيوب السيناريو والتغطية على الحبكة الضائعة باستخدام كل الحيل الممكنة في الإضاءة وحركات الكاميرا والديكورات بصورة تخطت إطار المعقول لتدخل في حيز الإفراط غير المبرر في التشكيلة التي لا يحكمها منطق واضح.

فلا وجود لسياق بصري واضح يجمع مشاهد المسلسل والرهان على التكوين الجمالي والإضاءة واستعراض الملابس والشقق الفارهة والأثاث الثمين.

كثير من الحشو الذي لا يجدي فائدةً، فلا ضرورة لتصوير مشهد مدته 4 دقائق منذ لحظة خروج أحدهم من المنزل وتتبع خطواته حتى يصل إلى سيارته ويفتح بابها ويجلس داخلها ويشغل المحرك ومن ثم ينطلق، وهو ما لا يضيف أي جديد للعمل.

العمل من تأليف مروان قاووق ورنيم عودة وإخراج رشاد كوكش وتدور أحداثه حول عدنان بيك «أسامة الروماني» الرجل الثري الذي يستغل حادثة انفجار مرفأ بيروت ليتوارى عن الأنظار ويدع ابنته تخوض غمار الحياة بمفردها وتتعلم من تجاربها الشخصية ولكن يبقى مراقباً لها من بعيد، كفكرة لابأس بها ونتعلم منها الكثير من الدروس، لكن عملياً لم يكن الإنتاج موفقاً ووقع في ثغرات عديدة منها إخراجية ومنها حبكة درامية فالنص تائه وشخصياته لا تحمل أي عمق أو تفاصيل.

بناء متفكك

رغم أننا نشهد تطوراً مذهلاً على مستوى التقنيات والجرافيكس ومواصفات قياسية في صناعة الدراما إلا أن المشهد الذي جسد لحظات الانفجار كان مخيباً للآمال إضافة إلى أن العمل لم يتطرق لتفاصيل الحياة اليومية وأولها انقطاع التيار الكهربائي، وكيف لعصابة أن تخطف الأطفال وتقوم بجرائم عديدة وتتنقل بكل سهولة في شوارع العاصمة دمشق وفي وضح النهار؟

المسلسل كان بحاجة لاهتمام بالتفاصيل الصغيرة قبل الكبيرة والسيناريو بحاجة إلى إتقان أكثر في الحبكة الدرامية، فقد سيطر الملل على العمل وبدا تنفيذ المشاهد ضعيف جداً.

أضف إلى ذلك أن الموسيقا التصويرية حزينة جداً ولا تتناسب مع العمل ومزعجة إلى حد ما، الديكورات غير مدروسة وألوانها غير منسقة بعناية والمكياج في كثير من الأحيان بغير موضعه ولا يناسب الشخصية، بينما تغيب روح الفريق الواحد والتناغم عن العمل فالكل يعمل دونما انسجام.

نحن أمام عمل افتقد الجدية في معالجة المضمون، وجاء بطريقة سطحية، ونحن لا نخص اسماً دون غيره وإنما العمل بوجه عام فهو يعتبر جسداً واحداً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن