عربي ودولي

البيت العربي.. لا يجوز أن يغيب عنه أحد

| وزارة الخارجية الصينية

منذ الحوار بين السعودية وإيران في بكين، تحركت دول المنطقة على التوالي، ما أثار «موجة صلح» جديدة، في الآونة الأخيرة، وهبّت «رياح السلام» هذه نحو سورية.

تبادل وزيرا الخارجية السوري والسعودي الزيارات في غضون أسبوع؛ وزار وزير الخارجية السوري الجزائر وتونس وغيرهما من الدول، كما اجتمع وزراء الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي الست ومصر والعراق والأردن في جدة لتنسيق المواقف من ملف سورية.

يعكس كل ذلك إرادة دول المنطقة لتحسين العلاقة مع سورية، كما ينظر إليه المجتمع الدولي كإشارة إيجابية لتحسن العلاقة بين سورية وباقي الدول العربية وعودتها إلى جامعة الدول العربية.

تقع سورية عند ملتقى القارات الثلاث – أوروبا وآسيا وإفريقيا، وتتمتع بتاريخ عريق، باعتبارها أحد المهود لحضارة بلاد الرافدين ومحطة مهمة على طريق الحرير القديم، وتمتلك الموارد الثقافية والطبيعية الوافرة. وتُلقب عاصمتها دمشق بـ«حديقة الدنيا» و«جنة الأرض»، وكانت عاصمة الدولة الأموية التي تعتبر ذروة الإمبراطورية العربية.

لكن بعد اندلاع «الربيع العربي» في عام 2011، عانت هذه الدولة العريقة من ويلات الحروب التي تسببت في دمار خطير، ولا يزال شعبها يرزح تحت وطأة الفقر والفوضى حتى اليوم.

في هذا السياق، استمرت بعض القوى الخارجية، وخاصة الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية، بممارسة التدخلات العسكرية والعقوبات الأحادية على سورية منذ فترة طويلة، فلا يمكن التنصل من المسؤولية عن خطورة الأوضاع الإنسانية في سورية. ويذهب البعض أبعد من ذلك، إذ يسعى وراء مصالحه الأنانية عن طريق تمركز قواتها العسكرية في سورية بشكل غير مشروع ونهب مواردها من النفط والغاز والغذاء وسرقة آثارها، الأمر الذي جلب معاناة جسيمة للشعب السوري.

بعد الزلزال المدمر الذي ضرب سورية في شباط الماضي، زاد الحصار والعقوبات المفروضة من الخارج الوضع سوءاً في المناطق المنكوبة في سورية، حتى لا تملك فرق الإنقاذ السورية الأدوات والمعدات الاحترافية لإنقاذ المنكوبين من تحت الأنقاض في وقته.

اليوم، تتاح الفرصة لسورية، الملقبة بلؤلؤة الشرق الأوسط في الماضي، للعودة إلى حضن البيت العربي. بالنسبة إلى سورية، هذا يعني الاعتراف بها كدولة طبيعية تمارس سلطتها كدولة ذات سيادة؛ كما يعني المساعدة المتبادلة بين الدول العربية الشقيقة والمزيد من الدعم في المستقبل.

يتطلع الشعب السوري بشغف إلى عودة بلاده إلى جامعة الدول العربية، بعد اجتماع وزراء الخارجية للدول التسع بجدة، قال السوريون في المقابلات الإخبارية: إن «سورية إحدى الدول المؤسسة لجامعة الدول العربية، فعودتها إلى الجامعة أمر إيجابي للغاية»، «عودة سورية إلى الجامعة ستساعد الدول العربية في إعادة العلاقة الدبلوماسية مع سورية، وذلك لا يعني إعادة فتح السفارات فحسب، بل المزيد من فرص العمل».

بالنسبة إلى الدول العربية التي شهدت منطقتها الحروب والفوضى لأكثر من عشر سنوات والقضايا الساخنة واحدة تلو أخرى والصراعات والاضطرابات الجزئية بين حين وآخر، تتطلع شعوبها إلى وقف الاضطرابات واستعادة الاستقرار في يوم مبكر. في الوقت نفسه، تقوم بعض الدول الكبيرة خارج المنطقة بممارسة التلاعب السياسي وبث الشقاق والاستقطاب من أجل مصالحها الأنانية، الأمر الذي لا يحظى بتأييد الشعوب ولا يستطيع خداع الدول العربية مع مرور الوقت.

بعد الحوار بين السعودية وإيران في بكين، أصبح التوجه نحو المصالحة والتضامن تياراً جيوسياسياً في الشرق الأوسط، كما أصبح السعي للسلام والتنمية أمراً يتماشى مع تطلعات الشعوب والزخم العام في المنطقة. وعلى هذه الخلفية، أعرب عدد متزايد من الدول العربية عن ترحيبه بعودة سورية إلى حضن البيت العربي، متطلعين إلى تعزيز التضامن داخل العالم العربي وتعظيم قوته وتدعيم السلام والتنمية في المنطقة.

بالتأكيد فإن القضايا الساخنة في الشرق الأوسط متشابكة ومعقدة، والمصالحة بين الخصوم السابقين ليس أمراً سهلاً، ولن يتحقق بين ليلة وضحاها، لكن ما دامت كل الأطراف تتواكب الاتجاه العام، وتتحاور بشكل ودي وعلى قدم المساواة، وتتراكم التوافقات بخطوات تدريجية، يمكنها تحقيق الأمن والاستقرار المرجو في المنطقة.

في هذا الإطار، ستواصل الصين تقديم مساهمتها. ونتطلع إلى عودة سورية إلى حضن البيت العربي في يوم مبكر، ونأمل من سورية، لؤلؤة الشرق الأوسط، أن تتألق من جديد في المنطقة التي تهب فيها رياح السلام.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن