ثقافة وفن

الكتب الورقية تأخذ قارئها إلى عالم آخر … محمود إدريس لـ«الوطن»: من المبكّر الحديث عن اختفاء النسخ الورقية

| هلا شكنتنا

لا شك أن متعة القراءة عند مدمني قراءة الكتب متعة لا تضاهيها متعة، وخاصة أن الكتاب يستطيع أن يأخذ قارئه إلى أماكن عدة لم يكن يحلم بها القارئ.

الكتاب الورقي يحفز الخيال

كما أن الكتب الورقية قادرة على أن تعطي لقارئها حالة فريدة تتجلى في إمكانية تملك العالم بين يدي القارئ، كما أن الكتب تستطيع أن تأخذ القارئ وتحفز خياله وتجعله يعيش مع القصة التي يقرؤها بوجدانه وأحاسيسه من خلال استمتاعه بتقليب ورق الكتاب وقراءته للجمل والكلمات أمامه.

طرق القراءة اختلفت وماذا عن مواقع التواصل الاجتماعي؟

لكن مع تطور الزمن باتت تختلف طرق قراءة الكتب حيث كانت سابقاً عبر الكتب الورقية فقط، أما حالياً فقد أصبحت متنوعة مع وجود الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي التي تعد المنافس الأقوى للكتب الورقية، نظرًا لسهولتها وتوافرها وشموليتها وقدرتها على جمع أكبر عدد ممكن من الكتب الفكرية والثقافية المكتوبة، وهو ما دفع العديد من الكتاب والمفكرين والصحفيين اللجوء إلى تلك الوسائل لنشر مقالاتهم وكتبهم على نطاقات واسعة، متلقين خلالها ردود الأفعال مباشرة، وآراء المتلقين فيما يطرحون من أفكار، وعلى ما يبدو فإن وسائل التواصل باتت تشكل خطراً كبيراً على انتشار الكتب الورقية.

ما مصير الكتاب الورقي أمام الكتاب الإلكتروني؟

من هذا المنطلق تراود لذهننا عدة أسئلة حول مصير الكتاب الورقي ومنافسته مع مواقع التواصل الاجتماعي، وهل القارئ يشعر باختلاف في أثناء قراءته لرواية أو قصة من الكتاب الورقي مقارنة مع الكتاب الإلكتروني؟ وما متعة القراءة من الكتب الورقية وهل من الممكن أن تختفي الكتب الورقية ويكتفي الجميع بإصدار رواياتهم إلكترونياً؟

الانتقال من الكتاب الورقي إلى الإلكتروني أمر حاصل

وللتعرف على رأي مهني حول هذا الأمر تواصل «الوطن» في حديث خاص مع الكاتب «محمود إدريس» الذي أوضح لنا رأيه حول وجود نسخ إلكترونية من الكتب الورقية، قائلاً: «بدايةً لا بدّ من الإشارة إلى أن التطوّر الحاصل في الوسائط التقنية قد أوجد مجموعة من البدائل لمختلف صنوف المعرفة، بل طرح بعض المقترحات التقنية الجديدة والمضافة لفعل التحصيل المعرفي، ومن هنا نجد أن الانتقال من فعل القراءة الورقية إلى قراءة ما يُعرف «بالكتاب الإلكتروني» أصبح أمراً واقعاً ضمن سياق هذا التطوّر، وأنّ هذا التحوّل الذي ينطوي على الكثير من الميزات من الوارد أن يحمل معه بعض الصعوبات وبالأخص لفئة القرّاء ممّن اعتادوا على فعل التماس مع الورق، وهذا الأمر يبدو مفهوماً ويشبه في أثره العديد من التغيّرات الأخرى التي لحقت بوسائط متعددة، ومن هذه النقطة بالذات نستطيع تمييز بعض الاختلافات التي قد يشعر بها البعض والتي تتمثّل بصعوبة هذا الانتقال الذي يشكّل تغييراً في طقس من طقوس فعل القراءة».

هنا يكمن الفرق بين القراءة الورقية والإلكترونية

كما أضاف إدريس في حديثه قائلاً: «إنّ المادّة الورقية أو المطبوعة كانت تعطي شعوراً للقارئ بأن ما بين يديه مكتوبٌ بالفعل وقد استغرق الكثير من الجهد في تدوينه أو طباعته، ولربّما كان غياب هذا الشعور (في حالة الكتاب الإلكتروني) هو ما يشكّل الفجوة لدى القارئ وتردّده في الانتقال واللحاق بركب هذا التطوّر، وهذه العوامل يعبّر عنها القارئ بأشكال وتوصيفات متفاوتة تتعلّق بالإحساس بدفء الورق أو بلونه أو ما سوى ذلك من عوامل تشير لأصالة المادة الملموسة بين يديه.

الأمر مرهون بقدرة دور النشر

كما تحدث الكاتب السوري عن احتمالية اتجاه الكتاب لإصدار النسخ الإلكترونية من كتبهم بدلاً من طباعتها ورقياً، قائلاً: «أمّا فيما يتعلّق بالانتقال الكلّي للكتاب الإلكتروني بديلاً من النسخ الورقية، فمن وجهة نظري أرى أن الأمر مرهون بقدرة دور النشر على الحفاظ على حقوق مؤلفي الكتب ووضع ضوابط ناظمة لحماية هذه الحقوق، فالكتاب الإلكتروني كما هو معلوم يتمّ تداوله عن طريق الإنترنت ووسائط النقل المختلفة من دون رقابة صارمة، حيث الكثير من دول العالم أصبح لديها قوانين حماية أوضح بهذا الاتجاه، إضافة إلى حرص منظّمات عالمية معنيّة بالطباعة الورقية كفعل ضروري لتعميم الثقافة، لذلك أرى أنه من المبكّر الحديث عن اختفاء النسخ الورقية للروايات أو المنجزات الأدبية، إلا أن هذا التأخّر لا يعني عدم حتمية هذا التحوّل في سنوات قادمة».

متعة القراءة من الكتب الإلكترونية

كما أضاف الكاتب محمود إدريس في حديثه قائلاً: «بالنسبة لمتعة القراءة التي توفّرها تقنيات الكتب الإلكترونية فهي متعدّدة، إذ إن هذه التقنيات تعطي مجموعة من الميّزات لمن يعانون من مشاكل في النظر على سبيل المثال حيث تسمح لهم بتغيير أحجام الخط، كما أنها تحقّق انتقالاً سلساً وانتشاراً للمحتوى المعرفي بطريقة أوسع تسمح بتبادل الثقافات من خلال وسائل التواصل المختلفة.. ثمّة برمجيات حديثة تسمح للقرّاء بالتواصل المباشر مع الكاتب لمناقشته في فكرة ما كما تفتح المجال للنقاش ضمن منتديات ثقافية تطرح أفكار الكتاب وتناقشه عن بُعد. إن حصر مميزات القراءة الإلكترونية هو أمر بالغ الصعوبة لأن هذا العالم يشهد تطوّراً لحظياً ويحقق نقلات مهمة في هذا الشأن».

الكتب الإلكترونية هي حلّ مثالي في ظلّ الظروف الاقتصادية الراهنة ولكن!

كما تواصلت «الوطن» أيضاً مع صاحبة كتاب «قاب قلبين» للكاتبة الشابة «مرح الحصني»، التي أكدت لنا بأن الكتب الإلكترونية تعتبر من الحلول المثالية لفئة الشباب من الناحية الجامعية، قائلة: «الكتب الإلكترونية هي حلّ مثالي في ظلّ الظروف الاقتصادية الراهنة، وخاصة لطلاب الجامعة الذين هم بحاجة ماسة لمراجع غالية الثمن، وخاصة فيما يتعلق بحلقات البحث التي تحتاج إحالة دقيقة للمصدر، وإذا ما وضعنا الكهرباء وساعات التقنين الليلية في الحسبان نجد أن الكتب الإلكترونية تحلّ مشكلة الإضاءة التي يحتاجها القارئ، فيمكن للشخص القراءة بوساطة هاتفه المحمول أو حاسوبه الشخصي بشكل مباشر، عدا سهولة فرز وتصنيف الكتب الإلكترونية والبحث عن أي فكرة.

نحن بحاجة إليها بطريقة سهلة وسريعة، وبالرغم من أن الكتب الإلكترونية قد تتعرض للقرصنة وانتهاك ملكية الكاتب ودار النشر ببساطة، إلا أنها قد تسبب حالة تسويق وانتشار أسرع من الكتب الورقية في وقتنا الحاضر، ولكن بالنسبة لي كقارئ بالدرجة الأولى أفضل الكتب الورقية لما تخلقه من حالة صداقة بين الكتاب والقارئ، ولما لها من أثر في حفظ الأفكار وثباتها في الذهن لأن القارئ يكون على تماس مباشر مع المعلومة التي يطلع عليها».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن