ثقافة وفن

«جوليا آرت» يستضيف معرض الفنان التشكيلي سبهان آدم «رابونزيل» … عالم خيالي يسحرنا من خلال شخصيات يقدمها الفنان ويعالجها

| مايا سلامي - تصوير طارق سعدوني

افتتح غاليري «جوليا آرت» مساء الخميس معرضاً فنياً لأعمال الفنان التشكيلي العالمي سبهان آدم.

وتضمن المعرض الذي حمل عنوان «رابونزيل» سبع لوحات جدارية عكست قضايا اجتماعية مختلفة صورت شخوصها بطريقة غرائبية تحمل الروح الساخرة التي صنع من خلالها الفنان سبهان بصمته الخاصة في المشهد التشكيلي العربي والعالمي، حيث استكمل في أعماله الجديدة مشروعه الفني المميز الذي تحدى خلاله قيم الجمال والقبح، متخذاً منهجه الخاص القائم على تصوير الواقع بكل فطرية وشفافية بعيداً عن المثالية والجمالية المصطنعة، فهو يرى أنه ليس بوسع الفن تجميل القبح الذي أحدثه العالم والذي بدوره أفقد لوحته براءتها حتى طغت الوحشية عليها في ظاهرها على الرغم من العواطف الكبيرة التي تحملها في خباياها.

أما الجديد الذي حملته أعمال سبهان في هذا المعرض فكان مرافقة قصة هزلية قصيرة مكتوبة إلى جانب كل لوحة تشرح حالة أبطالها بأسلوب فكاهي لا يخلو من السخرية والتمرد على بشاعة الواقع المحيط.

بصمة إضافية

وفي تصريح خاص لـ«الوطن» أوضحت مديرة غاليري «جوليا آرت» حنان إبراهيم أن: «وجود معرض للفنان العالمي سبهان آدم شيء مهم بالنسبة لنا وبصمة إضافية لكل الفعاليات التي نقوم بها، وقد اختار الفنان هذه الصالة بالذات لكونها من الأماكن المحببة إليه».

وأشارت إلى أن تسمية المعرض «رابونزيل» جاءت من متلازمة نتف الشعر عند الرجال والنساء، منوهة بأنه تم بيع أعمال المعرض كاملة قبل افتتاحه بساعات فهذا الشيء مألوف في معارض الفنان سبهان التي دائماً ما تشهد إقبالاً كبيراً.

وقالت:»رسالتنا في صالة «جوليا آرت» هي التميز ونحن نحاول دائماً تقديم شيء جديد فالفن التشكيلي السوري في حالة تنوع، لذلك تدعم صالتنا المواهب كافة بدءاً من الشباب والخريجين الجدد وصولاً إلى الأسماء الكبيرة كما هو الحال في معرض اليوم».

موضوعات مختلفة

وقال الناقد والصحفي بديع صنيج: «أنا متابع لأعمال ومعارض الفنان سبهان آدم السابقة، وهو معروف بهذه الغرائبية التي يعمل فيها خاصة من ناحية الشخوص، وعنوان المعرض أغراني للقدوم اليوم فهو مأخوذ عن قصة لـ«الأخوين غريم»، لكن لم أستطع الربط بين العنوان والأعمال الموجودة حيث توقعت وجود رومانسية بشكل أكبر».

وأضاف: «على ما يبدو أن الفنان سبهان أراد النسج على المنوال نفسه الذي يتبعه مقدماً موضوعات مختلفة أضاف فيها الشراكات ضمن اللوحات على عكس أعماله السابقة التي كان يستحوذ عليها وجه شخص واحد فقط، لكن دائماً هناك سوداوية في أعماله تؤكد مقولته بأنه عالم مشوه لا يمكننا تصويره بعكس حقيقته».

طابع خاص

وأشار الفنان التشكيلي أسامة دياب إلى أن أعمال الفنان سبهان آدم لها خصوصيتها التي تميز عالمه الخيالي الذي يسحرنا فيه من خلال وجوه شخصياته التي هي عبارة عن مسوخ دأب سبهان على معالجتها بطريقته الخاصة بكل ما فيها من انفعال مرح وساخر.

وأكد أن أغلبية أعماله تمتلك هذا الطابع الخاص القريب من اللاواقع الذي لا يمت للحقيقة بشيء سوى أنه يذكر بروح معينة تلعب على امتداد مساحة اللوحة، فيقول الكثير من خلال شخوصه التي يكررها في أغلب الأحيان بطريقة ساخرة وطفولية إلى حد كبير. وقال: «الفنان سبهان يمتلك تكنيكاً خاصاً فيه قد لا يروق للكثيرين، ولكن أرى أن هذه الشخوص الغريبة فيها فكر إبداعي كبير وهذا الشيء الذي يجعل فنه مميزاً».

بروفايل

ولد الفنان التشكيلي السوري سبهان آدم عام 1972 في مدينة الحسكة، ويعتبر واحداً من أبرز فناني ما بعد الحداثة في العالم العربي.

تنقل بين الكثير من البلدان فقدم عشرات المعارض حول العالم، وهو أحد التشكيليين الذين نجحوا في توظيف الرؤية الحديثة فأنتجوا فناً مؤثراً أعادوا فيه صياغة الذهنية المعرفية والشمولية للتشكيل.

انطلق من بلده إلى العالم بعصامية بحتة فبدأ رحلته الفنية بعمله الدؤوب وبتعلمه الذاتي إلى أن وصلت أعماله إلى أعرق دور العرض العالمية ووضعت في أهم متاحف الفن الحديث، كما زينت أغلفة مجلات عالمية متخصصة بالتشكيل في اختراق قل نظيره بين الفنانين العرب، ودخلت أعماله أيضاً في مزادات مثل «كريستيز» في دبي و«سوذبيز» في لندن.

ويعد الفنان آدم اليوم مدرسة مستقلة لها طابعها الغرائبي، حيث تتشكل شخصياته اللونية بعنف دال على دواخل نفسية متمردة تجاوز فيها كل تقنيات المدارس الانطباعية والتصويرية التي تعجز أحياناً عن التعبير، فكانت تجربته الفنية الرائدة مصدر إلهام للكثيرين من أبناء جيله والأجيال اللاحقة من الفنانين الذين استوحوا من أعماله المتمردة الكثير، فكان منهم المقلدون والمريدون في مختلف أنحاء العالم.

عرض آدم أعماله في مؤسسات عديدة منها وفيزي غاليري في فلورنسا، ومعهد العالَم العربي في باريس، وبينالي البندقية. وأعماله مقتناة من المتحف البريطاني، ومجموعة جالانبو الفنية، ومؤسسة بارجيل للفنون، والعديد من المجموعات الخاصة.

ويقول عن أعماله: إنها متأثرة حكماً بتجاربه وبأن «المعرفة تنبع من الحقيقة، وليس من التأثر بعمل شخص آخر». ويؤكد الفنان أن مخلوقاته البشرية مرتبطة «بالألم والخوف والهلع التي يعاني مجتمعنا منها بشكل مزمن، ويردف قائلاً: «أحبّ الناس وأحبّ الطبيعة، ولكن عندما يكون هناك ذلك الكمّ الكبير من الألم داخلك وحولك، يصبح من المستحيل رسم عصافير وأزهار».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن