اقتصاد

في ختام أعمال لجنتهم المشتركة.. السوريون والعراقيون وضعوا مشاكلهم على الطاولة … خليل: الحدود بيننا تساعد بتخفيف تكلفة النقل والتعاون الاقتصادي مقتصر على التبادل التجاري … الغريري: سأتبنى الطروحات بشكل رسمي وشخصي وسيختلف الأداء في الفترة المقبلة

| جلنار العلي

أنهت اللجنة السورية- العراقية المشتركة يوم أمس اجتماعات دورتها الحادية عشرة التي عقدت في دمشق، وذلك من خلال عقد ملتقى ضم شخصيات حكومية من الطرفين ورجال أعمال سوريين لبحث المعوقات التي تواجههم والتي تحول من دون تنمية التعاون الاقتصادي بين البلدين.

بداية، اعتبر وزير الاقتصاد السوري الدكتور محمد سامر خليل، أن هذه اللقاءات على غاية من الأهمية، خاصة أنها جمعت رجال أعمال سوريين من مختلف القطاعات مع مسؤولين حكوميين من العراق، بهدف إزالة كل ما هو متبقٍ من عقبات تحول من دون تنمية حجم التبادل التجاري بين البلدين الذي أوضحت أرقامه وجود تراجع فيه، حيث وصلت قيم الاستيراد والتصدير في عام 2018 إلى 560 مليون يورو، لتنخفض فيما بعد إلى 300 مليون يورو، لتعود وترتفع في العام الماضي إلى 400 مليون يورو، لافتاً إلى أن الميزان التجاري راجح باتجاه العراق وأن ارتفاع تكاليف البضائع عامل معوق للمنافسة، لكون البضائع من الدول الأخرى أقل تكلفة.

مشاريع مفيدة للبلدين

وأشار إلى أن الامتداد الجغرافي بين البلدين هو امتداد اقتصادي حقيقي، والحدود بينهما تؤهل أن تكون تكلفة النقل أقل، وبالتالي زيادة القدرة على المنافسة، لافتاً إلى أن التعاون الاقتصادي لا يزال مقتصراً على التبادل التجاري، مؤكداً ضرورة تعزيز التعاون الاستثماري من خلال ما تقدمه العراق من خبراتها في هذا المجال وما تقدمه سورية من خلال قانون الاستثمار رقم 18 لعام 2021 وتعديلاته، ما يخلق مشاريع جديدة مفيدة للبلدين.

من جانبه طرح رئيس مجلس الأعمال السوري- العراقي المشترك محمد السواح، مشاكل عدة يعاني منها التجار منها المدفوعات المفروضة على السيارات في الطرقات الواصلة من منطقة ما بعد البوكمال وحتى العراق، مطالباً بتخفيض هذه المبالغ إلى الحد الأدنى وخاصة بالنسبة للمواد الرخيصة كالزراعية والنسيجية، لافتاً إلى أن الشاحنات التي تنقل البضائع من الأردن أو الخليج إلى بغداد لا يطلب منها أي مبالغ، مشيراً إلى أن المجلس أمّن مستودعات للبضائع السورية لتكون مساعدة بزيادة المنافسة.

توازن التجارة البينية

وفي تصريح لـ«الوطن»، أشار السواح إلى أن مخرجات الاجتماع تركزت على تحقيق عملية توازن في التجارة البينية بين سورية والعراق، وخاصة أنهما بلدان متجاوران لذلك يجب أن تعود الحالة الاقتصادية والتجارية إلى عهدها السابق، لافتاً إلى أن مهام مجلس الأعمال السوري- العراقي تتركز في نقل المعوقات إلى الحكومتين.

وفيما بعد بدأ رجال الأعمال بطرح مشاكلهم خلال الملتقى، حيث تطرق رئيس القطاع النسيجي في غرفة صناعة دمشق وريفها نور الدين سمحا، إلى مشكلة الإقامات وتأشيرات الدخول للعمال السوريين الذين يعملون في فروع الشركات السورية بالعراق، لكون إنجاز هذه الأوراق يتطلب عامين كاملين، كما ذَكَّر خلال مداخلته بالاتفاقية العربية التي تنص على عدم وجود رسوم جمركية على البضائع، ومع ذلك يقوم الجانب السوري بدفع خمسة بالمئة رغم وجود دول أخرى لا تدفع هذه الرسوم.

رئيس القطاع الكيميائي في غرفة صناعة دمشق وريفها حسام عابدين، أكد أن الجانب العراقي فرض رسوماً مرتفعة جداً على البضائع السورية، مطالباً بتخفيض هذه الرسوم أو توحيدها بين البلدين.

تسهيلات للتجار

أما رئيس غرفة تجارة حلب وعضو مجلس الشعب عامر حموي، فقد قدم عدة مقترحات ومطالب لتحسين التعاون بين البلدين، منها تقديم كل التسهيلات لدخول التجار المسجلين أصولاً لدى البلدين، وتقديم إقامة مميزة لرجال الأعمال العراقيين في سورية شبيهة بالإقامة الذهبية تتيح لهم كل التسهيلات مهما كان غرض الزيارة، إضافة إلى تسهيل تعامل التجار بالقطع الأجنبي، وإعادة تفعيل المنطقة الحرة المشتركة وإنشاء خط نقل ترانزيت، واستصدار قرارات خاصة لتسهيل إجراءات التملك للعراقيين في سورية وتشجيعهم على ذلك، خاصة أن سورية بيئة خصبة لكل الاستثمارات وعلى رأسها تلك المتعلقة بإعادة الإعمار، وختم مطالبه بضرورة التعاون لإعادة تفعيل القنصلية العراقية في حلب ورحلات جوية من بغداد إلى حلب وبالعكس.

فيما رأى رئيس رابطة المصدرين السوريين للألبسة والنسيج رغيد الحلبي أن العمل التجاري يحتاج إلى مرونة أكثر وخاصة في مجال منح التأشيرات والإقامات للصناعيين والتجار لكونها قصيرة الأمد، لأن المنتجات السورية أثبتت نجاحها في السوق العراقية.

خطة مشتركة

وفي المجال الزراعي، طالب عضو لجنة سوق الهال وأحد مصدري الخضر والفواكه إلى العراق، موفق طيار، بأنه في حال رغب العراق بمنع استيراد أي مادة أن يخبر الجانب السوري بذلك، كي لا تتكرر مشكلة العام الماضي عندما تم منع استيراد البطاطا.

وفي هذا السياق، طالب رئيس اتحاد غرف الزراعة السورية محمد كشتو بتفعيل الرزنامة الزراعية بين البلدين، لمعرفة أوقات الإنتاج والمواسم لإدارة التصدير، متمنياً من العراق إعلان تكاليف التخليص الجمركي للسيارات الخارجة من سورية بشكل علني، بسبب وجود إشكالية في هذا الجانب، متطرقاً إلى مشكلة أخرى، وهي أن العراق يسمح باستيراد سلع معينة ويحدد المنفذ الحدودي الذي ستدخل منه هذه السلع، وهذا يعد أمراً مربكاً وخاصة بالنسبة للمنتجات الزراعية، مقترحاً تنفيذ مبدأ المقايضة بين البلدين، عبر إعادة السيارة إلى سورية معبأة ببضائع عراقية، وذلك تخفيفاً للتكاليف.

إجراءات حقيقية

ختاماً بين وزير التجارة العراقي أثير الغريري أن الحكومة والمؤسسات العراقية مطالبة باتخاذ إجراءات حقيقية، مقدماً وعوداً للجانب السوري بأن يتبنى الطروحات بشكل رسمي وشخصي.

ورداً على بعض الطروحات المتعلقة بمنع استيراد مواد زراعية، أكد الغريري أنه من الممكن أن يكون العراق قد أصدر مثل هذه القرارات سابقاً، مبرراً ذلك بأن العراق واجه أيضاً ظروفاً صعبة، آخرها كان عدم الاستقرار السياسي، ولكن سيختلف الأداء خلال الفترة المقبلة، وسيكون هناك اجتماعات مع وزارة الزراعة لضمان حماية حقوق المصدرين والمنتجات الزراعية السورية إلى العراق.

وأضاف: إنه قام بتسجيل المداخلات حول التأشيرات إلى العراق وسيرفعها إلى الرئيس العراقي، وكذلك الأمر بالنسبة لبقية الملاحظات لتنفذ بشكل حقيقي.

من جانبه بين رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار في العراق الدكتور حيدر مكية، في تصريح لـ«الوطن»، أنه من الممكن أن تستثمر العراق في سورية بقطاع الطاقة والكهرباء من خلال مستثمرين جادين، وذلك خلال الفترة القريبة، لافتاً إلى ورود العديد من الملاحظات خلال اجتماعات الدورة الحادية عشرة للجنة المشتركة، وأنه مهتم بشكل شخصي بالتواصل مع المستثمرين العراقيين الجادين للعمل بها، وذلك يقترن مع توافر البيئة الآمنة.

معوقات في الشحن

رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية غزوان المصري، بيّن في تصريح لـ«الوطن» على هامش الملتقى، أن أجواء الاجتماعات كانت إيجابية جداً لتذليل الصعوبات بين البلدين، وخاصة أن أرقام التبادل التجاري قبل الحرب على سورية كانت تقدر بـ3 مليارات دولار، لافتاً إلى أن أكثر المعوقات حالياً تتركز في الشحن بين البلدين، حيث تصل تكلفة السيارة إلى العراق بـ10 آلاف دولار، في حين تبلغ تكلفة السيارة من تركيا إلى العراق نحو 1000 دولار، ومن الأردن 2000 دولار، متسائلاً عن إمكانية المنافسة في ظل هذه الظروف، مشيراً إلى أن الجانب العراقي أطلق وعوداً بأن السيارة ستتمكن من الدخول إلى العراق بأدنى التكاليف.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن