ثقافة وفن

إيلي شويري ورحلة الفن

| إسماعيل مروة

كان طاقة من إبداع وحب وفن إيلي شويري، عاش فناناً حقيقياً لم يعرف التذبذب في مستواه الفني طوال حياته، فكان مبدعاً في كل حال، سواء كان كاتباً وشاعراً للأغنيات، وكان ملحناً لهذه الكلمات أم لسواها، لم يعرف هبوطاً في مستواه الفني، ولم يشكل كوكبة من المريدين حوله، بل كان مبدعاً حقيقياً… رحل إيلي شويري بعد سنوات مثقلة بالتعب والحزن وحيداً، فمن أعطاهم الكثير لم يلتفتوا إلى أيامه وسنواته، وكان كل عمره يراهن على الفن الجميل والراقي، وهاهو يغادر بصمت، ويقتصر الحديث عنه على عناوين جافة (غادر إلى رفاق الدرب)(غادر صاحب الفن)(غادرنا إيلي شويري) وسوى ذلك من عناوين لابد منها، لكنها كانت متأخرة عن الشاعر والملحن الذي أراد للأغنية مؤسسات، وملف الحلول لواقع الأغنية العربية الراقية، وطرح حلوله، ولكن هذه الآراء بقيت تتردد مع ما غناه وكتبه ولحنه (يرحم أيامك يا عبد الوهاب).

أغنى إيلي شويري الغناء العربي بكثير من الروائع، ويكفي أن نذكر له (صف العسكر) وأن نذكر (بكتب اسمك يا بلادي) وأن نذكر (صبي ولا بنت).. غنى للبنان، وترنم بسورية وبقي وفياً لسورية انتماء وعقيدة حتى الرحيل، ولا ينسى المتابع السوري رائعته( يا أهل الشام)التي صاغها كلاماً ولحناً، واستلهم فيها تراث سورية والشام وقدودها وأغنياتها ليصيغ منها مزيجاً يليق بالشام، في حفل مشهود وأقيم في دار الأوبرا بدمشق، وكان صاحب الفكرة والأوبرايت واللحن والكلمة والمشاركة حين أعاد ماجدة الرومي لتغني مجد الشام وبردى على ضفاف بردى..

إيلي شويري الحزين صوتاً ولحناً، المتواضع الطيب، الراكض عمره وراء فكر لا يغيره، صديق الرحابنة وشريكهم في مشروعهم المسرحي، والشريك الفاعل لنهضة موسيقية في خمارة جورية وسواها، رحل شركاؤه.. غاب عاصي، واستقر منصور في مشروعه المسرحي والكتابي حتى رحل وهو يناشد أقوياء العالم، وبقي إيلي شويري هناك وحيداً بعيداً، وكانت حصيلة بعد الخيبات الكثيرة وافرة، من أغنيات باقية، وقصائد تبقى دالة على مبدع من نوع مختلف..

كل الذين أحبهم إيلي شويري رحلوا أو تركوه وحيداً، وهاهو اليوم يغادر بعد أن خلّد اسمه على كل حنجرة تنتمي للبلاد والمواقف والفن الأصيل..

رحل إيلي شويري وأحبابه الحقيقيون يعزون بعضهم به، وإن كانوا لا يملكون القدرة على جعل عزائه وقدّاسه في مرتبه تعادل قيمته في الفن والشعر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن