ثقافة وفن

رحيل «أبو الكوميديا السورية» … هشام شربتجي.. واحد من أهم المجددين في الدراما السورية عبر تاريخها

| وائل العدس

نعت وزارة الإعلام ونقابة الفنانين ولجنة صناعة السينما والتلفزيون المخرج الكبير هشام شربتجي عن عمر ناهز الخامسة والسبعين بعد صراع طويل مع المرض.

في أواخر العام الماضي دخل إسعافياً إلى العناية المركزة بعد تعرضه لأزمة دماغية مفاجئة ألزمته الفراش ومنعته من الحركة، حيث تعرض إلى أذية جديدة منذ ما يقارب العشرة الأيام أدخلته مجدداً إلى المستشفى ودخل على إثرها في غيبوبة قبل أن يفارق الحياة.

وأعلن نجله المخرج يزن شربتجي خبر الوفاة، فنشر صورة والده وكتب: «شكراً عكل شي، الرحمة لروحك».

نقلة نوعية

من الصعب المرور بتاريخ الدراما السورية من دون ذكر اسمه ودوره البارز في نقلتها النوعية، ووصولها إلى ما هي عليه الآن، بعدما قدم أعمالاً متنوعة اتصفت بأهميتها الدرامية الكبيرة على الساحة الفنية.

تنوعت الأعمال التي أخرجها وكانت له بصمته الواضحة في الأعمال الكوميدية، التي لاقت نجاحاً لافتاً وكبيراً في جميع البلدان العربية لما تميزت فيه من خفة ظل، ومن معالجة لموضوعات كوميدية بسيطة قريبة من هموم الناس في كل زمان ومكان.

مخرج مبدع وإنسان حقيقي متصالح مع نفسه، محترف بعمله وصريح إلى أقصى الحدود، وهو «أبو الكوميديا» السورية الحديثة وصانع عشرات النجوم.

ولا شك بأنه واحد من أهم المجددين في الدراما السورية عبر تاريخها، وهو «شيخ المخرجين» و«ملك الكوميديا» التي قدّمها بقالب سلس وبسيط في أعمال لا تُنسَى.

حافظ على أسلوبه السهل الممتنع في أعماله الدرامية الاجتماعية، فخرجت بنكهة مختلفة، وهو أول من أدخل الكاميرا لمناطق العشوائيات وأحزمة الفقر، ومن أوائل المحذرين من مشاكل الدراما السورية واحتمال تراجعها.

أهم الروائع

ولد الراحل في الثاني من آذار عام 1948 في دمشق، ويعد من مؤسسي نهضة الدراما السورية في عصرها الذهبي، وهو حاصل على بكالوريوس أكاديمية الفنون (المعهد العالي للفنون المسرحية) القاهرة، بعدها سافر إلى ألمانيا حيث أكمل دراسته.

لاقت أعماله رواجاً كبيراً في كل البلدان العربية لما تميزت فيه من خفة ظل، ومن معالجة لموضوعات كوميدية بسيطة قريبة من هموم الناس في كل مكان.

يلقب بـ«شيخ الكار» وهو والد المخرجة رشا شربتجي، وقدم شربتجي للدراما السورية أهم روائعها التي ما زالت تعرض على الشاشات رغم مضي سنوات كثيرة على إنجازها.

بدأ مشواره الفني مخرجاً إذاعياً في إذاعة دمشق، بمشاركة الإعلامي نذير عقيل، وأسس شكلاً جديداً من أشكال الدراما الإذاعية الناقدة، فأصبح اسماً معروفاً رغم عمله خلف الكواليس، وتابع مسيرته في العديد من الأعمال التي لاقت رواجاً كبيراً، ثم طبق التجربة على أعماله التلفزيونية التي وجدت طريق الخلود في ذهن المشاهد على مستوى الساحة العربية.

وكانت له البصمة الأكبر عندما أطلق سلسلة المسلسلات السورية الكوميدية الشهيرة «مرايا»، ابتداء من «مرايا 84» ثم «مرايا 86» ثم «مرايا 88» وحتى «شوفوا الناس» عام 1991.

ومن أعماله أيضاً «البناء 22» و«الوجه الآخر» عام 1992 و«عيلة خمس نجوم» عام 1994 و«يوميات مدير عام» عام 1995 و«أحلام أبو الهنا» و«مدير بالصدفة» و«الغريب والنهر» عام 1996 و«عيلة 6 نجوم» و«يوميات جميل وهناء» و«عيلة 7 نجوم» عام 1997 و«عيلة 8 نجوم» و«طيبون جداً» عام 1998 و«بطل من هذا الزمن» عام 1999 و«أنت عمري» و«أسرار المدينة» عام 2000 و«مبروك» عام 2001 و«صراع الزمن» و«قلة ذوق وكترة غلبة» عام 2002 و«أيامنا الحلوة» و«بنات أكريكوز» عام 2003 و«مرزوق على جميع الجهات» و«رجال تحت الطربوش» عام 2004 و«بقعة ضوء5» عام 2005 و«مرايا 2006» عام 2006 و«جرن الشاويش» عام 2007 و«رياح الخماسين» عام 2008 و«طاش ما طاش» و«أقارب وعقارب» عام 2009 و«آخر خبر» عام 2011 و«المفتاح» عام 2012 و«أزمة عائلية» و«مذكرات عشيقة سابقة» عام 2017.

«أبو الهنا»

في أحد لقاءاته تحدث المخرج الراحل عن تعاونه مع الفنان الكبير دريد لحام في مسلسل «أحلام أبو الهنا»، وقال: «أحببته وعشقته منذ لقائي الأول به، وخلال عملي مع هذا الفنان العظيم تعلمت منه الكثير، تعلمت عمل «الراكور»، وكيف أحب العمل وأخلص له، وكيف أن نص دريد لحام لا يُرمى بل تتعلم منه الأجيال اللاحقة».

في حديثه عن البيئة الشامية يقول شربتجي: «أعمال البيئة الشامية ليست ملعبي، رغم أنني ابن الشام، لكن لا يتوافر النص الجيد الذي يعجبني، ورغم أنني أخرجت عملاً شامياً «جرن الشاويش»، لكنني لم أندم عليه. أما عن سبب غزارة تلك الأعمال، فيعود بالطبع إلى متطلبات السوق ليس أكثر».

ويجد الليث حجو ورشا شربتجي من المخرجين المهمين اليوم، «ليس لأن رشا ابنتي لكن عملها يعجبني، وبالطبع أخذت مني رشا الكثير، بالتأكيد لدي انتقادات لها، وأحب أن أرى عملها بغير عيني، فأنا لا أتدخل في عملها على الإطلاق، حتى إنني لم أعد أزورها في مواقع التصوير».

وأكد أن الدراما السورية الآن بحاجة إلى إعادة تنظيم والابتعاد عن التكرار والبحث عن الوجوه والمواهب الجديدة، وأتمنى لو أن اسمي يسوّق لكنت أنتجت. ولقب «شيخ الكار» لا أعتبره ميزة، لأن الميزة أن يترك العمل بصمة مميزة بعيداً عن الشهرة الزائفة.

كما علق على سلسلة النجوم فقال: «هناك فارق بين الارتجال، وأن أعطي مساحة للممثل، شرط ألا يتجاوزها. المخرج يمكن أن يقترح، ولكنني لا أترك هامشاً، وهناك من سأل على الإنترنت ماذا يعطي هشام شربتجي الممثلين في «عيلة النجوم» قبل بدء العمل حتى يخرجوا بهذه الحالة؟ أنا أعمل على إيجاد نوع من أنواع الانسجام بين الممثلين في العمل، وهذا يتوقف على الممثلين المشاركين معي ومدى تفاعلهم، لكن في المقابل أرى ممثلين يصبحون عند بدء التصوير في عالم ثانٍ، مثلاً يتحدثون عبر الهاتف، فأقول: لقد بدأنا التصوير، فيجيبني: لحظة واحدة فقط… أمثال هؤلاء يأتون فقط لتصوير دورهم من دون أن يظهروا شكلاً من أشكال التعاون أمام الكاميرا».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن