ثقافة وفن

تراث طرطوس اللامادي ومحاولات لحفظه من الاندثار … توثيق عناصر التراث والتقاليد.. هل يكفي لصونه من الضياع؟

| طرطوس - ربا أحمد

منذ فترة ليست بقصيرة بدأ المختصون والناس في قرى طرطوس يتداولون أهمية الحفاظ على الإرث والحضارة والثقافة اللامادية بطرطوس، خوفاً من اندثارها وموتها مع التطور التكنولوجي الكبير وتوجه الأجيال الحالية والقادمة نحو عادات وتقاليد جديدة في ظل موت ورحيل كبار السن وهجرة الشباب لما هو متوارث في قرى طرطوس وبحرها من أغان فلكلورية وصناعات تقليدية وأكلات تراثية أو قصص تاريخية عاشها أجدادنا في مراحل تاريخية مهمة.

ومن المعلوم أن التأريخ الشفوي هو الحصول على شهادات مسجلة صوتياً (أو صوتياً وبصرياً) تتعلق بخبرات أو أحداث أو وقائع أو مشاركات أو مشاهدات أو معارف، وحفظها ومعالجتها وأرشفتها بهدف تحليلها ونشرها في أطر مختلفة، وذلك في إطار تأريخ سير الحياة أو تأريخ مرحلة معاصرة أو إجراء أبحاث حول مواضيع أو أحداث أو مناطق أو فترات، فهل لدى مديرية ثقافة طرطوس مشروع يتناول التأريخ اللامادي؟ أم ستبقى آثارنا الثقافية والشعبية وهويتنا التراثية في مهب رياح الإمكانيات والانتظار لحين الاندثار؟

تواصلت «الوطن» مع المهندسة رولا عقيلي مديرة التراث في وزارة الثقافة والتي أوضحت أن وزارة الثقافة بالتعاون مع الأمانة السورية للتنمية والمجتمع المحلي في مدينة طرطوس بدأت عام 2021 بتنفيذ أولى خطوات المشروع الوطني لتوثيق التراث اللامادي السوري في محافظة طرطوس بهدف العمل على إنجاز قوائم جرد لعناصر أنماط التراث الثقافي اللامادي من أجل صون هذا التراث ورصد المتغيرات التي طرأت عليه وخاصة في مرحلة الحرب التي مرت بها سورية.

حيث شمل المشروع تدريب 60 شاباً وشابة مهتمين بالتراث اللامادي السوري وصونه وهم من العاملين في وزارة الثقافة ومن أفراد الجمعيات الثقافية في طرطوس وكوادر الأمانة السورية للتنمية وذلك تبعاً للاستمارة المصممة والمخصصة لجمع جميع المعلومات اللازمة.

واستمر العمل في مشروع التوثيق لمدة شهر، نتجت عنه قوائم جرد لعناصر التراث الثقافي اللامادي في محافظة طرطوس وثقت رقمياً كلها، ليتم بعدها تشكيل فريق ميداني عدده 11 شخصاً من ضمن فريق المرحلة الأولى، خضعوا لتدريب بهدف بناء القدرات وتعزيز الخلفية المعرفية في التراث، من خلال التعريف بالتراث وآليات التوثيق والجرد والحصر بالإضافة إلى التعريف بمهارات التواصل وأسلوب الحوار مع المجتمع.

فجمعت البيانات عبر زيارات ميدانية للمجتمع المحلي الحامل للعناصر والذي قدم إجابات عن الأسئلة المحددة ضمن استبيان مؤلف من 29 سؤالاً، ثم أعدت وزارة الثقافة ملفات الحصر النهائية للعناصر بعد تدقيق البيانات وتفريغها والعودة إلى المراجع والمصادر لاستكمال المعلومات والبيانات.

وعليه تم حصر خمسة عناصر من محافظة طرطوس وأضيفت إلى القائمة الوطنية، وهذه العناصر هي (عيد الغدير وطقوس قطاف الزيتون وصناعة مقلي الفخار والممارسات المرتبطة بالتنور، وصناعة السفن الخشبية)، تمهيداً لترشيح عناصر لقائمة التراث العالمي من خلال منظمة اليونسكو.

من ناحية ثانية أوضح موسى الخوري مدير مؤسسة وثيقة وطن أن المؤسسة لم تخصص برامج تأريخ شفوي خاصة بالمحافظات، ولكن ضمن برنامجها الخاص بالحرب أجرت بمحافظة طرطوس عدداً من اللقاءات مع أبطال من الجيش أو جرحى أو عوائل متضررة من الحرب بلقاءات توثيق صوتية وبصرية صوتية.

وكذلك ضمن مشروع المونة السورية بالتعاون مع الأمانة السورية للتنمية التقت عائلات من قرية البيضة بطرطوس لتوثيق أصول مادة (الشنكليش) سواء لصناعتها وكيفية انتقالها عبر الأجيال واستمرارها.

وباعتبارها مؤسسة تعنى بالتأريخ اللامادي، أكد الخوري أن المؤسسة في إطار توسيع مشاريعها للحفاظ على الإرث في محافظة طرطوس وغيرها ولكن الأمر بحاجة إلى التمويل الكافي والكوادر البشرية المؤهلة والكافية.

والسؤال: هل هذا العمل المركزي كاف لحفظ تراث كبير في محافظة طرطوس التي تزخر قراها بتراث جميل كالأعراس الشعبية والهنهنات والأغاني الزجيلة والقروية؟ وهل ستصبح صناعة القوارب وأطباق القش واللباس الريفي التقليدي ذكريات تشاهد بالصور والأفلام؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن