رياضة

كرة القدم السورية تفتقر إلى الثقافة الكروية الاحترافية … النشاط الكروي يعتمد على الجهد الشخصي وهذا لم يعد كافياً

| ناصر النجار

المتابع لكرة القدم السورية يلمس قصوراً واضحاً في العمل الإداري والعمل التنظيمي والسبب في ذلك ضعف البنية الأكاديمية في عالم كرة القدم، ويعود إلى ذلك إلى فقر كرتنا إلى دورات التأهيل والتثقيف وقد تكون من بدهيات العمل وربما كانت القاعدة الأساسية التي تبنى عليها شخصية الكروي ليكون من القادة الكرويين أو على الأقل قادراً على القيام بمهامه الإدارية وما يتعلق بها من جوانب تنظيمية.

والنقطة التي أثيرت في اتحاد كرة القدم قبل أيام كانت تتعلق بتقارير المباريات، وقد كان هناك تساؤلات عديدة حول أهلية المراقب ليكون مراقباً، فليس من الضروري أن تكون كروياً لتصبح مراقباً، ولا يمكن لأي حكم تقاعد أن يصبح مقيّماً للحكام، إلا أن اتحاد كرة القدم يزج بمن يراه مناسباً ليكون مراقباً من مبدأ أن هذا الكروي ليس غريباً عن كرة القدم ويمكنه القيام بمهامه حسب اجتهاده.

القضية في مراقبة المباريات عبارة عن اجتهاد شخصي وكلما كان المراقب يملك (كاريزما) جيدة وفهماً واسعاً لمهامه واطلاعاً على القانون كان الأكثر نجاحاً من غيره.

الموضوع برمته بات اجتهاداً شخصياً ونجاحه يرتبط بقدرة المراقب على حسن التنفيذ حسب ما عنده من معلومات، ونحن نعلم أن اتحاد كرة القدم أقام عدة دورات للمراقبين الإداريين إلا أن هذه الدورات رغم جودتها ووجود محاضرين اختصاصيين معتمدين من الاتحاد الآسيوي لكن التنفيذ على أرض الواقع غير ملب للطموح وقاصر ويحتاج إلى المتابعة والمحاسبة بآن معاً، وأكثر شيء قام به اتحاد كرة القدم أن يقوم بتوقيف بعض المراقبين بين الحينة والأخرى بتوصية من لجنة الانضباط والأخلاق.

توسيع المهام

مباريات كرة القدم باتت تحتاج إلى فريق عمل كامل لتحقق أركان النجاح، واتحاد كرة القدم بدأ بتأسيس هذا الفريق وتوسيع المهام، ما يخص الحكام مثلاً فالمباراة يقودها أربعة حكام ومعهم مقيّم لأدائهم، أما المهام الإدارية فكان المراقب منوطاً به كل شيء، ولأن الإحاطة بكل شيء باتت من المستحيلات لذلك وزع المهام فهناك المنسق العام والمنسق الإعلامي إضافة إلى المراقب، ولكل مهامه، فاتحاد كرة القدم بدأ بالتدريج في تنفيذ ما هو معمول به في الاتحادين الدولي والآسيوي، وربما أضاف مستقبلاً مهام أخرى إلى المباريات كالمسؤول الأمني، وحالياً مستغنٍ عن ذلك بوجود رجال حفظ النظام.

المنسق الإعلامي مهامه محصورة بالعمل الإعلامي الخاص بالمباريات، لكن كل المنسقين يعملون ضمن إمكانياتهم الذاتية لعدم وجود مقومات العمل الإعلامي في الملاعب إضافة لعدم تعاون الجهات الأخرى مع المنسق الإعلامي.

ما يقوم به المنسق الإعلامي منع الإعلاميين الذي لا يحملون بطاقات ومهمات تخولهم حضور المباراة وتغطية فعاليتها، إرشاد المصورين إلى أماكنهم الصحيحة، توزيع ضبط المباراة على الواتس آب على الصحفيين الحاضرين، وتنظيم المؤتمر الصحفي آخر المباراة، والمشكلة الأولى أن كل ملاعبنا لم تراع موضوع رجال الإعلام، وعلى الأغلب ليس لهم مكان مخصص، وإذا وجد فهو غير مجهز، وكم رأينا في ملاعبنا الإعلاميين محشورين في مكان ضيق، ففي الملاعب العربية وليست العالمية لكل إعلامي مقعد مخصص وطاولة يمكن له أن يضع عليها الكمبيوتر أو أن يكتب على أوراقه، لكن الإعلامي في ملاعبنا عليه أن يجد الطريقة الملائمة لنقل أحداث المباراة لوسيلته الإعلامية، إضافة لذلك فالخدمات الأخرى مفقودة، فالنت مثلاً غير موجود، وفي ملاعب العرب والعالم هناك خطوط نت للإعلاميين مجانية، وهناك أيضاً قاعة للإعلاميين مجهزة بحواسيب متعددة موصولة بالشبكة العنكبوتية وهناك طابعة يوزع من خلالها ضبط المباراة ومعلومات عنها، فضلاً عن وجود الماء والضيافة، كل هذا الأمر تفتقده ملاعبنا، لذلك علينا تقدير الجهد الكبير الذي يبذله رجال الإعلام في المباريات لنقل أحداثها عبر الوسائل المختلفة إلى جمهور كرة القدم.

المنسق العام مهمة حديثة في ملاعبنا، وهي معروفة بكل مهامها وشروطها ومؤهلات من يقوم بها خارج ملاعبنا، أما في ملاعبنا فهذه المهمة في الوقت الحالي مهمة شرفية ومهام المنسق غير واضحة، فربما يقوم بتنظيم المنصة الرئيسية وغير ذلك من الأعمال البسيطة مع العلم أن المنسق العام تبدأ الأعمال منه وتنتهي إليه، فكل المهام الأخرى تجري بالتنسيق معه فهو رجل المباراة، تبدأ مهامه قبل المباراة بساعتين على الأقل من خلال تفقد المداخل ومنافذ الخروج، وتنظيم قاعة الشرف إن وجدت، تنظيم الدخول والجلوس في المنصة الرئيسية، مراقبة المدرجات، التعاون مع المنسق الإعلامي والمراقب، أشياء كثيرة أخرى ومهمة هي من مهام المنسق العام والبداية تكون بالتعاون مع مدير الملعب.

وكما قلنا لأن هذه المهمة حديثة العهد فغير معلوم مهامها والأمور المنوطة بها، لذلك نرى أن المكلفين هذه المهام لا يعرفون طبيعة مهامهم، وأغلبهم يأتي تكليفهم شرفياً حسب الدعم والوساطة وللأسف هناك أشخاص ينتقلون من مهام إلى أخرى بعيداً عن التخصص، فتارة من تراه مراقباً في مباراة وتجده منسقاً في أخرى، ومن تراه منسقاً إعلامياً هنا تجد منسقاً عاماً هناك، وهذا يقودنا إلى أن مهمة المنسق العام يشغلها أي شخص لعدم وجود الاختصاص ولأن اتحاد اللعبة لم يوضح المهام ولم يقم بأي دورة في هذا الاختصاص.

المسؤول الأمني

من المهام المفروضة بالاتحادين الدولي والآسيوي المسؤول الأمني وهو موجود في الملاعب منذ سنوات طويلة ولا تقام مباراة من دون وجوده، وحسب المفهوم الدولي فإن مهام المسؤول الأمني في المباريات هي الحفظ على الأمن في الملعب وتأمين دخول وخروج الجماهير بسهولة ويسر وحماية الفريقين والحكام ومسؤولي المباريات إضافة لخطة طوارئ واضحة في حال حدوث أي طارئ كشغب أو حريق أو دمار مدرج وما شابه ذلك، والمسؤول الأمني مهامه واضحة بالتنسيق مع منظومة الإسعاف ورجال الإطفاء والدفاع المدني إضافة إلى رجال حفظ النظام.

في هذا الاتجاه يتم التطبيق حسب الإمكانيات المتاحة وحسب الأولويات، وهذه المهام منوط بها مراقب المباراة بالتعاون مع رجال حفظ النظام الذين يقومون بواجبهم في حفظ الأمن بالملاعب وحماية كل أطراف اللعبة والجمهور أيضاً، وأداؤهم متفاوت من مباراة إلى أخرى وحسب طبيعة المباراة وحساسيتها وعدد الجماهير الحاضرة، لذلك دائماً كان هناك تعاون كامل بين الاتحاد الرياضي العام ووزارة الداخلية في هذا الجانب مع اقتراح تخصيص فرقة في كل محافظة مهمتها حفظ أمن الملاعب.

في هذا الشأن يحرص اتحاد كرة القدم على وجود رجال حفظ النظام إضافة إلى سيارة إسعاف كشرطين رئيسيين لإقامة المباريات، وهذا يطبق في مباريات الدوري الكروي الممتاز، أما في بقية الدرجات والفئات فإن وجود هذين الشرطين متفاوت، وعلى الأغلب نسمع أن هناك من يضع سيارته الخاصة تحت تصرف المراقب في المباراة لنقل الحالات التي يتطلب إسعافها إلى المشافي، أو الحالات الأخرى فإن المعالجين المرافقين للفرق يقومون بها على أرض الملعب.

وفي هذا الخصوص كان هناك اقتراح للاتحاد الرياضي العام منذ سنوات كثيرة بإقامة نقط طبية أو مراكز صحية خاصة بإصابات الملاعب تحت إشراف اتحاد الطب الرياضي على أن تكون هذه المراكز مخصصة لعلاج الرياضيين مع مخابر تحليل وتصوير أشعة وهذا يخفض العبء كثيراً على وزارة الصحة ومنظمة الهلال الأحمر السوري التي تقوم بمهام كثيرة مشكورة عليها، ولأن الشيء بالشيء يذكر فإننا نذكر بضرورة سن قانون التأمين الصحي للرياضيين نظراً لأهميته الكبيرة، وأهمية هذا القانون لا تحتاج للشرح والإيضاح لأنها معروفة، فهناك الكثير من الرياضيين يصلون إلى مراحل العجز بسبب الإصابات وهذا مثال بسيط من أمثلة عديدة يحتاجها الرياضيون في كل يوم وفي الكثير من الحالات.

نحو الأفضل

يمكننا الوصول إلى ما سبق ضمن الشروط الدولية والآسيوية بيسر وسهولة، ونحن معرضون للاختبار في هذا الشأن حال إقامة مباراة دولية على أرضنا أو دورة مصغرة ودية أو رسمية لذلك يجب أن نكون مؤهلين لتحقيق النجاح.

لن نكون مؤهلين بشكل جيد إلا إذا تم تأهيل كوادرنا ليكونوا قادرين على القيام بكل المهام بدقة متناهية، في اتحاد كرة القدم شرط المراقب أن يكون كروياً سابقاً أو أن يكون عضواً في لجنة عليا أو لجنة فنية في أي محافظة، لكن هل يستطيع كل هؤلاء القيام بواجب المراقبة على أكمل وجه؟

الملاحظ أن الكثير من المراقبين إما لا يعرفون طبيعة مهامهم وإما أنهم لا يقومون بمهامهم على أكمل وجه، لذلك نجد الكثير من الحالات في المباريات يتم رصدها من خلال المتابعة المباشرة على أرض الملعب؟

أو من خلال النقل التلفزيوني ولا يتم رصدها من المراقب وكأنه في عالم آخر، وإذا ابتعدنا عن الظن وعن سوء النية بعدم تدوين كل الملاحظات فإننا نصل إلى مفهوم مفاده أن المراقب الذي ينقل الحالات والمخالفات المرتكبة في المباريات غير جدير بهذه المهمة لأنه لا يعرف طبيعة عمله وكم من مراقب تمت معاقبته هذا الموسم لتقصيره في مهامه.

بالمحصلة العامة فإن نجاح المباريات ونجاح الدوري الكروي الممتاز يتطلب وجود عوامل كثيرة كلها مهمة ومنها ما استعرضناه في هذا العدد، ونأمل من اتحاد الكرة أن يجتهد في هذا الجانب من خلال اختيار العناصر الأكثر كفاءة لإدارة المباريات سواء أكانوا مراقبين أم منسقين أو منسقين إعلاميين، إضافة إلى إقامة المزيد من الدورات، والاهتمام بالكوادر الشابة ليتم تأهيلهم للمستقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن