اقتصاد

أمام أكثر من ٢٠٠ صناعي في اجتماع الهيئة العام لغرفة صناعة حلب … جوخدار: أبواب وزارة الصناعة مفتوحة للقطاع الخاص وحلب عاصمة الصناعة السورية

| حلب- خالد زنكلو

شدد وزير الصناعة عبد القادر جوخدار على أن ما تشهد الساحة العربية من استقرار «يبشر بالنهوض على كل الصعد»، وذلك إثر مشاركة الرئيس بشار الأسد في اجتماع الدورة العادية الثانية والثلاثين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة أول من أمس الجمعة.

ودعا جوخدار، وبحضور أكثر من ٢٠٠ صناعي حلبي في اجتماع الهيئة العامة السنوي لغرفة صناعة حلب بفندق شهباء حلب أمس إلى «التشاركية وتكامل الأدوار بين الجميع لمواجهة التحديات والعمل برؤية مشتركة لتقديم أفضل الحلول».

وقال: «على الرغم من الصعوبات والحصار الاقتصادي، ينصب جهد الحكومة والفريق الاقتصادي على إدارة الموارد وفق الإمكانات المتاحة مع تطوير البيئة التشريعية لعملها لتلبية حاجة السوق المحلية».

وأكد أن وزارة الصناعة «حاضنة للقطاع الصناعي الخاص وأبوابها مفتوحة لأي طرح بهدف تحقيق النمو الاقتصادي وتطوير الصناعة السورية للوصول إلى حلول سريعة لتجاوز التحديات الراهن».

مشاريع رائدة

وأشار إلى أن الوزارة «شرعت بتنفيذ المشاريع الرائدة بالتعاون مع الأصدقاء، وتعزيز الموارد البشرية ومشاريع التحول الرقمي في القطاعات الحديثة مع الدول الصديقة، ونتطلع للعمل للنهوض بتطوير القطاع الصناعي عبر تطوير الشركات والصناعات التحويلية وتطوير تكنولوجيا الصناعات لمواكبة التطور المتسارع في الصناعة العالمية، إلى جانب تطوير المدن الصناعية والاستثمار الأمثل للموارد».

جوخدار شدد على أن حلب عاصمة الصناعة السورية «ستظل عصية على الغزاة»، منوهاً بالدور المهم لاتحاد غرف الصناعة وغرف الصناعة السورية «كمنصات لتحقيق التقدم المنشود للصناعة الوطنية»، وأشاد بما قامت به غرفة صناعة حلب «وبما قدمته للصناعيين رغم كل ما تعرضت له من تدمير البنية التحتية على يد الجماعات الإرهابية، وما أبدعته من مبادرات مجتمعية مثل إغاثة متضرري الزلزال»، ووعد الصناعيين بتكرار الحوار معهم بشكل مستمر في مناسبات قريبة قادمة.

من جهته، قال رئيس غرفة صناعة حلب فارس الشهابي: إذا ما نظرنا اليوم إلى كل المؤشرات الاقتصادية دون استثناء من معدلات تضخم ومؤشرات أسعار ومعدلات دخل الفرد وساعات العمل والإنتاج في المصانع وحجم التصدير وعوائد الاستثمار وكلف الإقراض والتشغيل والنقل والطاقة، نرى أن كلها متراجعة بشكل كبير منذ سنتين وبشكل يؤكد أننا نعيش في حالة كساد اقتصادي وانكماش في العملية الإنتاجية، وأصبحنا بعيدين عن النمو والتوسع والنشاط، ولذلك طبعاً أسباب خارجية مفهومة من عقوبات وحصار وأسباب داخلية غير مفهومة من انعدام الرؤى والخطط الفاعلة ومن عدم إصغاء لأصحاب الوجع وأصحاب الحل».

وأضاف الشهابي خلال كلمته في المؤتمر السنوي للغرفة: «فمعظم مقررات المؤتمر الصناعي الثالث في ٢٠١٨ لم تنفذ وتم تسويفها، وتم وضع إجراءات مصرفية خانقة لا ترتقي إلى مصاف السياسات والرؤى ولا تلبي الطموحات ولا تتناسب مع قدرة المواطن السوري على الإنتاج والإبداع والتفوق، وتسببت بالغلاء والتضخم ولم تلجم أسعار الصرف كما ادعى أصحابها وثبت أن ما حذرنا منه منذ سنوات حدث للأسف».

تشجيع العملية الإنتاجية

وبين أن محاربة التضخم والغلاء «لا تكون بخنق العملية الإنتاجية بل بتشجيعها لزيادة العرض في الأسواق، فلم يبق لدينا مورد حقيقي للقطع الأجنبي سوى تصدير الإنتاج الصناعي والزراعي، وعلينا أن نبني الخطط الاقتصادية والتنموية بموازنات لا تعتمد فقط على تصدير القطن والنفط والقمح كما تعودنا لعقود، بل تعتمد على ما يمكننا إنتاجه كقيمة مضافة، أي بالاعتماد على مواردنا البشرية كأهم مورد وأهم ميزة تنافسية لنا بين دول المنطقة».

وأكد واثقاً «أننا نستطيع بسرعة قياسية أن نكون صيناً صغرى تصنع وتصدر للأسواق الإقليمية المجاورة وللأسواق العالمية، لكن يلزمنا تغيرات جذرية في الفكر والنهج والأسلوب، ومن هنا نؤكد مجدداً على رؤيتنا الثابتة في غرفة صناعة حلب أننا مع إقامة صناعة تنافسية (غير احتكارية) في الأسواق المفتوحة (غير المغلقة) بشرط أن يكون أي انفتاح تجاري متدرجاً ومدروساً ومبرمجاً بدرجة جهوزية ونمو هذه الصناعة، أي وفق سياسة عقلنة ترشيد الاستيراد مؤقتاً وفق نمو القدرة الإنتاجية ووفق سياسة عقلنة وترشيد الإنتاج أيضاً وفق أولويات الاقتصاد الوطني».

التهيئة للمنافسة

وزاد: «لا يمكن أن نزج فوراً بصناعة مثقلة بالمشاكل وخارجة من الحرب بمنافسة تسويقية مع صناعات أجنبية لم تعان أي شيء بل حظيت بدعم حكوماتها، والمطلوب: هو تهيئة صناعتنا للمنافسة القادمة عبر تخفيض كلفها وإزالة العراقيل من أمامها».

ورأى، انطلاقاً مما سبق، أن أهم ما يمكن أن تقدمه الغرف الاقتصادية لتحقيق هذه الرؤية التنموية «هو المساهمة الفعالة في التدريب والتأهيل وبناء القدرات لدى مجتمعاتها والمشاركة الحقيقية في رسم السياسات ووضع الخطط التنفيذية وصياغة القرارات».

ولفت إلى أن غرفة صناعة حلب «أول غرفة في سورية تؤسس مركزاً متكاملاً للتنمية البشرية وبناء القدرات منذ ٢٠١٠، وأول غرفة تدرب طلاب الجامعات والمعاهد تدريباً مهنياً في سوق العمل منذ ٢٠١٧ وأول غرفة تتعاون مع مختلف المنظمات الدولية المعنية بالتنمية البشرية، وأول غرفة أسست مكتباً علمياً خاصاً بالبحث العلمي منذ ٢٠١٥، وأول من أسس هيئة استشارية لدعم القرار وتقديم الدراسات فيها خيرة الخبرات الأكاديمية والمهنية، ونستطيع القول إن غرفتكم هي بحق جامعة تقنية مختصة».

تخديم الصناعيين

وعما قدمته الغرفة في عام ٢٠٢٢، أوضح رئيس «صناعة حلب» أنه «في ظل ضعف الاستجابة الحكومية لمعظم المطالب المحقة: خدمت الغرفة صناعييها بكل إخلاص وعملت جادة على حل مشاكلهم وقامت بتقديم الدعم المالي لتركيب الإضاءة في الكثير من المناطق الصناعية وإزالة الأنقاض وإصلاح العديد من الشوارع، إلى جانب تركيب محولات الكهرباء في بعض المناطق. وتأمين مادة المازوت بصعوبة بالغة خارجة عن استطاعتها للمنشآت الصناعية، وأقامت اللقاءات النسيجية والكيميائية مع الحكومة لحل مشاكل هذين القطاعين المهمين وأهم المعارض التصديرية، وجلبت مئات التجار العرب لها وعبرت بصدق وجرأة عن معاناة الصناعيين في عدم توافر مادة المازوت كما يجب وعن مشاكل التمويل.. وعدم توافر مادة القطن ومشاكل الكهرباء ومشاكل الشحن والنقل والتصدير ومشاكل التموين والتهريب، واقترحت حلولاً لكل هذه المشاكل منها ما تم تنفيذه ومنها ما لم ينفذ بعد، وأقامت العديد من الدورات والبرامج التدريبية لرفد سوق العمل بالكفاءات والكوادر.. ونجحت بتشميل أول منطقة صناعية متضررة في سورية كمنطقة متضررة وهي الليرمون التي تم تشميلها بوضعها منطقة تنموية خاصة وفق أحكام القانون ١٨ لعام ٢٠٢١».

التشغيل أولاً

وطرح فارس الشهابي رؤية الغرفة للنهوض بالصناعة الوطنية «وخاصة في ظل الانفتاح العربي على سورية» وما يطمح إليه المستثمر العربي أو المستثمر السوري العائد إلى وطنه وفق الخطوات التالية: «تبني نهج الرعاية بدل الجباية من مبدأ تاريخي مثبت هو التشغيل أولاً كوسيلة للتحصيل وليس العكس وحل مشاكل تمويل المستوردات من ارتفاع تكاليف التمويل وتأخير وتجاوزات فردية من بعض المتنفذين والعمل على تثبيت أسعار الصرف عند حدود منطقية مقبولة اقتصادياً دون المساس بالعملية الإنتاجية لأن تذبذب الأسعار يخسر أي استثمار ويطفشه».

وأضاف: من الخطوات أيضاً، حل المشاكل التقنية للكهرباء في المدينة الصناعية والمناطق الصناعية الأخرى عبر الإسراع بتأمين الأموال من واردات المرسوم ٣٧ لعام ٢٠١٥ وهي أصلاً أموال جمعت من قطاع الأعمال، وأي تأخير في صرف هذه الأموال يفقدها قيمتها في ظل ارتفاع أسعار الصرف، وكذلك الإسراع بتأمين أرض معارض خاصة لحلب لأنها العاصمة الصناعية والإنتاجية في البلاد ولأن معظم المشاركات السورية في المعارض هي من حلب. ووجود معرض دولي يسهم بشكل كبير جداً بنهوض المدينة معيشياً واقتصادياً، إضافة إلى إعادة النظر بالتعليمات التنفيذية للمرسوم ٣ لعام ٢٠٢٣ الخاص بالزلزال لتستفيد من أحكامه أوسع شريحة ممكنة من المتضررين حيث إن الضرر شمل كل نواحي الحياة في المدينة وليس فقط الأبنية المنهارة، والعمل على تخفيض كلف منظومة الإنتاج لتحقيق الميزة التنافسية التصديرية المنشودة للمنتج السوري، حيث إن العديد من المنتجات السورية خرجت من المنافسة العالمية بسبب ارتفاع كلف إنتاجها وخاصة كلف الشحن والطاقة والتمويل.

تخفيض الرسم الجمركي

وطالب بطرح حزمة من القوانين المشجعة لصناعة الآلات وخطوط الإنتاج «وأهمها تخفيض الرسم الجمركي لكل أنواع مادة الصاج غير المنتجة محلياً من 10 بالمئة إلى 1 بالمئة. لا يمكن أن تقوم أي نهضة صناعية في أي بلد دون أن يكون عمودها الفقري صناعة خطوط الإنتاج وصناعة لوازم الإنتاج، مع حل مشكلة التوريدات النفطية لحلب من مازوت وفيول، حيث هناك دائماً نقص وتأخير في تأمين هذه التوريدات ما يتسبب بكلف إضافية وخسائر كبيرة للإنتاج ولقدرته التنافسية، عدا عدم المماطلة أكثر في تنفيذ قرار الحكومة استجابة لطلبنا بتشميل منطقة الليرمون الصناعية بأحكام القانون ١٨ لعام ٢٠٢١ كمنطقة تنموية خاصة، وتشميل باقي المناطق الصناعية المتضررة الأخرى دون استثناء وهذا حقها الطبيعي، ولا يمكن لها أن تنهض بعقلية الجباية السائدة حالياً بل بعقلية الرعاية ومبدأ التشغيل أولاً».

وأكد الضرورة القصوى «لتنشيط الحركة الجوية في مطار حلب، وأهمها خط حلب القاهرة الذي يعيد الأموال المهاجرة، وحلب بغداد الذي يأتي بالأسواق التصديرية..

وختم الشهابي كلمته بالحديث عن زلزال ٦ شباط الماضي بالقول: «عندما ضرب حلب الزلزال، أردنا أن يعرف الجميع ماذا تعني غرفة صناعة حلب وماذا تعني عبارة المسؤولية المجتمعية، وأردنا أن نقدم النموذج الأفضل في العمل الإغاثي والاعتناء بالمجتمع مستفيدين من خبرتنا الطويلة في هذا المجال، فأطلقنا منذ الساعات الأولى حملة إغاثة شاملة وتحولت الغرفة بكل مواردها وكوادرها وإمكاناتها إلى خلية عمل لا تهدأ لأكثر من ثلاثة أشهر، ونالت إعجاب الجميع في سورية وخارجها واختارتها الجهات المتبرعة في كل من مصر والعراق والإمارات ولبنان وإسبانيا، حيث استطاعت بجهودها الفردية من أن تجمع تبرعات نقدية وعينية بقيمة تفوق ١٣ مليار ليرة سورية».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن