سورية

الجانب الصيني أكد دعم الجهود العربية الرامية إلى مساعدة سورية على الخروج من أزمتها … منتدى التعاون العربي – الصيني: الحفاظ على السيادة ووحدة الأراضي وشجب كل الاعتداءات

| سيلفا رزوق

جدد المشاركون في أعمال الدورة الثامنة عشرة لاجتماع كبار المسؤولين والدورة السابعة للحوار السياسي الإستراتيجي على مستوى كبار المسؤولين لمنتدى التعاون العربي الصيني والذي جرى بمشاركة الجمهورية العربية السورية، الالتزام بالحفاظ على سيادة سورية ووحدة أراضيها واستقرارها وسلامتها الإقليمية، ورفض الاعتداء على أراضيها، مرحبين بعودتها إلى جامعة الدول العربية، مؤكدين بالوقت ذاته أن الجولان العربي السوري جزء لا يتجزأ من أراضي الجمهورية العربية السورية، واعتبار قرار ضمه ملغىً وباطلاً.

وعُقدت أمس في مدينة تشنغدو الصينية، الدورة الثامنة عشرة لاجتماع كبار المسؤولين والدورة السابعة للحوار السياسي الإستراتيجي على مستوى كبار المسؤولين لمنتدى التعاون العربي الصيني بمشاركة الجمهورية العربية السورية.

وترأس الجلسة من الجانب الصيني «وانغ دي» مدير عام إدارة غرب آسيا وشمال إفريقيا في الخارجية الصينية، و«لي تشن» رئيس منتدى التعاون العربي الصيني في الخارجية الصينية، وعن الجانب العربي السفير محمد مصطفى عرفي المندوب الدائم لجمهورية مصر العربية لدى جامعة الدول العربية الرئيس الحالي للجانب العربي، والسفير خالد بن محمد منزلاوي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية.

مساعدة سورية

وفي ختام أعمال الدورة السابعة للحوار السياسي الإستراتيجي على مستوى كبار المسؤولين للمنتدى أكد المشاركون في المنتدى في بيان تلقت «الوطن» نسخة منه دعم الجانب الصيني الجهود العربية الرامية إلى مساعدة سورية على الخروج من أزمتها، وإنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة على مدار السنوات الماضية، وتعزيز الظروف المناسبة للعودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين.

وأشار المنتدى إلى مواصلة تبادل الدعم الثابت في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية للجانب الآخر، حيث تؤكد الدول العربية التزامها بثبات بمبدأ الصين الواحدة، ودعم جهود الصين للحفاظ على سيادتها وسلامة أراضيها، بما في ذلك المسائل المتعلقة بتايوان وهونغ كونغ، كما تدعم الصين بثبات جهود الدول العربية للحفاظ على سيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها، ورفض التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية.

القضية الفلسطينية

وأكد المنتدى على أن القضية الفلسطينية تظل قضية مركزية، داعياً إلى إيجاد حل عادل وشامل ودائم لها، من خلال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

وطالب المنتدى بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة باللاجئين، وحماية المدنيين الفلسطينيين.

وأكد الجانب الصيني دعمه للدول العربية لحل القضايا الأمنية في المنطقة عن طريق التضامن والتعاون، ودعمه للدول العربية لاستكشاف طرق تنموية خاصة بها بإرادتها المستقلة، في حين نوه الجانب العربي بالجهود التي تبذلها الدبلوماسية الصينية لدعم القضايا العربية لإيجاد حلول سلمية للأزمات في المنطقة.

الأمن المائي

وأكد المنتدى على أهمية تضافر الجهود الإقليمية والدولية لإيجاد حلول سياسية للأزمات والقضايا الإقليمية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات والمرجعيات ذات الصلة.

وشدد المنتدى على أهمية الحفاظ على الأمن المائي للدول العربية، وضرورة التزام جميع الدول المتشاركة في الأنهار بقواعد القانون الدولي واجبة التطبيق، والتوصل في هذا الإطار للتوافق عبر الحوار والتشاور والتفاهمات ذات الصلة.

وأشار المنتدى إلى أهمية مواصلة التنسيق والتعاون من أجل الحفاظ على المصالح المشتركة للدول النامية، وصيانة النظام الدولي القائم على القانون الدولي وتعددية الأطراف، ورفض تسييس قضايا حقوق الإنسان أو استخدامها كأداة، ورفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى والعقوبات الاقتصادية أحادية الجانب، والتأكيد على أهمية التمسك بمفهوم الأمن المشترك والمتكامل والتعاوني والمستدام، ونبذ دعاوى الكراهية والتطرف وصراع الحضارات بين أتباع الأديان والثقافات، والتأكيد على الالتزام بمكافحة «الإسلام فوبيا» بكل أشكالها، ودعم الحوار بين الحضارات والحفاظ على التنوع الحضاري العالمي، ومعارضة «نظرية صراع الحضارات»، والأخذ بعين الاعتبار والتقدير مبادرات الرئيس الصيني شي جين بينغ بشأن «التنمية العالمية» و«الأمن العالمي» و«الحضارة العالمية»، والترحيب بإعلان فاس الصادر عن المنتدى العالمي التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لتحالف الحضارات للدفع بالحوار بين الثقافات والأديان، وتشجيع التعاون والتضامن والأخوة الإنسانية.

وخلال الجلسة الافتتاحية للدورة الثامنة عشرة لاجتماع كبار المسؤولين والدورة السابعة للحوار السياسي الإستراتيجي على مستوى كبار المسؤولين لمنتدى التعاون العربي الصيني الذي عقد بمشاركة سورية، رحب الجانب الصيني والعديد من المندوبين العرب بعودة سورية إلى الجامعة العربية، والمشاركة في نشاطاتها، وثمنوا جهود الصين في تحقيق الاستقرار الإقليمي من خلال تعزيز المصالحات الإقليمية.

رئيس الوفد السوري المشارك السفير محمد حاج إبراهيم، عبر في كلمة له خلال الاجتماع، عن شكر سورية العميق لجهود الصين الإقليمية التي ساهمت بدفع التفاعلات الإيجابية، موجهاً الشكر أيضاً للدعم الكبير السياسي والإنساني الذي تلقته سورية من الصين خلال سنوات الأزمة.

التطورات الإيجابية تصب في مصلحة المنطقة

ولفت حاج إبراهيم إلى أن منطقتنا العربية شهدت مؤخراً أحداثاً هامة وتفاعلات إيجابية تصب في مصلحة كل الدول العربية واستقرارها وأمنها وازدهار شعوبها، مشيراً إلى أن هذه التطورات حصلت بسبب ازدياد الأخطار الجسيمة التي تحيط بمنطقتنا، وبفضل الجهود البناءة للدول الصديقة التي ترفع شعار التنمية والسعي لحل الأزمات الدولية بالوسائل السلمية في سياستها الخارجية، ونخص بالذكر جمهورية الصين الشعبية الصديقة، وأضاف: «ترحب الجمهورية العربية السورية بكل هذه التطورات الإيجابية وتؤكد دائماً أهمية الحوار وضرورة تعزيز العمل العربي المشترك لمواجهة التحديات والمخاطر التي تواجهها دولنا العربية، وضرورة تهيئة الظروف المناسبة لإيجاد حلول لأزمات المنطقة التي لم تُسبب إلا الدمار والخراب بسبب التدخلات الخارجية السلبية وقوضت عقوداً من جهود التنمية التي عملت شعوبها من أجلها بكد، كما ترحب بلادي – وهي العضو المؤسس لجامعة الدول العربية ومن أوائل الدول العربية التي أقامت علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية الصديقة، بكل سرور ورغبة نابعة من الصميم بتعزيز التعاون العربي الصيني وتطوير آلياته للارتقاء به بشكل مستمر إلى أعلى المستويات».

وأوضح حاج إبراهيم أنه ورغم غياب سورية الطويل عن مثل هذه اللقاءات، إلا أنها كانت تتابع عن كثب وباهتمام بالغ تطورات العلاقات العربية -الصينية مع ثقتها الكاملة بأن نموها سيعود بالفائدة الكبرى لكل الأطراف ويساعد في تحقيق السلام والاستقرار والتنمية في منطقتنا العربية التي عانت لسنوات من الفوضى وعدم الاستقرار نتيجة التدخلات غير المسؤولة من بعض الدول التي تدعي زوراً أنها قطب السلام والديمقراطية الأوحد.

وأشار رئيس الوفد السوري في كلمته إلى الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية ومنشآتها الحيوية وبناها التحتية، والإجراءات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي تجاه المواطنين العرب السوريين في الجولان السوري المحتل، مؤكداً أنها تُهدد سيادة سورية وسلامة أراضيها وتتكامل مع العمليات الإرهابية التي تقوم بها الجماعات الإرهابية المسلحة المدعومة غربياً، وقال: «بناءً عليه نرجو من اجتماعكم الموقر إدانة هذه الاعتداءات في الفقرة الخاصة بسورية في محضر الاجتماع، وفي هذا الصدد لا يفوتنا أن نشكر الجهود والمساعي الذي بذلتها وتبذلها جمهورية الصين الشعبية الصديقة لإحلال السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط والقائم على الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، كما نطلب إدخال فقرة أن الجولان السوري المحتل جزء لا يتجزأ من الأراضي السورية ورفض قرار ضمه إلى إسرائيل واعتباره باطلاً».

نحو عالم متعدد الأقطاب

حاج إبراهيم لفت إلى أن منطقتنا العربية، والعالم كله، يشهد تغيرات جوهرية غير مسبوقة في بنية النظام الدولي ستفضي إلى عالم متعدد الأقطاب، نتطلع وكلنا أمل لحقبة جديدة متعددة الأقطاب تقوم على التعاون لا على الصراعات وعلى التنمية لا على الحروب، وعلى التفاعل لا الانفعال وعلى الاحترام المتبادل بين كل الدول في سبيل بناء مستقبل أفضل.

وجدد حاج إبراهيم إدانة سورية لاستخدام القوة العسكرية أو التهديد بها، واتساع استخدام الإجراءات القسرية الأحادية وغير الشرعية والذراع الطويلة لتنفيذ السياسة الخارجية لبعض الدول عن طريق مثل هذه الإجراءات، التي تؤثر بصورة سلبية في التنمية المستدامة وحق الشعوب في التنمية والعيش الكريم.

وقال: «نؤكد وقوفنا التام مع جمهورية الصين الشعبية الصديقة في كل القضايا الجوهرية التي تخص أمنها وسلامتها الإقليمية ووحدة أراضيها بما فيها هونغ كونغ وشين جيانغ، ونرفض كل المحاولات الساعية لفصل جزيرة تايوان عن الوطن الأم على غرار المحاولات الأميركية لفصل شمال شرق سورية، وتؤيد بلادي بشكل تام كل المبادرات الصينية العالمية وأبرزها الحزام والطريق ومبادرات الرئيس شي جين بينغ حول التنمية العالمية والأمن العالمي ومبادرة الحضارات وهي مبادرات فاعلة على المستوى العالمي أيدتها سورية منذ اللحظة الأولى وتسعى لأن يكون انخراطها فيها فاعلاً».

وأضاف: «أود أن أنقل امتنان الجمهورية العربية السورية العميق للصين لوقوفها معها خلال السنوات الماضية بكل حزم، والشكر لكل أنواع الدعم السياسي والإنساني الذي قدمته على كل المستويات، ونأمل أن يستمر التعاون الوثيق بيننا في المستقبل القريب والبعيد لتحقيق التنمية والازدهار ومواءمة الرؤى الصينية الحكيمة لدعم مسيرة التنمية البشرية».

وتشارك سورية في هذا المنتدى بوفد رسمي يضم مدير إدارة الشؤون الأفروآسيوية في وزارة الخارجية والمغتربين السفير محمد حاج إبراهيم وسفير سورية في الصين محمد حسنين خليل خدام، ومدير العلاقات الدولية بوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية أنس البقاعي، والسكرتير الثالث في السفارة السورية في بكين زياد زيتون.

حضر الندوة مندوبون عن كل الدول العربية وممثلون عن 17 وزارة ووكالة صينية من ضمنها وزارات التكنولوجيا والزراعة والتجارة والثقافة والسياحة والتعليم والإعلام، إضافة إلى وكالة الفضاء الصينية ووكالة الطاقة الذرية الصينية ووكالة التعاون الإنمائي الدولي الصينية.

مشاركة سورية هامة وإيجابية

وفي تصريح لـ«الوطن» لفت رئيس الوفد السوري المشارك في منتدى الحوار العربي الصيني إلى أنه من المقرر أن تقوم الوفود العربية اليوم ومن بينها الوفد السوري بزيارة إلى مقاطعة شينجيانغ ذاتية الحكم، حيث ستجري لقاءات مع محافظ المقاطعة.

وأشار إلى أن نص البيان الختامي كان متفقاً عليه بوقت سابق لكن الوفد السوري طلب بعض التعديلات، وكان هناك تفهم من الجانب العربي والصيني لإدخال هذه التعديلات والتي تم فيها الإشارة للاعتداءات على الجمهورية العربية السورية، كما تم إدخال عبارة رفض العقوبات الاقتصادية الأحادية الجانب وهذا يتوافق مع الموقف الصيني الرافض لهذه العقوبات التي تعاني منها أيضاً جراء العقوبات التي تفرضه عليها الولايات المتحدة.

ولفت حاج إبراهيم إلى أنه كان هناك تفهم وترحيب بعودة سورية للجامعة العربية ورحب رئيس الجانب الصيني وان دي بعودة سورية للجامعة العربية، واعتبر أن عودتها ستساهم في تطوير أعمال المنتدى الصيني العربي.

حاج إبراهيم أكد أن أجواء الاجتماع كانت إيجابية وممتازة وأغلبية الدول العربية رحبت بعودة سورية لممارسة دورها العربي والإقليمي والدولي، مشيراً إلى ترحيب الدول العربية أيضاً بالدور الذي لعبته الصين في تقريب وجهات النظر بين إيران والسعودية وانعكاساتها على المنطقة العربية، وأن للصين دوراً فاعلاً غير منحاز يهدف إلى تحقيق الاستقرار والتنمية.

ولفت حاج إبراهيم إلى أن مشاركة سورية في هذا الاجتماع هامة وإيجابية ولاسيما أن سورية تربطها مع الصين علاقة إستراتيجية وهي من بين الدول التي أيدت مبادرة «الحزام والطريق» وأعلنت انضمامها لها، وتعبر سورية عن دعمها لدور الصين الجديد الذي تلعبه على الساحة الدولية خصوصاً ما تقدمه من مبادرات خاصة بالتنمية أو تقديم مبادرات بين المتعارضين في المنطقة، كذلك مبادرة السلام الخاصة بأوكرانيا، وأضاف: «كل هذه الخطوات تؤكد أن الصين تلعب دوراً غير منحاز على الساحة الدولية، وهذا ما عكسته كلمات المشاركين التي أكدت انتهاء سياسية القطب الواحد وإيجاد عالم متعدد الأقطاب مبني على قواعد القانون الدولي والأمم المتحدة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن