قضايا وآراء

الخلافات ضمن الـ«ناتو» هل تضعف وحدته؟

| دينا دخل الله

على الرغم من محاولات الرئيس الأميركي جو بايدن إثبات قوة حلف شمال الأطلسي الـ«ناتو» ووحدة أعضائه، إلا أن قضايا عدة أظهرت تفككاً بين الأعضاء في الاجتماع السنوي للحلف، أنها خلافات كثيرة ظهرت على السطح مع بدء الاجتماع الذي ينعقد في فيلنيوس عاصمة ليتوانيا، الجمهورية السوفييتية السابقة.

ويمكن اختصار القضايا العالقة في أربعة أمور ملحة هي:

أولاً: لعل قضية انضمام أوكرانيا للحلف من أكثر القضايا التي أظهرت انقساماً واضحاً بين أعضاء الحلف، إذ إن الولايات المتحدة وألمانيا لا ترغبان في انضمام أوكرانيا في الوقت الحالي، وهذا ما أكده الرئيس الأميركي جو بايدن في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الأميركية قبل أيام، وقال: «لا يعتقد أن أوكرانيا جاهزة للانضمام للحلف في الوقت الحالي».

إن قبول أوكرانيا في الحلف الآن يتنافى مع موقف بايدن الجوهري بأن مساعدة هذا البلد لا يجوز أن يضع الحلف في صراع مباشر مع روسيا، وخاصة أن ميثاق الحلف ينص على ضرورة مساعدة أي عضو يتعرض للهجوم، وبدلاً من ذلك يرى الأميركيون وغيرهم من أعضاء الـ«ناتو» أن الحل الأفضل هو قيام الحلف بتزويد أوكرانيا بضمانات أمنية بانتظام كالمساعدة التي تقدمها الولايات المتحدة لحليفتها إسرائيل، فالولايات المتحدة ملتزمة بمنح إسرائيل 38 مليار دولار كمساعدات عسكرية بين عامي 2019 و2028، وهي ملتزمة بالحفاظ على «تفوقها النوعي» على جيوش جيرانها، لكن واشنطن ليست ملزمة بمعاهدة للدفاع عن إسرائيل.

قال جاك سوليفان مستشار الأمن القومي لبايدن: إن «الولايات المتحدة ستكون جاهزة لتقديم مساعدات عسكرية واستخباراتية وسيبرانية متنوعة لكييف لتساعدها في الدفاع عن نفسها».

من ناحية أخرى يختلف أعضاء الـ«ناتو» الذين كانوا في المعسكر الاشتراكي مثل لاتفيا وليتوانيا ورومانيا وغيرها مع واشنطن وبرلين، فهم يرون أنه من مصلحة الحلف قبول عضوية أوكرانيا في الوقت الحالي لأن وجود كييف في الحلف هو مكسب لـ«ناتو» لأن أوكرانيا أمة محاربة وقوية، وترغب هذه الدول في حصول أوكرانيا على وعد من الحلف بأنها ستنضم للحلف فور وقف القتال.

ثانياً: هناك أيضاً قضية انضمام السويد للحلف، إذ ترفض تركيا والمجر الأمر ما يجعل انضمامها الآن غير ممكن، وحاولت واشنطن الضغط على تركيا للموافقة، إلا أنها لم تنجح حتى الآن، فلقد وضع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شروطاً للموافقة على انضمام السويد وهي إتمام صفقة شراء مقاتلات «إف 16» من واشنطن، ما قد توافق عليه أميركا حسب سوليفان، وفتح الاتحاد الأوروبي الطريق لتركيا للانضمام للاتحاد مقابل موافقتها على انضمام السويد لـ«ناتو»، ويبدو أن الحلف توصل لاتفاق مع تركيا، حيث وعد أردوغان بعرض موضوع السويد على البرلمان التركي.

ثالثاً: تعد قضية الإنفاق العسكري أيضاً من القضايا العالقة، فقد تعهد الأعضاء في قمة عام 2014 بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى ما لا يقل عن اثنين بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2024، ووفقا لتقرير التحالف الرسمي الصادر في آذار، فإن سبع دول فقط استوفت العتبة في عام 2022. وقال وزير الناتو ينس ستولتنبرغ إن اجتماع فيلنيوس يجب أن ينتج عنه برنامج إنفاق أكثر طموحاً، قائلاً: «إن اثنين بالمئة يجب أن تكون أرضية وليست السقف».

رابعاً: وبصدد مسألة القنابل العنقودية، فبعد أن وافق جو بايدن على إعطاء كييف هذه القنابل انتقدت جماعات حقوق الإنسان وبعض الديمقراطيين في الكونغرس القرار بشدة، وتقول المملكة المتحدة وكندا ونيوزيلندا وإسبانيا إنها تعارض استخدام القنابل العنقودية التي تعتبر محرمة في معظم الدول بما فيها دول في الناتو كالمملكة المتحدة.

وهكذا على الرغم من محاولات واشنطن لإظهار الحلف قوياً ومتماسكاً إلا أن الخلافات بين أعضائه التي تطفو على السطح تظهر عكس ذلك.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن