ديون السوريين تصل إلى المحاكم … زيتونة: قضايا الاحتيال المسجلة في القضاء عددها كبير … البقاليات تسجل الديون كـ«سلعة» وليس كمبلغ مالي!
| طلال ماضي
تتعقد قصة الديون في هذه الأوضاع وتزداد كثيراً والمشكلة أن لا مخرج قانونياً لها، فهي تتراكم على المدين ولدرجة أن الدائن يلجأ أحياناً إلى القضاء لتحصيل دينه مع التضخم القائم حالياً وليحصل على آلية معينة تضمن له حقه.
يقول صاحب متجر في محلة المزة وفوق رأسه لائحة مكتوب عليها «الدين ممنوع الرجاء عدم الإحراج» لـ«الوطن» إن ظروف العمل أصبحت جداً معقدة، والإحراج سيد الموقف من الجيران والأقارب الذين يضطرون لشراء بعض الحاجات وليس لديهم القدرة والسيولة المتوفرة للشراء، والأسعار في تغير مستمر، وأحيانا يتم تعديلها أكثر من مرة في اليوم الواحد، وحتى لا نقع في خسارة ولا (نكسر خاطر) معارفنا نقوم بتسجيل الدين كسلعة بشرط تسديده حسب السعر وقت التسديد وليس الشراء، وبهذه الحالة لا يخسر البائع ويكون قد لبى حاجة الزبون ريثما تكون تبدلت حالته وتوفرت السيولة في يديه.
ومن ديون السلع إلى ديون الأموال وخاصة الديون القديمة التي فقدت قيمتها بسبب التضخم وانخفاض سعر صرف الليرة والتي قال عنها الدكتور المحامي بشير بدور لصحيفة «الوطن»، إنها من الجرائم التي كثرت في الآونة الأخيرة.
ويضيف: إن تقدير قيمة الأموال المعادة التي تأثرت بفعل التضخم يعود إلى تقدير القاضي، وبعض الديون عليها مستندات مثل سندات الأمانة وغيرها أو شراء عقارات في وقت سابق، وتعثر نقل الملكية أو التراجع عن البيع، وبعض الديون للأسف لا يوجد أي مستندات وتم منحها على المعرفة وبحكم الجيرة.
وأشار بدور إلى أن الارتفاعات المتتالية في سعر الصرف أدت إلى الكثير من المشكلات والتشابكات المالية والمضاعفات السلبية، كما أن ازدياد حالات الدين والاحتيال والسرقة ونمو الفقر المتزايد شكل ضغوطاً أثرت في تعاطي المحاكم في هذا الشأن، وأصبح عدد الدعاوي يتزايد وأغلبها دعاوى احتيال وسرقات ونصب، والمحزن أن أكثر المواطنين في الدعاوى لم يكن لديهم النية الجرمية للاحتيال، لكن الواقع الاقتصادي فرض عليه الاستسلام، ومنهم من لا ينكرون الدين لكنهم لا يستطيعون تسديده، ومنهم من كانت ديونهم بسيطة لكن التضخم حولها إلى أرقام كبيرة جداً، فمثلا من كان دينه 500 ألف ليرة قبل الأزمة كانت تعادل سيارة ثمنها اليوم نحو 150 مليون ليرة، وهذا ما يزيد من معاناة المستدينين وخسارة الدائن.
واعتبر بدور أن الفشل في إدارة الأزمة الاقتصادية أدى إلى مضاعفة الجريمة وازدياد السرقات وغيرها في المجتمع، كما أن نمو البطالة بشكل كبير أدى إلى إيقاع المواطن في حالة من العوز الاقتصادي والديون المتراكمة.
رئيسة النيابة العامة والمتخصصة بمكافحة الجرائم المعلوماتية القاضي دانيا زيتونة أكدت في تصريح لصحيفة «الوطن» أن تزايد الجرائم وتنوعها يؤديان إلى زعزعة الاقتصاد الوطني ويمسان الثقة بين المتعاملين على الصعيد التجاري من أجل الاستيلاء على أموال أشخاص يقعون في الغلط وهناك الكثير من قضايا الاحتيال المسجلة في القضاء.