القرارات الأخيرة لن تؤدي إلى ارتفاع سعر الصرف كما يشاع … الخليل: القرارات صعبة لكنها ضرورية ولدينا رؤية نعمل على تنفيذها ستؤدي إلى وضع أفضل للجميع
| الوطن
أكد وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية محمد سامر الخليل أن الإجراءات الأخيرة على مستوى القرارات التي صدرت أمس الأول لن تؤدي إلى ارتفاع سعر الصرف كما يشاع، بل العكس تماماً لأنها تسحب الليرة السورية وتخفف التضخم، مبيناً أنه في الفترة الأخيرة عملت الحكومة والمصرف المركزي على مجموعة من الإجراءات كي يكون سعر صرف الحوالات قريباً من السعر الموازي، ولكن السعر الموازي ليس ثابتاً ولا محدداً، مشيراً إلى أن للمصرف المركزي حسابات وسياسات ولا يتبع السوق خطوة بخطوة، وما يقوم به بعض التجار من رفع للأسعار على أساس سعر الصرف المتوقع والذي يدعونه بالتحوط هو ليس تحوط بل غش.
خليل وفي مقابلة مع الإعلام الرسمي أمس كشف عن مجموعة من الإجراءات قسم منها تم القيام به، والآخر سيتم قريباً، تهدف جميعها لتعزيز قيمة الليرة السورية ودعم الإنتاج المحلي لكونه الحامل الأساسي للاقتصاد وحامي الليرة، مبيناً أن هناك قدرة على ضبط سعر الصرف وتخفيضه بشكل أكبر، لكن لهذه الإجراءات ضريبة في مطارح أخرى، لأن حبس السيولة بشكل أكبر قد تنعكس على العملية الإنتاجية وانسيابية المواد في الأسواق، لذلك هناك سعي لتحقيق توازن مطلوب.
وأكد خليل أن الحكومة تتابع آراء الشارع وتعرف مخاوفه، وسورية كانت من أكثر دول العالم في أشكال الدعم، إذ يوجد لدينا 11 شكلاً للدعم تقريباً، وهي غير فاعلة وما عادت موجودة في دول العالم.
وقال: «كل ذلك كان يرتب على مالية الدولة عجوزات تراكمية، وهذا جزء يؤثر تضخماً في الواقع الاقتصادي، ويخلق اختلالات بنيوية وهيكلية في الاقتصاد، ثم الحرب ومفرزاتها والأضرار الاقتصادية التي تعرضنا لها، التي أدت إلى توسيع الفجوة بين الأسعار ومستوى الدخول، ناهيك عن مشكلة أخرى أكبر وهي أن المواد المدعومة قبل الحرب كانت من إنتاجنا أما اليوم فهي مستوردة، وكل ارتفاع في سعر الصرف يرفع الفاتورة، هذا الإرهاق في المالية أدى إلى أن تستدين من المصرف المركزي، فتطرح كميات كبيرة من الليرات في السوق أكبر مما يجب أن يكون بالتداول، فتحدث موجات تضخم كبيرة تأكل الدخل الضعيف والمتوسط، وهي سياسة إفقار للناس، ومن يدفع ثمن التضخم هو الفقير، وهذه التراكمات هي كرة نار تكبر كلما استمرت».
وأكد خليل أن إعادة هيكلية الدعم تأخرت لسنوات، وكل تأخير جديد ستكون تكلفته على الناس والاقتصاد الوطني أكبر بكثير، وهذا يجعل المالية العامة للدولة عرضة للانهيار، أي إن إجراءات إعادة هيكلة الدعم واجبة وضرورية وليست خياراً، وبالنسبة لزيادة معدلات الإنتاج، لكن هذه الزيادات مهما بلغت لن تلحق بمعدلات التضخم، وعلى المستوى المتوسط والطويل ستؤدي هذه الإجراءات إلى تحسن الاقتصاد.
وعن الكتلة الأكبر من الدعم، أوضح وزير الاقتصاد أنها تذهب للمشتقات النفطية، بآليات دعم غير سليمة، مضيفاً: إن البعض يعترض على رفع سعر البنزين، وهو كتلة تستنزف الكثير من الدعم، ويستفيد منه جزء كبير من الناس، لكن أين حق الذين لا يملكون سيارات من هذا الدعم؟
وأكد بأن الدعم لم يرفع عن المحروقات كما يقال، فتكلفة ليتر البنزين على الدولة 11500 ليرة، وأغلبية الدول لا تدعم البنزين باستثناء الدول النفطية الكبيرة، مشدداً على أن الدعم ليس توزيع المبالغ على الناس بل تحقيق العدالة وإعطاء الفقير أكثر من الغني، فمن غير المعقول أن نكون بحاجة لتخفيض العجوزات ومعدلات التضخم من أجل الأسعار في الأسواق ورفع دخل الناس والمستوى المعيشي، وفي الوقت ذاته ندعم البنزين بأرقام كبيرة جداً.
وعن الوفر من آلية الدعم الجديدة، أوضح خليل أنها مقسمة إلى ثلاثة أجزاء، أولها زيادة الرواتب والأجور التي وصلت إلى 4 آلاف مليار ليرة، الجزء الثاني لتخفيض عجز الموازنة، والثالث الذي عملت عليه الحكومة منذ فترة وهو دعم الاختصاصات المهمة والنادرة والتي هي بحاجة إلى إضافات غير زيادة الراتب، مثل الأطباء، فقد شهدت سورية مؤخراً هجرة كبيرة للأطباء، فهل من المعقول أن نصل إلى مرحلة تخلو فيها مشافينا من الأطباء؟ كذلك أساتذة الجامعات الذين أيضاً هاجر قسم كبير منهم، وقسم يتقدم باستقالات فهم بحاجة لتحسين دخلهم بطريقة أخرى، كذلك القضاة ومجموعة من الاختصاصات النادرة والضرورية.
وبيّن خليل أن هناك آليات للالتفاف على العقوبات، لكن هذه الآليات ترفع تكاليف الحصول على المواد، لكن المشكلة الأساسية في بنى الاقتصاد والأضرار التي لحقت بها.
وحول موضوع الضرائب المقتطعة من الرواتب بعد الزيادة، أوضح خليل أن الضرائب حق للدولة التي تقدم من خلالها خدمات للمواطنين، وتدفع جزءاً منها للرواتب والأجور، كاشفاً عن مشروع قانون موجود في مجلس الشعب لرفع الحد الأدنى المعفى من الضريبة إلى راتب بدء التعيين.
وحول ما يشاع عن احتمال انهيار الاقتصاد السوري، قال خليل: إن الشائعات ذاتها كانت موجودة في بداية الحرب، ومع ذلك ورغم الظروف المعقدة والضائقة لا تزال الدولة السورية مستمرة، لكن الاستمرار يحتّم علينا اتخاذ قرارات صعبة ولكنها ضرورية، وما نقوم به اليوم هو رؤية لها أدوات قابلة للتحقق وبدأنا بإنجازها، وهذا سيؤدي إلى وضع أفضل على المدى المتوسط والطويل.