رياضة

النساء يهربن من الأزمة إلى الرشاقة…نوادي الرياضة انتعشت والسوريون يواجهون المتاعب بالرياضة

إيمان أبوزينة: 

حين تتدرب أجسامنا عبر التمارين الرياضية اليومية أو شبه اليومية فإننا نعرف أن ذلك هو لصحتنا وزيادة ثقتنا بأنفسنا وفي أحيان كثيرة الرغبة بالتميز.
ولاشك أن ما يبذله الواحد منّا من مجهود جسدي سيعطي نتائجه الإيجابية للمحافظة على ما وهبه اللـه لنا للاستمرار من دون أمراض، ومن أجل ذلك تزايد عدد الممارسين للتمارين الرياضية بشكل عام، حيث أثبتت الدراسات العلمية أن الرياضة تساعد على زيادة الشعور بالارتياح خاصة حين يصبح لها دور واضح في إبراز جمال الجسم.
والرياضة لم تختلف في أدائها منذ أيام الفراعنة، واليونانيين، والصينيين، من خلال تدريب المحاربين، أو ممارسة الصيد، والرماية، والسباحة، وسباق الخيول، لكن الذي طرأ جديداً على حياتنا خلال آخر عقدين السعي الحثيث لممارسة الرياضة من قبل الكثيرين (خاصة غير المحترفين) في صالات التمارين الرياضية المغلقة والتي كان لها دور فعال بتغيير نمط الحياة للكثير من الرجال والنساء وحتى الأطفال، فقد أصبحت الرياضة تعني الحركة والصحة للتخلص من الكثير من أمراض العصر كما قال الدكتور «محمد نور الدين كعكة جي» أخصائي طب الأسرة: الرياضة تنشط الدورة الدموية، وتنشط عمل القلب، وتذيب السعة الحيوية للرئتين، وتنشط عمل الأمعاء وتخفض سكر الدم، والكوليسترول، وتزيد من مرونة الأوتار والمفاصل. كما أن الرياضة تحرض الغدة النخامية بما فيها هرمونات الدرق، والغدة الكظرية بما فيها الأدرينالين والكورتيزول، وكذلك البنكرياس، والأنسولين.
في سورية، وفي ظل امتداد الأزمة الراهنة وتداعيات تعقيدات التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية، لوحظ التغيير الواضح في حركة الناس تجاه بعض المسائل المهمة في حياتهم، ومن بينها الرياضة.

أسباب متعددة

«رشا حسن» المدربة حالياً في أحد المراكز الرياضية المغلقة وبطلة منتخب الريشة الطائرة سابقا تقول: على عكس المتوقع، فإن السيدات اللواتي يرتدن المراكز الرياضية في الوقت الراهن قد زاد عددهن رغم الحرب، فهن يأتين للترويح عن أنفسهن من الضغط النفسي اليومي جراء الخوف على عائلاتهن أو أهلهن من أي طارئ أما الرجال فإن نسبة أعدادهم لم تنخفض ولم تتغير، وهذا يعني أن الأزمة لم يكن لها تأثير سيئ على اهتمام الناس بالرياضة، فالجميع بات يؤمن بدور الرياضة في تغيير الحالة النفسية للإنسان.
«ماهر» موظف في بنك خاص وهو أحد الذين يرتادون النادي الرياضي بشكل يومي قال: الرياضة لها دور فعال في تعلم الصبر نظراً لما فيها من صعوبات وجهد يتحمله المتدرب ليصل إلى المرونة التي يتمنى أن يحصل عليها خاصة في ظل أعمال مكتبية رتيبة تقلل الحركة، لكن الوضع اختلف الآن عما كان عليه قبل الأزمة فقد أصبحت آتي إلى النادي كي أملأ وقت فراغ بات كبيراً مقارنة بالسابق، وصارت الرياضة عملاً روتينياً من دون حماس بالنسبة لي.

دواء نافع
الرياضة بكل مقوماتها تساعد الإنسان على التأقلم في المجتمع خاصة في ظل أزمة مستمرة، لذلك أصبحت الدواء لدى الكثيرين لتجاوز ما يعانونه من اضطرابات وإحباطات جراء تراجع أعمالهم الخاصة، أو توقف تجارتهم، أو فقدان أحد أقربائهم، ومن هنا نجد أن الأعداد المتزايدة للمتدربين أصبحت تثير علامة استفهام رغم أن هذا الأمر يعتبر أمراً صحياً.
وقد أكد الدكتور «عماد الناعم»- طبيب أسنان– أنه يصرّ على مزاولة الرياضة وزيادة ساعات التدريب لأنها أصبحت بالنسبة له علاجاً فعالاً لإعطائه القدرة على الاستمرار، والتخلص من التعب النفسي الذي بات عنواناً يرافق الجميع في سورية.
ولدى سؤاله عن أهمية الرياضة بالنسبة للأسنان قال: هناك معلومة قد تثير استغراب الكثيرين منا لكن من الضروري معرفتها كي يتم تفادي تأثيرها وهي أن بعض الدراسات العلمية تقول: إن تأثير الرياضة قد يضر الأسنان خاصة إذا كانت رياضات عنيفة وذلك بسبب لجوء اللاعب إلى تناول المشروبات السكرية والمشروبات الرياضية، وهي جميعاً تعمل على زيادة معدلات التسوس، لذلك فمن الضروري عدم تناول هذه المشروبات.
«رأفت» رجل أعمال كان لديه مكتبه الخاص الذي يدير منه أعماله الصيدلانية، والذي أسسه بعد سنوات من الجهد والتعب بعد التخرج، وجد نفسه بعد أربع سنوات متوقفا عن العمل بسبب الأزمة، لذلك قال: إنه يلجأ للتمارين الرياضية كي يخفف من وطأة الضغط والتوتر اللذين يرافقانه طوال اليوم في الوقت الذي كانت الرياضة بالنسبة إليه رفاهية وسعادة قبل الأزمة.
تمارين بسيطة

هناك دراسات تعتبر أن الرياضة من الممكن أن تعتمد على بعض التمارين البسيطة التي لا تحتاج إلى جهد، والتي من الواجب ممارستها في حال لم نكن قادرين على تحمل تكاليف الأندية الخاصة، وشراء الأجهزة المكلفة في البيت، مثال رياضة المشي.
فمن المعروف أن المشي من الأنشطة الخافضة للوزن، والخافضة للتكاليف المادية العالية التي أوجدتها الأزمة، لذلك أصبحت رياضة مألوفة لدى أغلبية الناس في الشوارع غير المزدحمة، وقد بلغ عدد السيدات اللواتي يمارسن رياضة المشي يتجاوز عدد الرجال حسب استطلاع «شخصي» تمت دراسته على أكثر من خمسين حالة خلال شهر من الزمن في أكثر من منطقة من مناطق دمشق المتنوعة، وذلك لمكافحة السمنة والحفاظ على وزن مثالي كما قالت أكثرهن، وأكدت إحداهن أنها تزاول رياضة المشي في الفترة الصباحية حيث الشمس الساطعة للوقاية من هشاشة العظام، وللحماية من الترهل، أما بقية اللواتي تحدثن فكان جوابهن موحداً حول أسباب مزاولتهن الرياضة وذلك لتخفيف حدة القلق والشعور بالوحدة والاكتئاب.
يقول الدكتور «كعكة جي»: لابد من ممارسة الرياضة في ظل الأزمة الراهنة لما لها من أهمية في التخلص من الطاقة السلبية، ومن الاكتئاب والقلق والشدّات النفسية.
«لم تعد الرياضة مجرد ترفيه، بل تجاوزت ذلك لتصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وضرورة لكل الناس ولكل الأعمار تحت أي ظرف».
هذا ما قاله «يوسف المنيّر» بطل سورية والعرب برياضة الجودو لعدة سنوات، ولاعب المنتخب الوطني، ونادي الشرطة، وتابع: الرياضة باتت ضرورية مثل كل الأشياء الضرورية للجسم، ورغم ضغط الخسارة للبطولات الخارجية الذي يمارس على لاعبينا المشاركين بسبب منع السفر أو عدم الموافقة، إلا أن الجميع يتابع تدريباته اليومية كما لو كان السفر في الغد، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على أن الرياضة تصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتنا جميعاً سواء كنا أبطالاً أم أناساً عاديين رغم ضغوط الحياة، والعمل، والضغوط الخارجية، فالجميع ينشد الصحة العامة والقوة، ومن أجل ذلك أصبحت الرياضة ضرورة حياتية.
كانت الرياضة وستظل من ضروريات الحياة، ولكنها اليوم أصبحت أساسية كي نستطيع الاستمرار بحياتنا اليومية بطاقة كبيرة من دون تعب، أو خوف من تداعيات أزمة لا نعرف موعداً لنهايتها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن