سورية

تفاهم روسي بريطاني يتناول سبل المعالجة…بوتين وكاميرون يدعوان لاستئناف مفاوضات جنيف وباتروشيف ينوه بمنع «بريكس» التدخل الخارجي في سورية

لمواجهة تنامي تنظيم داعش الإرهابي، اتفق زعيما روسيا فلاديمير بوتين وبريطانيا ديفيد كاميرون على ضرورة استئناف مباحثات السلام حول سورية في إشارة لمفاوضات جنيف، وعقد لقاءات بين مستشاريهما الأمنيين لبحث إعادة إطلاقها، في حين أكدت روسيا أن موقف مجموعة «بريكس» حال دون التدخل الخارجي في سورية.
وكانت الدبلوماسية الروسية، على لسان رئيسها سيرغي لافروف، قد طالبت أمس الأول باستئناف عملية السلام السورية في أقرب وقت، مؤكدةً تمسكها بمخرجات لقاءات موسكو من أجل حل الأزمة في سورية سلمياً.
في لندن، أعلن (10 داوننغ ستريت) مقر رئاسة الوزارة البريطانية، أن كاميرون والرئيس الروسي اتفقا أن المباحثات حول سورية يجب أن تستأنف.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن متحدثة باسم رئيس الوزراء البريطاني: إن الاتفاق جاء خلال اتصال هاتفي تلقاه كاميرون من بوتين لتهنئته بإعادة انتخابه.
وقالت المتحدثة: «اتفق القائدان على أنه من مصلحة المملكة المتحدة وروسيا المساعدة في التوصل إلى حل للحرب الأهلية في سورية وخصوصاً وقف تنامي» تنظيم داعش. وأضافت إنهما «اتفقا على ضرورة أن يلتقي مستشاروهما للشؤون الأمنية لإعادة إطلاق المباحثات حول النزاع السوري».
ويبدو أن الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي اقتربت من الاتفاق على إطلاق مؤتمر جنيف 3، علماً أن قاطرة هذا الاتفاق هو التفاهمات التي توصل إليها وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال لقائه بوتين ولافروف في منتجع سوتشي قبل عشرة أيام. ويأتي إعلان (10 داوننغ ستريت) عن موقف كاميرون، ومطالبة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قبل أيام، بضرورة استئناف مفاوضات جنيف، من باب تحصيل الحاصل.
وبناء على تفاهمات سوتشي، استضافت موسكو الأسبوع الماضي مشاورات أميركية روسية على مستوى الخبراء، بحثت كيفية دفع التسوية السياسية للأزمة السورية. وكشف مسؤولون روس ممن شاركوا في المشاورات، أنها تركزت حول سبل حمل السوريين على إجراء مشاورات بأنفسهم تحضيراً لاستئناف عملية جنيف، والعمل مع الدول الإقليمية كي تلعب «دوراً بناء» وتستخدم تأثيرها على الأطراف السورية بما يحقق تلك الغاية، من دون أن يستبعدوا عقد مشاورات إضافية مع تلك الدول لدراسة الخطوات المحتملة لتسوية الأزمة.
وفي شهر أيار قبل عامين، حط كيري في موسكو للقاء بوتين. وفي حينه، توصل الجانبان بعد اللقاء إلى اتفاق على عقد مؤتمر «جنيف 2»، تحت رعاية الأمم المتحدة، وعقب سلسلة من الاجتماعات التشاورية بين روسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة انطلق المؤتمر الدولي بمدينة مونترو السويسرية في 22 كانون الثاني 2014. إلا أن جولتي المباحثات التي تلت المؤتمر، وعقدت بين الحكومة ووفد الائتلاف المعارض تحت رعاية الأمم المتحدة في جنيف، وصلت إلى طريق مسدود مع تفجر الأزمة الأوكرانية التي دقت إسفيناً بين قطبي المؤتمر (روسيا والولايات المتحدة).
في موسكو، نوه أمين مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف بالدور المتنامي لدول مجموعة بريكس على الساحة الدولية، مؤكداً أن موقف المجموعة حال دون التدخل الخارجي في سورية.
وقبل يومين، أكد نواب وزراء خارجية دول بريكس، (روسيا – الصين – الهند – جنوب إفريقية – البرازيل)، دعم المجموعة الثابت لسيادة سورية ووحدة أراضيها، وجددوا الدعوة إلى حل الأزمة فيها سلمياً من السوريين أنفسهم وعبر الحوار فقط.
وقال باتروشيف في اجتماع لممثلي دول بريكس لشؤون الأمن: إن «الموقف المبدئي لروسيا والصين في مجلس الأمن الدولي والذي حظي بدعم من أعضاء مجموعة بريكس حال دون التدخل الخارجي في سورية، وساهم في التخلص من الأسلحة الكيميائية ومنع وقوعها بأيدي الإرهابيين».
وخلال سنوات الأزمة التي اندلعت في سورية عام 2011، استخدمت روسيا والصين حق النقض الفيتو في مجلس الأمن أربع مرات من أجل منع الدول الغربية من تمرير مشاريع قرارات تهدف إلى تشريع التدخل الخارجي في سورية بطرق شتى ودعم المسلحين فيها.
ولفت باتروشيف إلى أن المجموعة تولي اهتماماً بقضايا تأمين الاستقرار في الشرق الأوسط وشمال إفريقية والملف النووي الإيراني، ونزع الأسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية، والوضع في أفغانستان، والأزمة الأوكرانية وقضايا البيئة والمناخ.
وشدد أمين مجلس الأمن الروسي على ضرورة زيادة التعاون بين دول بريكس في مجالات التعاون العسكري التقني ومكافحة الإرهاب والتطرف والنزعات الانفصالية والجريمة الدولية وغيرها من الأخطار والتهديدات الحديثة، مشيراً إلى أن الدول الأعضاء في المجموعة «تواجه خطر التأجيج المصطنع للتوترات القومية والطائفية»، وأضاف «إذا ما أخذنا بالاعتبار ثروات دولنا الهائلة وآفاق تنميتنا، فهناك ما يسمح للاعتقاد بأن أعضاء في بريكس بشكل خاص، في حالة خطر».
وحذر باتروشيف من أن محاولات احتواء دول «البريكس» ستتم من خلال «الضغط الإعلامي وإثارة النعرات» داخلها، ملمحاً بشكل ضمني إلى الولايات المتحدة وتكتيكها في دعم الثورات الملونة. وقال: إن «توجهات السنوات الأخيرة تدل على أن محاولة احتواء بلداننا ستتجسد عبر الضغط الإعلامي وإثارة خلافات قومية وطائفية وثقافية، وليس عبر القوة العسكرية».
وتحدث عن مصادر قوة دول بريكس، موضحاً أن حصة دولها من الإنتاج الإجمالي العالمي تمثل نحو (25%)، في حين يتجاوز عدد سكان هذه الدول نسبة (40%) من سكان العالم، ولفت إلى أن نفقات دول المجموعة العسكرية أكثر من (20 %) من النفقات العالمية.
من جانبه، دعا عضو مجلس الدولة الصيني يانغ جيتشي خلال الاجتماع، إلى الحفاظ على التعاون الوثيق بين دول المجموعة بهدف إقامة عالم «متعدد الأقطاب» وتطوير نظام الإدارة العالمية وخاصة على خلفية الأزمة الاقتصادية.
كما طالب جيتشي بالدفاع عن نتائج الحرب العالمية الثانية ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة بما في ذلك عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ودعم مجلس الأمن الدولي بوصفه «الآلية الوحيدة» لتأمين السلام والاستقرار.
(أ ف ب-سانا)

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن