قضايا وآراء

الانقسام العالمي الجديد والتحولات المحتملة في المنطقة

تحسين الحلبي: 

 

كانت أهم الدول المتحالفة مع بعضها أثناء الحرب العالمية الأولى (1914-1918) ضد الدولة الألمانية والدولة العثمانية هي فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وبقيت هذه الدول وحلفاؤها الإقليميون متحالفة في الحرب العالمية الثانية إضافة إلى الاتحاد السوفييتي ضد ألمانيا وإيطاليا وحلفائهما (1939-1945).
وفي هذه الأوقات بعد (70) سنة على انتهاء الحرب العالمية الثانية يعتقد الخبراء في تاريخ الدول وتطور مصالحها أن نفس هذا التحالف الأميركي البريطاني الفرنسي لن يكون في مقدوره الاستمرار بنفس الاتجاه وضد نفس الأعداء والخصوم لأن مسيرة تطور الدول الكبرى واتساع مصالحها وتنافسها فرضت تحالفات جديدة ودولة كبرى جديدة هي الصين، فروسيا والصين تحولتا الآن إلى هدف أميركي بشكل مركزي في ظل تردد ألماني وفرنسي عن السير في هذا الاتجاه الأميركي ضد الصين وروسيا.
ولذلك يرى خبراء في سياسة الاتحاد الأوروبي أن واشنطن تسعى منذ سنوات إلى محاصرة روسيا والصين بدول صغيرة مجاورة لهما تتولى التحرش بمصالحهما مثل أوكرانيا وجورجيا في جوار روسيا ومثل اليابان وكوريا الجنوبية والفيلبين في جوار الصين.
ويرى المحللون في وزارة الدفاع الأميركية بموجب ما نشرته بعض المواقع الإلكترونية الأميركية أن هذه السياسة الأميركية ستفرض على ألمانيا وفرنسا ودول أوروبية أخرى التحالف مع واشنطن والتجاوب مع سياساتها المعادية للصين وروسيا… وفي ظل هذه السياسة الأميركية يحتل الشرق الأوسط أهمية إستراتيجية في مستقبل أي حرب عالمية محتملة بين هذين الاتجاهين المتعارضين، كتلة روسيا والصين وحلفائهما الإقليميين في المنطقة (إيران وسورية بشكل رئيس) وكتلة الولايات المتحدة وحلفائها المحليين (إسرائيل وبعض الدول العربية)… ولذلك كان (أشتون كارتر) وزير الدفاع الأميركي قد أعلن أمام لجنة الكونغرس أثناء الاستماع إلى مواقفه للتصديق على تعيينه في شباط الماضي أنه يتبنى سياسة تصعيد أزمة أوروبا مع روسيا لمحاصرتها في أزمة أوكرانيا ودول البلطيق لكي تتفرغ واشنطن أكثر فأكثر لمحاصرة الصين في آسيا باستخدام دول آسيوية تجاور الصين، ويرى كارتر أن دول الشرق الوسط ستظل منشغلة بحروب داعش والقاعدة والنصرة ضمن تدخل أميركي مع الدول الحليفة لأميركا أو غير الحليفة ما دامت واشنطن ستستمر بالإعلان أن داعش تشكل خطراً عليها لكن هذه الدوامة التي تديرها واشنطن في المنطقة لم تعد توفر للولايات المتحدة وحلفائها النتائج المطلوبة لأن اتساع رقعة هذه الحروب الداعشية بدأ يولد تكاتفاً شعبياً مسلحاً داخل عدد من الدول وبشكل مناهض للنفاق الأميركي سواء في العراق أو ليبيا وخصوصاً في اليمن بعد امتداد النشاط الشعبي اليمني المسلح إلى حدود السعودية رغم التحالف الأميركي السعودي ضد اليمن.
وبدأ الجميع يرى أن التحالف الروسي الصيني المشترك مع سورية وإيران وفتح الباب أمام التعاون مع العراق بدأ يزداد متانة سنة تلو أخرى منذ بداية الاستهداف الأميركي الإسرائيلي لسورية وإيران والمقاومة بقيادة حزب الله في لبنان وقد توجت متانة التحالف بمناورات بحرية عسكرية هي الأولى المشتركة بين الصين وروسيا قرب سواحل سورية في البحر الأبيض المتوسط وكانت إيران قد نفذت عشرات المناورات البحرية العسكرية في الخليج منذ سنوات قليلة ضمن تعاون عسكري في التجهيزات والمعدات مع روسيا…
ولا شك أن تسارع الأحداث الحربية وتطوراتها في منطقة الشرق الأوسط سيشكل اهتماماً متزايداً في إستراتيجية التحالف الروسي الصيني من جهة أولى وإستراتيجية التحالف الأميركي من الجهة الثانية.
لكن صلابة التحالف الإقليمي في المنطقة بين قوى المقاومة والممانعة وصمود اليمن ستحمل معها الدينامية المطلوبة لتحولات يعتقد الخبراء في روسيا والصين انطلاقها في الأسابيع أو الأشهر المقبلة لمصلحة سورية وإيران وحلفائهما.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن