سورية

تجاوباً مع الاتصالات الأميركية.. تريث تركي في منبج و«درع الفرات» و«سورية الديمقراطية» يركزان على داعش … اتفاق «غير رسمي» لوقف إطلاق النار بين تركيا و«حماية الشعب»

| الوطن- وكالات

تمكنت واشنطن من التوصل إلى وقف إطلاق نار بين تركيا ووحدات حماية الشعب ذات الأغلبية الكردية بعد توتر امتد على طول الحدود السورية التركية وتركز حول منبج وجرابلس. وبرزت مؤشرات على مرونة تركية تجاه الجهود التي تقودها الولايات المتحدة من أجل تدبير حل لمعضلة منبج، وذلك في حين انسحب عناصر «مجلس جرابلس العسكري» التابع لـ«قوات سورية الديمقراطية» التي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية عمودها الفقري إلى نهر الخابور.
مع ذلك لم تتخل أنقرة عن هدفها من العملية، وهو إلغاء «وحدات حماية الشعب» كعامل عسكري على الساحة السورية أو على الأقل حرمانه من الدعم الأميركي.
وبدوره، «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي وملحقاته وأبرزها «الوحدات»، حافظ على نفس تصعيدي ضد تركيا وعمليتها «درع الفرات». وفي هذا السياق، عقد المجلس التأسيسي لـما يسمى «فيدرالية الشمال» اجتماعاً أمس من أجل استكمال المشروع الذي يضرب على وتر حساس لدى كل من سورية، إيران، العراق وأيضاً تركيا. ونقلت قناة «العربية» المملوكة سعودياً عن مسؤول أميركي، حديثه عن «التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين تركيا ووحدات الحماية الكردية».
من جانبها نقلت وكالة «أ ف ب» للأنباء عن الكولونيل جون توماس المتحدث باسم القيادة الأميركية الوسطى «خلال الساعات الماضية تلقينا تأكيداً بأن جميع الأطراف المعنية ستتوقف عن إطلاق النار على بعضها البعض وستركز على تهديد داعش»، مؤكداً أن «هذا اتفاق غير رسمي يشمل اليومين المقبلين على الأقل، ونأمل في أن يترسخ».
وعلى الأرجح أن يلي هذا الاتفاق انسحاب الوحدات الكامل من منطقة غرب الفرات باتجاه شرق النهر، وتعديل اتجاه الحملة التركية «درع الفرات نحو المناطق الواقعة بين جرابلس والراعي. ولا تزال هذه المناطق خاضعة لسيطرة داعش. ولم يعرف بعد مصير بقية «قوات سورية الديمقراطية» الموجودة في مدنية منبج وما إذا كانت ستنسحب من هناك أم ستظل ويدخل إلى جانبها عناصر من المليشيات المتحالفة مع تركيا. واعتبرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية الحرب من أجل منبج قتالاً بين وكلاء وزارة الدفاع الأميركية (قوات سورية الديمقراطية) من جهة، ووكلاء وكالة المخابرات الأميركية المركزية «سي. آي. إيه» (المليشيات المتحالفة مع تركيا).
وخلال الأيام الماضية، تكثفت الاتصالات العسكرية الأميركية التركية من أجل احتواء الموقف في محيط منبج، وذلك على حين أبدت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» تمسكاً قوياً بدعم «قوات سورية الديمقراطية» لمواصلة القتال ضد داعش. وبلغ التوتر بين تركيا وحلفائها و«سورية الديمقراطية» ذروته الاثنين، وانتقل من محيطي مدينتي جرابلس ومنبج شمال حلب، إلى محافظات الحسكة والرقة، ومنطقة عين العرب بريف حلب الشمالي الشرقي.
وأسفرت الاتصالات عن عودة تركيز حملة «درع الفرات» على محاربة تنظيم داعش، وكذلك عن هجوم شنته «الديمقراطية» على قريتين يتحصن فيهما داعش قرب منبج. وذكر الجيش التركي في بيان له، بحسب وكالة «الأناضول» التركية للأنباء، أن مدفعيته استهدفت 20 موقعاً للمتشددين في «شمال جرابلس»، وأن طائرات «التحالف الدولي» الذي تقوده الولايات المتحدة، دمرت ليل أول من أمس أهدافاً لداعش قرب مدينة جرابلس.
وقبل يوم أعلن الجيش التركي أن الميليشيات المسلحة السورية التي يدعمها سيطرت على عدة قرى في منطقة جرابلس، قبل أن يشير في بيان له، نقلته وكالة «رويترز» للأنباء، إلى أن «العمليات تتحول الآن إلى المنطقة الغربية من شمال سورية»، أي أنها ابتعدت مؤقتاً عن منبج. وذكرت قناة «سكاي نيوز العربية»، نقلاً عن مصادر عسكرية تركية، أمس أن القوات التركية «تتريث قبل توسيع حملتها ضد داعش والقوات الكردية في شمال سورية، (إلى) منبج».
هذه التطورات عكست تجاوباً تركياً مع دعوة وجهها وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر إلى تركيا من أجل التركيز على قتال داعش وعدم استهداف «الديمقراطية». واعتبر كارتر أن «تركيا أمنت حدودها»، مشدداً على أن بلاده لا تريد مواجهة بين أطراف الحرب على داعش، ووصف الخلافات بين الأكراد والأتراك بـ«التاريخية». وأضاف «لكن المصالح الأميركية واضحة؛ فنحن نريد الحرب على داعش مثلهم تماماً، ونقول لهم تعالوا لنحافظ على أولويتنا». وأكد أن أميركا لن تعدل «إستراتيجيتها الناجحة جداً» في الحرب على داعش، مشيراً إلى أن «الديمقراطية»، «أثبتت فعاليتها في مدينة منبج»، وأن تركيا «شريك في التحالف وحليف فعال للغاية في حلف شمال الأطلسي». وحصر الحديث عن الانسحاب من مناطق غرب نهر الفرات بعناصر «وحدات حماية الشعب» من دون أن يأتي على ذكر «الديمقراطية» التي انتزعت قريتين في محيط منبج من يد داعش. ولا يبدو أن أنقرة بصدد إعطاء الكثير من الوقت لواشنطن من أجل حل مسألة منبج. وتقرر أن يلتقي الرئيس الأميركي باراك أوباما نظيره التركي رجب طيب أردوغان على هامش قمة دول العشرين مطلع الشهر المقبل في الصين. وعلى الأرجح أن يسعى أردوغان إلى تنفيذ هجوم عسكري خاطف على منبج قبل لقائه أوباما.
وأعلن أردوغان مساء الاثنين أن بلاده ستواصل عملياتها في المنطقة إلى أن تزال جميع التهديدات، بما في ذلك تهديد «وحدات حماية الشعب». ولم تمر الجهود الأميركية من دون إثارة غضب المسؤولين الأتراك. وقال وزير شؤون الاتحاد الأوروبي التركي عمر جليك إنه «لا يحق لأحد أن يحدد لتركيا أي تنظيم إرهابي يمكنها قتاله».
من جهته دعا المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالن الإدارة الأميركية إلى مراجعة سياساتها الداعمة لـ«الاتحاد الديمقراطي»، مؤكداً سقوط أسطورة أن «وحدات حماية الشعب» هي القوة الوحيدة القادرة على ضرب داعش في سورية، مستشهداً على ذلك بمجرى معركة جرابلس.
واعتبر كالن في مقالة كتبها في جريدة «صباح» التركية أن «الجيش السوري الحر بقليل من الدعم قادر على محاربة داعش وتطهير المناطق التي يسيطر عليها من الإرهاب، كما يمكنه محاربة قوات النظام السوري أيضاً».
وأثمرت الجهود الأميركية عن إعلان «مجلس جرابلس العسكري» عزمه سحب قواته إلى الخط الجنوبي لنهر الساجور (عشرون كلم جنوب مدينة جرابلس)، معللاً قراره بالرغبة في «حماية أرواح المدنيين وحتى لا تكون هناك حجة لمواصلة الضربات على القرى والمدنيين».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن