عشرات المدنيين بين قتيل وجريح جراء غارات أميركية على قرية هنيدة … واشنطن تشقّ طريقها إلى الرقة بالمجازر
| عبد اللـه علي
ارتكبت طائرات التحالف الدولي، أمس، مجزرةً جديدة في محيط مدينة الطبقة وسط شكوك حول علاقتها أيضاً بتدمير قارب في نهر الفرات كان يقل عشرات الهاربين من الاشتباكات، لتتكاثر بذلك المجازر التي ارتكبتها طائرات التحالف خلال الشهر الماضي، وهو ما عزز المخاوف من أن يؤدي تغيير قواعد الاشتباك التي تتبعها الولايات المتحدة إلى تعبيد طريق الرقة بدماء المدنيين، وألا تصل طلائع القوات المشتركة الأميركية والكردية إلى مشارف المدينة إلا وقد طغى اللون الأحمر على نهر الفرات. وفي أحدث مجزرة لها، سفكت طائرات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية دماء عشرات المدنيين ممن سقطوا بين قتيل وجريح خلال تنفيذها غارات استهدفت مواقع في قرية هنيدة في ريف الرقة الغربي. وذكرت مصادر أهلية أن طيران التحالف الدولي أقدم قبل ظهر أمس على تنفيذ غارات عشوائية استهدفت قرية هنيدة غرب مدينة الرقة بنحو 35 كم، تسببت باستشهاد 15 مدنياً على الأقل بينهم 3 أطفال وامرأة.
ولفتت المصادر إلى وقوع عدد من الجرحى حالات بعضهم خطرة، ما يجعل عدد الضحايا مرشحاً للزيادة نتيجة الغارات التي تسببت بأضرار مادية ودمار لحق بمنازل المواطنين وممتلكاتهم.
وتأتي هذه المجزرة الجديدة بالتزامن مع أنباء عن غرق قارب يقل عشرات المدنيين الذين كانوا يحاولون الهروب من مناطق الاشتباكات في قرية شعيب الذكر في ريف الرقة الشرقي خوفاً على حياتهم، وسط تزايد الشكوك في أن تكون إحدى غارات التحالف الدولي هي التي تسببت بغرق القارب ما أدى إلى استشهاد أغلبية مَنْ على متنه.
وقد أكدد عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أن غارة للتحالف الدولي هي التي تسببت بغرق القارب، وقال الناشط قعقاع العنزي المعروف بمتابعته لأخبار الرقة على حسابه على تويتر: إن « طيران التحالف استهدفت (أول) أمس الجمعة قارب مدنيين قرب شعيب الذكر على متنه ٤٠ مدنياً كانوا يعبرون النهر باتجاه مناطق الميليشيات الكردية»، مشيراً إلى أنه «تم العثور على ٧ جثث تطفو على الماء قرب شعيب الذكر تعود لأم وأطفالها على حين لا يزال مصير الآخرين مجهولاً حتى اللحظة، حسب قوله.
وليست هذه المجازر الأولى من نوعها التي يرتكبها التحالف الدولي بقيادة واشنطن في أرياف الرقة خلال الآونة الأخيرة، بل هناك مجازر أخرى سقط خلالها مئات المدنيين بين قتيل وجريح لكنها لم تحظ باهتمام إعلامي بسبب إتقان واشنطن ارتداء القفازات الناعمة.
ومن أشهر هذه المجازر وأكثرها دموية تلك التي حلت بمدرسة البادية في قرية المنصورة في ريف الرقة الغربي وشاركت بها طائرات من جنسيات مختلفة بريطانية وألمانية وأميركية، وأدت هذه المجزرة إلى استشهاد ما يقارب 435 مدنياً بحسب إحصاءات «لواء ثوار الرقة» المدعوم من الولايات المتحدة، وأغلب هؤلاء الشهداء كان من النازحين الذي اعتقدوا أن سقف المدرسة سيؤمن لهم الحماية والأمان، كما شهدت بلدة المنصورة مجزرة ثانية في 30 من الشهر الماضي راح ضحيتها نحو عشرين مدنياً جراء سلسلة من الغارات التي استهدفت منازل المدنيين وسيارات كان على متنها نازحون متوجهون من مسكنة باتجاه الطبقة، علاوة على استهدافات المدنيين في أوقات متفاوتة في كل من الفرن الآلي ومبنى الإطفائية في مدينة الطبقة.
وقال ناشط إعلامي، رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية كونه في منطقة تسيطر عليها قوات «قسد» المدعومة أميركياً لـ«الوطن»: إن الأسابيع الثلاثة الماضية شهدت زيادة في عدد المجازر التي ترتكبها القوات الأميركية والكردية»، مشيراً إلى أن «المجازر ليست حكراً على الطائرات وحسب، بل المدافع والدبابات أيضاً أصبحت في الآونة الأخيرة لا تميز بين منازل المدنيين وخنادق داعش». وعلى حين أطلق الناشط على هذه الظاهرة الدموية اسم «الجنون الأميركي» أعرب عن اعتقاده أن واشنطن مهووسة بالوصول إلى الرقة ولو تطلب منها ذلك تعبيد الطريق إليها بالدماء بسبب ما قال إنه حاجة «ترامبية» في إشارة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتحقيق نصر إعلامي. ولاحظ بعض النشطاء أن سلوك التحالف الدولي طرأ عليه تغير جذري لجهة التساهل في استهداف المدنيين وعدم الاحتراز من وقوع إصابات في صفوفهم، وهو ما يتلاقى مع الاتهامات التي وجهت إلى القوات الأميركية في العراق بأنها غيرت قواعد الاشتباك وخففت من المعايير المتبعة لحماية المدنيين، وهو ما أدى إلى وقوع المجزرة الشهيرة في الموصل التي أودت بحياة مئات المدنيين في أضخم مجزرة من نوعها منذ بداية المعركة قبل نحو 6 أشهر.
وما يزيد من مخاوف المراقبين والنشطاء أن معركة الرقة لم تبدأ بعد بشكل جدي، إذ لا تزال المعارك تدور في مناطق قليلة السكان ومع ذلك أدت إلى وقوع هذا الكم من المجازر، فكيف سيكون الحال عندما تصل الاشتباكات إلى داخل مراكز المدن في الطبقة والرقة على سبيل المثال، حيث الكثافة السكانية مرتفعة نسبياً؟ لذلك يتوقع هؤلاء في حال استمرار التحالف الدولي على نهج الاستهتار وعدم المبالاة بأرواح المدنيين، أن تؤدي المعارك المستقبلية إلى مضاعفة المجازر وارتفاع أعداد القتلى والمصابين بين المدنيين.