جريمة الغدر تفضح المنافقين
| ميسون يوسف
لم يكن العالم المحايد والموضوعي بحاجة إلى دليل إضافي على وحشية العصابات الإرهابية وإجرامها الذي تمارسه منذ ست سنوات ضد سورية وشعبها، إجراماً وحشياً يتم بتوجيه ورعاية غربية أميركية، ولكن لم يكن الكثير من المتابعين لمجريات الحرب على سورية، يتوقع أن تصل درجة الإجرام والوحشية من العصابات الإرهابية إلى الحد الذي وصلت فيه ضد قافلة الأطفال والنساء من أهالي كفريا والفوعا وهي في طريقها من البلدتين المحاصرتين، إلى حلب المطهرة من الإرهاب.
في الراشدين في حلب، ارتكب الإرهابيون جريمتهم الوحشية التي اتسمت بالغدر الموصوف باستهدافهم المدنيين المخرجين من بيوتهم المحاصرة حصاراً مريراً فرضته عليهم العصابات الإرهابية لمدة 5 سنوات، خروج تم في إطار اتفاق استعادة الأمن والاستقرار إلى مضايا والزبداني بإخراج من أراد من المسلحين ترك المنطقة والتوجه إلى إدلب.
إن الجريمة في هولها وبشاعتها تطرح سؤالين كبيرين: الأول لماذا ارتكبت بهذه الوحشية وفي هذا التوقيت؟ والثاني لماذا لم يتعامل معها العالم بالجدية والحزم الذي يقتضيه الحال؟
في الإجابة الأولى نرى أن الإرهابيين أرادوا إفشال العمل على المسار التصالحي الذي رسمت الحكومة السورية بيانه وسارت عليه بثبات وجدية أدت إلى حقن دماء كثيرة واستعادة الأمن والاستقرار إلى أكثر من مدينة وبلدة في سورية، وهو أمر يعاكس أهداف ورغبات أعداء سورية الذين يمعنون في شن العدوان عليها، ثم إن المجرمين شاؤوا أن تشكل جريمتهم استفزازا للسوريين يحملهم على ردة فعل انتقامية ضد عائلات المسلحين المنتقلين من مضايا والزبداني وليقال عندها إن سورية تقتل أبناءها، لكن الوعي السوري أفشل المخطط، فعضَّ السوريون على الجرح وجمعوا أشلاء الشهداء، ونقلوا الجرحى من ميدان الجريمة بعد تأخير فرضه المسلحون الذين أصروا على جريمتهم ورفضوا إنقاذ الجرحى من ميدانها.
أما الإجابة الثانية ففيها أن العالم خرس أمام قتل وجرح 600 مدني بريء فيهم 120 طفلاً استدعاهم الإرهابيون إلى ساحة الموت بالتظاهر أنهم يأتون إليهم بالمواد الغذائية التي تبين أنها متفجرات محضرة للقتل والتدمير، خرست أميركا التي تباكت نفاقاً وكذباً على أطفال قالت إنهم قتلوا في خان شيخون ثم تبين أن القتلة هم الإرهابيون الذين ترعاهم أميركا ويصنعون لها الذرائع لتمارس عدوانها على سورية.
وإذا كان صمت أميركا وعملائها عن جريمة «الراشدين» في حلب أمراً غير مستغرب لأن أميركا لن تدين جيشها الإرهابي الذي هو أداتها في العدوان، فإن السؤال: لماذا تباطأت الأمم المتحدة ومجلس أمنها؟ ولماذا تتقاعس المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وبقواعد القانون والتي تتشدق بمقولة عدم الإفلات من العقاب؟ يتقاعسون ولا ينبسون ببنت شفة أمام جريمة مروعة فاقت في ضحاياها 5 أضعاف ما حصل في خان شيخون، حيث ارتكبت جريمة أرادت أميركا أن تلصق التهمة فيها بالحكومة السورية وسارعت إلى مجلس الأمن للمحاسبة ولم تنتظر النتيجة، بل سارعت للعدوان على سورية مدعية أنها تنتصر للعدالة.
إن سكوت هؤلاء يقدم مرة أخرى الدليل على أن سورية مستهدفة، بشعبها وأرضها وأمنها، من تكتل عدواني تقوده أميركا، ليس لها إلا قوتها وحلفاءها للدفاع عنها، وليس لها أن تراهن على منظمات دولية أو حقوقية عالمية لنصرتها مادامت أميركا بإرهابها وبأدواتها تملك قرار هؤلاء، ولا تسمح لهم لحظة واحدة السير في طريق العدالة والحق والقانون.