قضايا وآراء

بعد مئة يوم على رئاسته.. ترامب زاد من الجبهات المعادية

| تحسين الحلبي 

اعتادت وسائل الإعلام الغربية على تقييم دور ومستقبل أي رئيس أميركي أو أوروبي من خلال دراسة سجل مواقفه وقراراته في المئة يوم الأولى من رئاسته وبعد أيام يكون الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد ترأس إدارته في هذه المئة يوم، فهل يمكن أن نتوقع بموجب هذه الفترة الماضية ما سيتخذه من مواقف وسياسات أميركية.
يقول جويل بولاك في المجلة الإلكترونية «برايت بارنيوز» إن ترامب فشل في فرض سياسته تجاه مسائل داخلية وولدت مواقفه خلال هذه الفترة قلقاً ومخاوف دول أوروبية وآسيوية كثيرة من نتائج سياسته الخارجية، بينما ترى قناة «سي إن إن» الأميركية أن قائمة إنجازاته للمصالح الأميركية في فترة حكمه هذه كانت قليلة بخلاف رؤساء أميركيين مثل باراك أوباما وجورج بوش الابن وبيل كلينتون.
ومع ذلك يلاحظ عدد من المختصين بالسياسة الأميركية وخصوصاً في مجلة «فورين أفيرز» الأميركية الفصلية، أنه من الخطأ الاستناد إلى برنامج ومواقف الحملة الإعلامية الانتخابية التي تبناها أي رئيس أميركي قبل فوزه بالرئاسة، لأن معظم الرؤساء الأميركيين اعتادوا بعد فوزهم بالرئاسة اتخاذ سياسة من استلموا منه الرئاسة.
وهذا ما أشارت إليه مجلة «فورين أفيرز» الأميركية الفصلية في أحد تحليلاتها حين استشهدت بخمسة رؤساء في الستينيات والسبعينيات لم ينفذوا من وعودهم الانتخابية سوى القليل الذي لا يذكر خصوصاً في السياسة الخارجية.
والرئيس الحالي ترامب كان قد أطلق موقفاً أثناء حملته الانتخابية هو «أميركا أولاً»، وكان المقصود أنه سيقلل من انشغال إدارته بالسياسات الخارجية واستحقاقاتها، فتبين أنه ترك مشاكل أميركا الداخلية كما هي، وركز على شعار «زيادة قوة الردع الخارجي»، فزاد الميزانية العسكرية وشن عدواناً عسكرياً على سورية بحجة لم يثبت حتى للأميركيين صحتها، وهدد بتوجيه ضربة عسكرية حاسمة للتخلص من كوريا الشمالية وسياستها، فتبين أن مواقفه هذه غير قابلة للتنفيذ ولا للنجاح، وأصبح ترامب خلال هذه الفترة من حكمه وقراراته، يوصف بالمريض نفسياً «بالبارانويا» لأنه سرعان من ينتقل من موقف لآخر ويتجاوب معه من يسخره لاتخاذ هذا القرار أو ذاك. فالمحافظون الجدد وفي مقدمهم وزير الدفاع جيمس ماتيس، يقومون بإجراء تجاربهم في السياسة الخارجية من خلال استخدام نقص خبرته بل انعدام وجودها لديه في السياسة الخارجية.
وهم يدركون أنهم قادرون على فرض التغيير السريع في مواقفه وقراراته لأنه بحاجة إليهم، ولذلك يعترف تشاز فريدمان أحد الدبلوماسيين الأميركيين الذي عمل سفيراً لبلاده في السعودية أثناء حرب الخليج والذي ترشح لرئاسة وكالة الأمن القومي الأميركي في عهد كلينتون واعترض عليه اللوبي الصهيوني الأميركي، أن أي رئيس أميركي لا يمكن أن يكون صادقاً وعاقلاً لكي يتبنى سياسة «أميركا أولاً» بالمفهوم الذي يقصد منه التركيز على مشاكلها الداخلية وتقليص دورها الخارجي، لأن حل مشاكلها الداخلية يتوقف على ما تنجزه من مصالح في سياستها الخارجية. ويقول: إن الشرق الأوسط الذي أصبحت مصالح الولايات المتحدة الإجمالية «مشتقة» منه لأن واشنطن هي التي تضمن حماية استمرار وجود دول كثيرة فيه، ويستنج فريمان أن تحالف روسيا مع سورية وإيران في الشرق الأوسط ورغبتها بزيادة تحالفاتها أو علاقاتها مع دول أخرى مثل العراق ومصر، أصبح موضوعاً لا يمكن تجاهله، ومع ذلك يتضح الآن أن ترامب يجد نفسه أمام جبهات زادت التحديات ضده فيها في المئة يوم الأولى من رئاسته، من أفغانستان إلى كوريا الشمالية إلى سورية وإيران إلى بحر الصين، بشكل سيفرض على العالم إما فتح بوابة حرب باردة تقف فيها كل كتلة في مكانها الراهن، وإما التفاهم من أجل تجنيب العالم ما هو أخطر من الحرب الباردة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن