قضايا وآراء

كلما زاد جنون ترامب أخذه العالم على محمل الجد!

| عبد السلام حجاب 

سواء كانت المتابعة السياسية من داخل العاصمة الكازاخية أستانا أو من خارجها، يبدو واضحاً أن الاستعدادات، عبر تصريحات وزير خارجية كازاخستان خيرت عبد الرحمنوف، مستمرة وقائمة لعقد الجولة الرابعة لاجتماع أستانا التي تتزامن مع انعقاد مؤتمر شنغهاي، وفي مؤتمر صحفي صرح عبد الرحمنوف بأن اجتماع أستانا سيناقش سبل تعزيز نظام وقف العمليات القتالية في سورية، ثم الفقرة الثانية من البنود التي جرى اتخاذها باجتماعات أستانا السابقة، ولا سيما فصل الميليشيات الإرهابية عما يسمى المعارضة المعتدلة غير المسلحة والتي قبلت التوقيع على اتفاق وقف العمليات القتالية.
وفي مؤتمر صحفي مشترك عقد في موسكو لوزراء خارجية روسيا وسورية وإيران عقب العدوان الأميركي على الأراضي السورية، قال وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف: إن عملية أستانا لا تزال تؤدي وظائفها، مشيراً في الوقت نفسه إلى اجتماع الخبراء في دول الترويكا الضامنة روسيا وإيران وتركيا في العاصمة الإيرانية طهران، وأعلن الوزير جواد ظريف خلال المؤتمر بأن الأعمال المنفردة وحيدة الجانب التي جسدها العدوان الأميركي على سورية هي التي أوجدت تنظيمي داعش والنصرة الإرهابيين، وقال لافروف متابعاً في هذا السياق إن خرق القانون الدولي غير مقبول والأعمال أحادية الجانب تؤدي إلى تقويض عملية السلام التي يجري الإعداد لها في أستانا وجنيف، ويفترض أن مستقبل سورية يقرره السوريون أنفسهم وهو ما سيحدث في جنيف 6 على أساس القرار الدولي 2254، ونصر على أن تحترم واشنطن استقلال سورية، ويذكر أن المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا كان مشاركاً في حضور هذه اللقاءات.
وإذا كان أعلن أن جنيف السادس سيعقد في منتصف أيار الحالي فإن انعقاده سيكون على مسافة أيام قليلة من اجتماع أستانا الرابع في الأسبوع الأول من أيار الحالي.
وقد طلب الرئيس الصيني شي جين بينغ من الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعم العملية السياسية للأزمة في سورية وفق القرار الدولي 2254 القاضي بحق السوريين وحدهم بتقرير المستقبل الذي يريدونه، والإسهام الجدي بالقضاء على الإرهاب وتنظيماته ولا سيما أن أجندات الإرهاب ما تزال تجد من يتبناها ويدعمها ويراهن عليها عسى أن يجد فيها فرصة لتعويض الفشل المتراكم والخسائر التي أحدثها الجيش العربي السوري على جبهة مكافحة الإرهاب سياسياً وميدانياً.
ولا جدال بأن التصعيد الذي تمارسه أميركا باعتباره منهجاً يخدم أجندة الإرهاب من جهة ويرضي غرور جمهور ترامب الذي صوت له من جهة أخرى، فإن مثل هذا الاتجاه بات واضحاً أن يوجه رسائل خاطئة قد يؤدي إلى خلط الأوراق السياسية بالمصالح الإرهابية التي قد تدفع المنطقة برمتها إلى حافة الرهانات الصعبة والخاسرة.
وهو ما يجعل السؤال الذي يطرح نفسه: هل واشنطن في زمن ترامب أصبحت تتبع عملياً سياسة التقرب عن بعد، بعد محاولات الرئيس السابق باراك أوباما واكتشاف فشلها الواقعي في المنطقة وخارجها وأبعد من ذلك، إذ إنها في المنطقة تمنح الكيان الإسرائيلي الغطاء السياسي المطلوب لتغطية اعتداءاته على سورية وبحسب تصريحات لوزير الدفاع الأميركي السابق أشتون كارتر فقد أعلن على هامش محادثات أميركية روسية أن مثل هذه المباحثات ليست سوى ابتزاز سياسي لتحقيق أهداف أميركية، وصرح وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أن أميركا تسعى إلى تأمين كل من الأردن والكيان الإسرائيلي بإقامة جيش الإرهابيين ليكون شبيهاً بجيش لحد في جنوب لبنان لاستخدامه في مشاريع لاحقة.
ما يعني أن الرئيس ترامب لديه في إدارته الجديدة قوى تتصارع لحساب مصالحها وخاصة أن إرهاب إسرائيل والإرهاب الذي تجري مكافحته في سورية ومن قبل جيشها هما وجهان لعملة واحدة كما أن تلك القوى المتصارعة داخل إدارة ترامب الجديدة تحاول تجريب الفشل السياسي من جديد. فهل هي رغبة ترامب أم هي انحراف بالرغبة الأميركية مدفوعة الثمن بصورة مسبقة؟ لكنه على أية حال خيار خاطئ سواء كان على كتف الإرهاب ولصالحه أم كان على كتف المرتزقة والأطراف التي تدعمها سياسياً وميدانياً، وهو الأمر الذي بات المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا يدركه جيداً ولديه مقومات إحباطه على طاولة جنيف السادس نظراً للدعم الدولي الذي بات واضحاً أنه يتلقاه والانكشاف للتعاون الإسرائيلي السعودي في الانتخابات الفرنسية لإظهار المرشح فيون خاسراً بسبب موافقة من التعاون مع اجتماعات أستانا ورئيسها ونيته حل جماعة الإخوان المسلمين وملاحقة شيوخ الوهابية في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية.
فضلاً عن أن مؤتمر شنغهاي الذي سيعقد بالتزامن مع اجتماع أستانا الرابع وقريباً من هذا المكان فقد أعلن وزير خارجية كازاخستان عبد الرحمنوف أن مؤتمر شنغهاي يؤكد على حل المسائل السياسية بالطرق السلمية وأن حل الأزمة في سورية هو حل سياسي وفقاً لحوار السوريين أنفسهم من دون تدخل خارجي أو شروط مسبقة أو أجندات إرهابية وهو ما يؤكده القرار الدولي 2254.
على حين صرح لافروف أن سياق الجهات الراعية لما يسمى منصة الرياض لم يعد تصرفاً محترماً وذلك في تصريح استباقي لجنيف6.
وجدد لافروف التأكيد أن الخطة الوحيدة لتسوية الأزمة في سورية هي ما جاء في القرار الدولي 2254 وليس في واشنطن، وقال لقد بحثنا مع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الأزمة السورية بحذافيرها، وأنا على ثقة في أنه لا بديل عن التطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن 2254، ولعل تصريحات الرئيس ترامب كانت واضحة وإن لم يتم اختبارها بصورة واقعية.
وقد اتفق الوزير لافروف مع الوزير الأميركي تيلرسون على إطلاق عمل مجموعة العمل الروسية الأميركية المشتركة على مستوى نواب وزيري الخارجية والمكلفة تسوية الخلافات في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة في أسرع وقت.
يبدو أن الاتصال الهاتفي والاتفاق بين وزيري خارجية البلدين القطبين أميركا وروسيا انعكس إيجاباً على زيارة وزير الحرب الأميركي ماتيس للشرق الأوسط إذ بعد أن شن هجوماً من «إسرائيل» على إيران وسورية أول من أمس وادعى كذباً أن سورية احتفظت بأسلحة كيميائية نقلت وكالة الأنباء القطرية عن لقائه مع تميم آل ثاني أنه بحث القضية الفلسطينية والسورية.
وكان الصحفي الأميركي روبرت باري كشف عن علم أميركا وتركيا بمحاولة داعش الحصول على أسلحة كيميائية.
وقال الصحفي البريطاني روبرت فيسك في «الاندبندنت» أنه كلما زاد جنون ترامب أخذه العالم على محمل الجد، وهي واحدة من نصائح وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر للرئيس ترامب باتخاذ إجراءات ضاغطة على خصومه ليوقعهم في دوائر القلق وعدم القدرة على اتخاذ قرار.
كل هذا ممكن ولكن ماذا لو حصل خطأ في هذه التجربة، ألا يصبح العالم بأسره على حافة كارثة خطيرة ولن يغير اعتبارها خطأ أو رؤية للتجريب فحسب.
يمكن القول: إنه منذ بدء الحرب الإرهابية على سورية والقوى الدولية والإقليمية التي شاركت فيها، كانت خيارات السوريين جيشاً وشعباً واضحة وجاهزة لتقديم الغالي والنفيس في مواجهتها.
وأكد الرئيس بشار الأسد في اجتماع موسع للجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي أن الحرب التي فرضت على الشعب السوري منذ أكثر من ست سنوات يجب أن تكون حافزاً لمواصلة العمل على تعزيز حضوره بين المواطنين.
وقال الرئيس الأسد: إن الدول المعادية لسورية استخدمت في هذه الحرب كل ما لديها من أدوات وأبرزها الإرهاب الوهابي والإخواني وأكد الرئيس الأسد في الاجتماع الموسع للجنة المركزية للحزب أن حربنا على الإرهاب لن تتوقف ما دام هناك إرهابي واحد يدنس أرضنا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن