قضايا وآراء

محاربة الإرهاب بين الادعاء الغربي والجدية الروسية

ميسون يوسف : 

تأخر الغرب كثيراً في اللحاق بسورية في حربها على الإرهاب، لا بل قام برعاية الإرهاب مدعياً الحرب عليها خلافاً لما كانت سورية تقدم عليه الدليل تلو الدليل. وفي الوقت الذي كان الكثيرون ينكرون جوهر القضية في سورية وكانت سورية ترشدهم إليها مؤكدة أن المشكلة الأساس هي في إرهاب يريد أن يسقط الدولة ويتفشى في العالم كان المستثمرون بالإرهاب يصرون على توصيف مغاير ويدعون بأن الأمر متصل بإرادة شعب ورغبة إصلاح ونزعة حرية.
واليوم ومع تفشي ظاهرة الإرهاب في المنطقة ومنها إلى العالم بات المنكرون يعرفون أو عليهم أن يعرفوا بأن الإرهاب عندما يكشر عن أنيابه فإنه يفترس صانعيه وحاضنيه وداعميه. ورغم أن سورية كانت تعلم هذه الحقيقة منذ البداية وكانت تعلم أن في قتالها الإرهاب مصلحة لمن يدعم الإرهاب ضدها، فإنها لم تتوان منذ أن اكتشفت المؤامرة عليها عن قتال الإرهابيين وملاحقتهم ومنعهم من تحقيق أهدافهم. وهي على حد ما قال مندوبها الدائم في الأمم المتحدة بشار الجعفري: إنما تحارب (نيابة عن الإنسانية جمعاء فكلما قتل الجيش السوري إرهابياً أجنبياً في سورية فإنه يحمي عشرات الأبرياء في العالم).
لكن المثير للاستهجان أن كثيراً ممن باتت نار الإرهاب تلفح وجوههم وتحرق أذيالهم هم بأنفسهم أو اتباعهم يصرون على دعمه ويرفضون صوت المنطق والواقع، ويمتنعون عن العمل الجدي المؤدي بشكل صحيح إلى مواجهته ووقفه، ويمعنون في رفض صوت العقل والمنطقة الذي طالما أطلقه الرئيس الأسد محذراً من الإرهاب الذي يتصرف كالعقرب الذي يلدغ من اقتناه أو رعاه، مؤكداً أن (المشكلة مع الولايات المتحدة وبعض المسؤولين الغربيين هي أنهم يعتقدون أن بوسعهم استخدام الإرهاب ورقة سياسية).
ونقيضاً لهذه الصورة تظهر روسيا صدقاً وإصراراً على محاربة الإرهاب لا بل إنها تطرح من أجل ذلك ما يكاد يكون مستحيل التحقيق أو يتطلب معجزة لتنفيذه، طرح ورد على لسان الرئيس بوتين لدى استقباله وزير الخارجية وليد المعلم، مقترحاً بناء منظومة إقليمية دولية لمحاربة الإرهاب على أن تجمع إلى سورية كل دول المنطقة بما في ذلك تلك التي رعت الإرهاب ومولته وباتت تخشى منه اليوم ومن ضمنها دول الخليج وتركيا.
قد لا يكون الطرح الروسي ممكن التنفيذ لكنه يبقى معبراً عن الصدق والجدية في محاربة الإرهاب خلافاً للرياء والتلفيق الذي تمارسه دول الغرب وعلى رأسها أميركا التي تصر على رفض سلوك الطريق الصحيح لمحاربة الإرهاب الذي يبدأ أولاً بتطبيق قرارات الأمم المتحدة وتجفيف ينابيع الإرهاب ثم الخوض مع الدول المستهدفة بالإرهاب وفي طليعتها سورية في معركة شاملة لاجتثاثه لكن الغرب الذي يستثمر بالإرهاب لن يسلك هذا الطريق لأن الإرهاب أداته لتحقيق مطامعه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن