رسائل «الشعيرات» إلى «بيونغ يانغ»
| سامر علي ضاحي
ما إن التفتت الإدارة الأميركية الجديدة إلى ملفاتها الخارجية حتى عمدت إلى شن عدوان على مطار الشعيرات فجر السابع من نيسان الجاري، بعدما وجدت الفرصة متاحة في الخاصرة العالمية الملتهبة حالياً، وهي سورية، لتوجيه رسائل إلى دول أخرى تؤرق سيد البيت الأبيض، وخاصة أن سورية تشهد تعدداً للجبهات وتعدداً لجهات القتال وعدد القوى المشاركة والداعمة لكل الأطراف، وكأنه مخاض لمحاولة إحداث تغيير في بنية النظام الدولي الحالي، على حين لا يمكن العبث بسهولة في ملفات أخرى كالملف الكوري الشمالي أو ملف إيران لما تمتلك الدولتان من استقرار حالي لا يمكن استهدافه، إذا ما أخذنا بالحسبان أيضاً حساسية القوى الدولية الأخرى للملفين.
ورغم ترحيب قوى غربية بـ«عدوان الشعيرات»، إلا أن تلك القوى حملت في مواقفها الخشية من مواقف «متفردة ومتسرعة» يتخذها جمهوري آخر في البيت الأبيض، حيث لا يزال العالم حتى اليوم يلملم جراح العدوان الأميركي على العراق، بعد تهور الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، فبدأت هذه القوى العالمية تترقب خطوة ترامب اللاحقة، وأكثرهم رشّح أن تستهدف هذه الخطوة بيونغ يانغ.
حين قال الأميركيون إنهم يرغبون أن يكون عدوان الشعيرات «درساً للحكومة السورية»، بدا أن الدرس كان لهم وليس لغيرهم، من خلال نصائح يبدو أنها وصلت لترامب من إدارته بضرورة إشراك «المؤسسات الديمقراطية الأميركية» في اتخاذ القرارات، فدعت إدارته في خطوة نادرة، مجلس الشيوخ بكامل أعضائه الـ100 إلى الحضور في البيت الأبيض، لعقد اجتماع، حول كوريا الشمالية، بحضور وزير الخارجية ركس تيلرسون، والدفاع جيم ماتيس، ورئيس هيئة الأركان الحربية الجنرال جوزف دنفيرد، ومدير الاستخبارات الوطنية دان كودس، في موقف أشبه ما يكون دراسة عواقب عمل عسكري على دولة كانت قبل أيام تستعرض مشهداً تمثيلياً، بدا يحمل في طياته بعض الواقعية، حول كيفية الرد على عدوان أميركي عليها، وهي التي استعرضت سابقاً خمس تجارب نووية.
في المقابل لا بد من النظر إلى الموقف الصيني مع نشر المزيد من قوات بكين على الحدود مع كوريا الشمالية، وإرسال100 ألف جندي إضافي إلى هناك، فلا يمكن لقوة بحجم الصين أن تترك واشنطن تعبث في حديقتها الخلفية في ظل وجود رئيس أميركي هدد بمحاربتها اقتصادياً في حملته الانتخابية، وسيجري مناورات تدريبية مشتركة مع اليابان، العدو التاريخي للصين، مستخدماً قوة بحرية ضاربة تقودها حاملة الطائرات النووية «كارل فينسون»، بعدما أكد ترامب أنه سيرسل «أسطولا بحريا» إلى شبه الجزيرة الكورية، يتضمن غواصات، فدعت بكين أمس الرئيس الأميركي إلى «وقف المناورات واسعة النطاق الجارية في المياه الكورية».
ومع إشارة الإدارة الأميركية إلى أن اجتماعاً آخر سيعقد مع مجلس النواب حول القضية الكورية لاحقاً، يمكن استنتاج أن الرسائل الدولية وصلت إلى ترامب بأن سياسة العدوان عبر القرارات المتفردة والمتسرعة قد لا تحظى بالتأييد نفسه في كل مرة، أما الموقف الروسي، فكان أشد حزماً عندما حذر واشنطن من أن «لا أحد سيخرج منتصراً» من نزاع بشأن كوريا الشمالية وخاصة أن مزاعم أسلحة الدمار الشامل لم تعد تنطلي على أحد.