في مقابلة مع قناة «تيليسور».. اعتبر أن الحل بإيقاف الدعم الخارجي للإرهابيين.. والمصالحة والتسامح ضروري لحل أي حرب … الرئيس الأسد: أميركا قد تكرر سيناريو الكيميائي ونتفاوض مع روسيا للحصول على أحدث الصواريخ لمواجهة أي تهديدات … ما يحصل في فنزويلا مشابه لما يحصل في سورية لأن المخطط هو نفسه
| وكالات
اعتبر الرئيس بشار الأسد، أن «الحل في سورية يجب أن يكون بإيقاف دعم الإرهابيين من الخارج، أولاً»، وأنه «من ناحيتنا في سورية ستكون المصالحة بين كل السوريين والعفو عما مضى في السابق خلال هذه الحرب هو الطريق لإعادة الأمان إلى سورية»، مشدداً على أن «التسامح ضروري لحل أي حرب».
وأوضح الرئيس الأسد خلال مقابلة مع قناة «تيليسور» الفنزويلية، أن الهدف من كل الادعاءات الأميركية والغربية بشأن الأسلحة الكيميائية هو دعم الإرهابيين في سورية، معتبراً أنه من مواصفات السياسيين الأميركيين أن يكذبوا في كل يوم ولا يقولوا أشياء تعكس الواقع والحقائق على الأرض.
ولفت الرئيس الأسد إلى أن سورية مازالت مصرة وتحاول مع حلفائها الروس والإيرانيين أن تقوم منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بإرسال فريق للتحقيق فيما حصل «لأنه إن لم يحصل هذا الشيء فالولايات المتحدة ستقوم أو ربما تقوم في مرات لاحقة بإعادة التمثيلية أو المسرحية نفسها من خلال فبركة استخدام أسلحة كيميائية مزيفة في مكان ما آخر من سورية من أجل أن تكون لها حجة بالتدخل العسكري من أجل دعم الإرهابيين».
وذكر الرئيس الأسد، أن دمشق تتفاوض مع الجانب الروسي للحصول على أحدث الأنظمة المضادة للصواريخ من أجل مواجهة أي تهديدات إسرائيلية أو أميركية محتملة.
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:
شكراً على استقبالنا سيادة الرئيس.
أرحب بكم وبقناة تيليسور في سورية، أهلاً وسهلاً.
مباشرةً إلى آخر التطورات حيث حذرت روسيا أنه من الممكن أن تحدث هجمات كيميائية مزعومة أخرى، ما الإجراءات الوقائية التي اتخذتها سورية لمنع حدوث ذلك؟
أولاً، الإرهابيون منذ عدة سنوات استخدموا المواد الكيميائية في أكثر من حادثة، في أكثر من منطقة على امتداد الساحة السورية، وطلبنا من منظمة الأسلحة الكيميائية أن ترسل لجاناً مختصة من أجل التحقيق فيما يحصل وفي كل مرة كانت الولايات المتحدة تقوم بعرقلة هذه التحقيقات أو عرقلة إرسال لجان من أجل التحقيقات، وهذا ما حصل الأسبوع الماضي عندما كنا نطالب بتحقيقات حول الادعاءات باستخدام الأسلحة الكيميائية في مدينة خان شيخون وأوقفت الولايات المتحدة وحلفاؤها هذا القرار في منظمة الأسلحة الكيميائية، بالنسبة لنا ما زلنا مصرين ونحاول مع حلفائنا الروس والإيرانيين أن تقوم هذه المنظمة بإرسال فريق للتحقيق فيما حصل لأنه إن لم يحصل هذا الشيء فالولايات المتحدة ستقوم أو ربما تقوم في مرات لاحقة بإعادة التمثيلية أو المسرحية نفسها من خلال فبركة استخدام أسلحة كيميائية مزيفة في مكان ما آخر من سورية من أجل أن تكون لها حجة بالتدخل العسكري من أجل دعم الإرهابيين، هذا من جانب، من جانب آخر نحن مستمرون في محاربة الإرهابيين لأن الهدف من كل الادعاءات الأميركية والغربية بشأن الأسلحة الكيميائية هو دعم الإرهابيين في سورية، لذلك نحن سنبقى مستمرين في محاربة هؤلاء الإرهابيين.
الكذب سمة السياسيين في الولايات المتحدة
ولكن البنتاغون يقول إن لدى سورية أسلحة كيميائية، هل صحيح أن سورية احتفظت بواحد بالمئة من هذه الأسلحة التي التزمت منذ أربع سنوات بتسليمها وتدميرها؟
أنت وأنا نذكر تماماً في عام 2003 عندما قام كولن باول أمام كل العالم في الأمم المتحدة بإظهار الدليل الذي يثبت أن الرئيس صدام حسين لديه أسلحة كيميائية ونووية وغيرها، ولكن عندما دخلت القوات الأميركية إلى العراق ثبت أن كل هذا الكلام كان كذباً، واعترف كولن باول بأن المخابرات الأميركية خدعته بهذه الأدلة المزيفة، هذه الحادثة لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، لذلك إذا كنت تريد أن تكون سياسياً في الولايات المتحدة فعليك أن تكون كاذباً متأصلاً، هذه من مواصفات السياسيين الأميركيين أن يكذبوا في كل يوم ويقولوا شيئاً ويفعلوا شيئاً آخر، لذلك علينا ألا نصدق ما يقوله البنتاغون أو غير البنتاغون، هم يقولون أشياء تخدم سياساتهم ولا يقولون أشياء تعكس الواقع والحقائق على الأرض.
رغبة في امتلاك صواريخ حديثة لمواجهة إسرائيل وربما أميركا
ما الهدف وراء رغبة سورية امتلاك أنظمة مضادة للصواريخ من أحدث الأجيال من روسيا؟
بالأساس نحن في حالة حرب مع «إسرائيل»، و«إسرائيل» تعتدي على الدول العربية المحيطة منذ إيجادها في عام 1948 ومن الطبيعي أن يكون لدينا مثل هذه المنظومات، طبعاً الإرهابيون قاموا بتعليمات من الإسرائيليين ومن الأميركيين ومن تركيا وقطر والسعودية بتدمير جزء من هذه المنظومات، ومن الطبيعي أن نتفاوض مع الروس الآن من أجل تعزيز هذه المنظومات سواء لمواجهة أي تهديدات جوية من «إسرائيل» أم لمواجهة التهديدات التي ربما تأتي من أي صواريخ أميركية، الآن هذا أصبح احتمالاً وارداً بعد الاعتداء الأميركي الأخير على مطار الشعيرات في سورية.
ما الدور الذي لعبته «إسرائيل» بشكل خاص في هذه الحرب التي تواجهها سورية؟ حيث نعلم أن الهجمات استمرت على مواقع الجيش العربي السوري في الأسابيع الأخيرة.
هي تلعب هذا الدور بعدة أشكال، الشكل الأول هو الاعتداء المباشر وخاصة عبر الطيران أو المدفعية أو الصواريخ على مواقع الجيش السوري، من جانب آخر، هي تقوم بدعم الإرهابيين بطريقتين، الأولى هي الدعم المباشر بالسلاح، الثانية هي تقديم الدعم اللوجستي لهم من خلال السماح لهم بإجراء المناورات عبر مناطق سيطرتها، ومن خلال تقديم المساعدات الطبية لهم في مشافيها، وطبعاً هذه الأشياء ليست ادعاءات أو توقعات وإنما هي حقائق موجودة ومصورة ومنتشرة على الانترنت تستطيع أن تحصل عليها كأدلة مثبتة للدور الإسرائيلي في دعم الإرهابيين في سورية.
لا سياسات لرئيس أميركي
كيف تقيمون السياسة الحالية للرئيس الأميركي دونالد ترامب في العالم وفي سورية بشكل خاص في الوقت الحالي؟
لا سياسات لرئيس أميركي، هناك سياسات للمؤسسات الأميركية الحاكمة للنظام الأميركي، وهي المخابرات والبنتاغون والشركات الكبرى، شركات السلاح وشركات النفط والمؤسسات المالية الكبرى، إضافة إلى بعض اللوبيات الأخرى التي تؤثر في القرار الأميركي، الرئيس الأميركي يأتي لينفذ هذه السياسات، والدليل أن ترامب عندما حاول أن يأخذ مساراً مختلفاً خلال الحملة الانتخابية وبعدها لم يتمكن، كان الهجوم عليه قاسياً جداً، وكما نرى في الأسابيع الأخيرة غيَّر لغته تماماً وخضع لشروط الدولة الأميركية العميقة، أو النظام الأميركي العميق، لذلك فإن تقييمنا للرئيس الأميركي بالنسبة للسياسة الخارجية هو مضيعة للوقت وغير واقعي فقد يقول شيئاً ويفعل بالمحصلة ما تمليه عليه هذه المؤسسات، هذه هي السياسة الأميركية المستمرة منذ عقود، وليست سياسة جديدة.
حكومة الولايات المتحدة الأميركية فتحت جبهة جديدة الآن مع كوريا الشمالية، هل من الممكن أن يؤثر هذا في توجه الولايات المتحدة الأميركية بشأن سورية حالياً؟
لا، الولايات المتحدة الأميركية تسعى دائماً إلى السيطرة على كل دول العالم من دون استثناء، هي لا تقبل بحلفاء سواء كانت هذه الدول من الدول المتطورة المتقدمة من حلفائها في الكتلة الغربية أم من الدول الأخرى في بقية أنحاء العالم، الكل يجب أن يكون تابعاً للولايات المتحدة، لذلك ما يحصل مع سورية، ما يحصل مع كوريا، ما يحصل مع إيران، ما يحصل مع روسيا، وربما مع فنزويلا الآن، هدفه إعادة السيطرة الأميركية على العالم، لأنهم يعتقدون بأن هذه السيطرة مهددة حالياً، ما يهدد بالتالي مصالح النخب الاقتصادية والسياسية في الولايات المتحدة.
تعاون صيني سوري أمني
حالياً دور روسيا واضح جداً في الصراع الذي تعيشه سورية، ولكن ما دور الصين هذه القوة العظمى العالمية الأخرى؟
بالنسبة لروسيا والصين هناك تعاون كبير بما يخص العمل السياسي أو الموقف السياسي، هناك تشابه في وجهات النظر، وهناك تعاون في مجلس الأمن، كما تعلمون الولايات المتحدة حاولت عدة مرات هي وحلفاؤها أن يستخدموا مجلس الأمن من أجل شرعنة دور الإرهابيين في سورية ومن أجل شرعنة دورهم في التدخل في سورية، التدخل غير القانوني والعدواني إذا صح التعبير، لذلك هنا الصين وروسيا وقفتا معاً، وكان دور الصين أساسياً مع روسيا في هذه النقطة، ومن جانب آخر، هناك جزء من الإرهابيين من الجنسية الصينية، وهو أتى إلى سورية عبر تركيا ويشكل تهديداً بالنسبة لنا في سورية، ولكنه يشكل أيضاً تهديداً بالنسبة للصينيين، وهناك وعي صيني حول أن الإرهاب في أي مكان ينتقل لأي مكان آخر، فهذا الإرهاب سواء أكان من أبناء الجنسية الصينية أم من أي جنسيات أخرى ربما يعود إلى الصين ويضرب كما ضرب الآن في أوروبا، كما ضرب في روسيا، وكما يضرب في سورية، وهناك الآن تعاون بيننا وبين الصين حول القضايا الأمنية.
حالياً وسائل الإعلام الغربية والولايات المتحدة الأميركية يتحدثون عن إرهابيين معتدلين وعن إرهابيين متطرفين، في الواقع هل هناك اختلاف بين هؤلاء؟
بالنسبة لهم الإرهابي المعتدل هو الإرهابي الذي يقتل ويقطع الرؤوس ويذبح لكن من دون أن يحمل علم القاعدة أو من دون أن يقول «الله أكبر»، أما الإرهابي المتطرف فهو الذي يحمل العلم ويقول «الله أكبر»، عندما يذبح، هذا هو الفرق، لكن بالنسبة للولايات المتحدة كل من يخدم أجندتها السياسية ضد أي دولة أخرى ولو مارس أسوأ أنواع الإرهاب فهو بالنسبة لها معارض وليس إرهابياً وهو معتدل وليس متطرفاً، وهو مقاتل من أجل الحرية وليس مقاتلاً من أجل التخريب والدمار.
«الخسائر البشرية» هي الألم الأكبر
ست سنوات من الحرب انقضت، ما وضع سورية الحالي وخاصة في ظل عدم وجود إحصاءات للخسائر البشرية؟
أكثر شيء يؤلم في أي حرب هو الخسائر البشرية، المعاناة التي تحصل في أي عائلة عندما تخسر عضواً من أعضائها فكل العائلة تتأثر مدى الحياة، هذا الشيء الطبيعي في منطقة كمنطقتنا، حيث العلاقات العائلية قوية جداً ومتماسكة، فلا شيء يعوض هذه الخسارة ولا شيء يتجاوزها بالألم، (باقي الخسارات) طبعاً هناك خسائر اقتصادية ضخمة جداً، هناك خسائر في البنية التحتية، لكن هذه البنية التحتية بنيت عبر خمسين عاماً أو أكثر بقليل بأياد سورية، لم تبن البنية التحتية في سورية بأياد أجنبية، لدينا القدرات لإعادة بناء هذه البنية التحتية، الشيء نفسه بالنسبة للاقتصاد، الاقتصاد السوري مبني على القدرات السورية بالدرجة الأولى، وعلاقاتنا مع دول الغرب أساساً محدودة في المجال الاقتصادي.
هذا الموضوع «عندما تنتهي الحرب» يعاد بناؤه، لا توجد لدينا مشكلة، صحيح أنه يستغرق زمنا ولكن ليس مستحيلاً، الشيء الأول «وهو الخسائر البشرية» هو الألم الأكبر بالنسبة لسورية.
هل هناك بعض من الدول الست والثمانين التي تشكل التحالف الذي يهاجم سورية ستشارك في عملية إعادة الإعمار؟
لا، طبعاً لا، هم أولاً لا يريدون إعمار سورية، ولكن بعض الشركات في تلك الدول بكل تأكيد إذا رأى أن الأمور بدأت تتحرك، أي عجلة الاقتصاد وعجلة الإعمار في سورية فهو انتهازي، هو يريد الأموال فقط، فسيكون لديه الاستعداد لمحاولة المجيء من أجل أن تكون له حصة في إعمار سورية كي يكسب الأموال طبعاً، بكل تأكيد الشعب السوري لن يقبل بهذا الشيء، كل دولة وقفت ضد الشعب السوري وساهمت في التخريب والتدمير لن يكون لها مكان في يوم من الأيام في إعادة الإعمار في سورية، هذا الشيء محسوم.
الإرهابيون أعادوا الناس إلى عصر ما قبل الحضارة البشرية
ولكن كيف كانت الحياة في هذه السنوات الست في هذه الأمة المحاصرة؟
الحياة طبعاً قاسية أثرت في كل مواطن سوري، الإرهابيون دمروا البنية التحتية، الكهرباء تأتي في بعض المناطق ربما ساعة أو ساعتين، وفي مناطق أخرى لم يكن هناك كهرباء على الإطلاق، هناك مناطق لم تصل إليها الكهرباء لأكثر من سنتين أو ثلاث سنوات، لا يعرفون التلفاز، والأطفال لا يذهبون إلى المدرسة، لا توجد عيادات طبية أو مشاف، لا أحد يعالج المرضى، يعيشون قبل الحضارة البشرية بفعل الإرهابيين، وهناك مناطق قطعت عنها المياه أيضاً لسنوات كما حصل في مدينة حلب، لسنوات طويلة لم يكن هناك مياه في مدينة حلب، يأخذون أحياناً المياه الملوثة لاستخدامها في الغسيل والشرب وغير ذلك، فالحياة كانت قاسية جداً.
واحد من الأهداف الرئيسية خلال هذه السنوات كان شخص بشار الأسد، هل شعرتم بالخوف خلال هذه السنوات؟
عندما تكون في قلب الحرب لا تشعر بالخوف، أعتقد أن هذه حالة عامة لأغلب الناس، ولكن يكون لديك قلق عام على الوطن، فما قيمة أن تكون أنت بأمان كشخص، كمواطن، وكل البلد مهدد، لا يمكن أن تشعر بالأمان، فأعتقد أن الشعور الموجود لدينا في سورية عامة هو القلق على مستقبل سورية أكثر من الخوف الشخصي، والدليل أن قذائف الهاون تسقط في أي مكان وتدخل في أي منزل، ومع ذلك ترى الحياة مستمرة في سورية، هناك إرادة للحياة أقوى بكثير من فكرة الخوف بالمعنى الشخصي، أنا شخصياً كرئيس استمد هذه المشاعر من عامة الناس ولا أستمدها من شعوري الشخصي، أنا لا أعيش بحالة منعزلة عن الآخرين.
ولكن وسائل الإعلام الغربية في العالم تقوم بحملة إعلامية عليكم، هل أنا حالياً أجلس أمام هذا الشيطان الذي تصوره وسائل الإعلام؟
نعم، من وجهة النظر الغربية أنت تجلس مع الشيطان، هذا هو التسويق الغربي الآن، ولكن دائماً في كل حالة هناك تسويق غربي عندما لا تخضع الدولة أو الحكومة أو الشخص لمصالحهم، ولا يعمل لمصالحهم ضد مصالح شعبه، هذه المطالب الغربية الاستعمارية عبر التاريخ، هم يقولون إن هذا الشخص الشرير يقتل الشعب الطيب، حسناً، إذا كان هو يقتل الشعب الطيب فمن الذي يقف معه لمدة ست سنوات؟ لا تستطيع روسيا أو إيران أو أي دولة صديقة أن تدعم شخصاً على حساب الشعب، هذا الكلام مستحيل، فإذا كان هو يقتل الشعب فكيف يدعمه الشعب؟ هذه هي الرواية الغربية المتناقضة، لذلك علينا ألا نضيع وقتنا في الروايات الغربية، هي دائماً مليئة بالأكاذيب عبر تاريخها، أيضاً هذا الشيء ليس جديداً.
ما الذي يمكن أن تفعله سورية لوضع حد لهذه الحرب ونحن على أبواب الجولة السادسة من محادثات جنيف؟
نحن قلنا هناك محوران، المحور الأول، هو مكافحة الإرهابيين، وهذا ليس قابلاً للنقاش، ولا يوجد لدينا خيار في التعامل مع الإرهابيين سوى مكافحتهم، الجانب الآخر هو الجانب السياسي، وفيه نقطتان، الأولى هي الحوار مع مختلف القوى السياسية حول مستقبل سورية، الثانية، هي المصالحات المحلية، بمعنى نحن نتفاوض مع الإرهابيين في قرية أو في مدينة حسب كل حالة بشكل منفصل، هدف هذه المصالحة أن يلقوا السلاح وأن يحصلوا من الدولة على العفو ومن ثم يعودون إلى حياتهم الطبيعية، هذا المحور، هذه النقطة تم تطبيقها خلال السنوات الثلاث أو الأربع الماضية وحققت نجاحات جيدة وهي مستمرة الآن، هذه هي المحاور التي نستطيع أن نعمل عليها من أجل حل الأزمة السورية.
من هذه الدولة التي تعيش حالة حرب، كيف ترون الوضع في أميركا اللاتينية وخاصة في فنزويلا حيث بدأت تظهر مجموعة من الأعمال المشابهة كثيراً التي تسببت بنشوب الصراع في سورية؟
طبعاً، يجب أن تكون متشابهة لأن المخطط هو نفسه، والمنفذ هو نفسه، هي الولايات المتحدة كقائد للفرقة الموسيقية والجوقة التي تعزف معه وهي الدول الغربية، بالنسبة لأميركا اللاتينية بشكل عام ولفنزويلا بشكل خاص، فقد كانت تشكل الحديقة الخلفية للولايات المتحدة عبر عقود ماضية، وكانت تشكل الحديقة التي تحقق من خلالها الدول الغربية وخاصة أميركا الشمالية أو الولايات المتحدة مصالحها الاقتصادية عبر نفوذ الشركات الكبرى في بلدانكم، وكانت الانقلابات التي تحصل لديكم في ذلك الوقت في الستينيات والسبعينيات، سواء كانت انقلابات عسكرية أو انقلابات سياسية تهدف إلى ترسيخ السيطرة الأميركية على مصالح شعوبكم، ولكن أميركا اللاتينية تحررت خلال العشرين عاماً الماضية وامتلكت قرارها المستقل وأصبحت الحكومات تدافع عن مصالح شعوبها، وهذا شيء غير مقبول بالنسبة للولايات المتحدة، لذلك هم الآن يستغلون ما يحصل في العالم من الثورة البرتقالية في أوكرانيا إلى الانقلاب الأخير فيها منذ بضعة أعوام إلى ما يحصل الآن في الدول العربية في ليبيا وسورية واليمن وغيرها، من أجل تطبيقه في دول أميركا اللاتينية، بدؤوا في فنزويلا بهدف الإطاحة بالحكومة الوطنية وسيمتد الموضوع إلى باقي دول أميركا اللاتينية.
فارق كبير بين أن تكون معارضاً للحكومة وأن تكون ضد الوطن
هناك من يظن وخاصة من المواطنين العاديين من أميركا اللاتينية بأن سيناريو مشابهاً لما يحدث في سورية يمكن أن يتكرر في أميركا اللاتينية، ما رأيكم؟
هذا صحيح، لذلك أقول طالما أن المخطط واحد والمنفذ واحد فمن الطبيعي أن يكون السيناريو ليس متشابهاً فقط بل متطابق، ربما تختلف بعض العناوين المحلية، في سورية في البداية قالوا إنها مسيرات سلمية، ولكن في الواقع عندما لم تنتشر هذه «المسيرات السلمية» أو «التظاهرات السلمية» أدخلوا بينهم أشخاصاً ليقوموا بإطلاق النار على الطرفين، على الشرطة وعلى المتظاهرين فسقط قتلى، فأصبحوا يقولون الدولة تقتل الشعب، هذا السيناريو نفسه يتكرر في كل مكان، السيناريو نفسه سوف يتكرر في فنزويلا، لذلك يجب أن يكون الشعب في فنزويلا واعياً، هناك فرق بين أن تكون معارضاً للحكومة، وأن تكون ضد الوطن، فرق كبير، هذا جانب، الجانب الآخر، لا يمكن لدولة أجنبية أن تكون هي الحريصة على مصالح فنزويلا أكثر من أبناء فنزويلا أنفسهم، لا تصدق الغرب، الغرب ليس حريصاً على حقوق الإنسان ولا على مصالح الدول، هو حريص على مصالح جزء من النخبة الحاكمة في دوله، وهذه النخبة الحاكمة ليست بالضرورة سياسيين، وإنما أيضاً شركات اقتصادية.
أتحدث عن أميركا اللاتينية وعن فنزويلا والثورة البوليفارية التي كانت حليفاً قوياً لكم، كيف تتذكرون الرئيس الراحل هوغو تشافيز؟
الرئيس تشافيز كان شخصية متميزة على مستوى العالم، فعندما نتحدث عن أميركا اللاتينية نتذكر بشكل فوري الرئيس تشافيز والراحل القائد فيديل كاسترو أيضاً، قائد الثورة الكوبية، هما شخصيتان متميزتان غيّرا وجه أميركا اللاتينية، لكن طبعاً من أعرفه أنا بشكل شخصي والتقيت به أكثر من مرة وكانت تربطني به علاقة شخصية هو الرئيس تشافيز عندما زارنا في سورية وزرته في فنزويلا، زارنا مرتين ولم تكن مرة واحدة، عندما تلتقي به تستطيع أن تقول إنه ابن الشعب، لا تشعر بأنك تلتقي مع رئيس أو سياسي وإنما مع شخص يعيش معاناة الناس وكل حديثه بكل دقيقة هو حول التفاصيل التي تخص المواطنين في بلده، وعندما يتحدث مع رئيس دولة أخرى أو مع مسؤول في دولة أخرى يفكر دائماً كيف يمكن أن يخلق مصالح مشتركة تنعكس على شعبه، لقد كان قائداً حقيقياً وكان شخصية لها كاريزما قوية جداً، وهو شخص صادق إلى أبعد الحدود.
تشافيز قاموا بشيطنته سابقاً، ومن الواضح أنه حان دور نيكولاس مادورو حالياً؟
طبعاً طالما هو الخط الوطني نفسه، طالما أن الرئيس مادورو يتابع بالخط الوطني، خط استقلال فنزويلا، والعمل من أجل المواطنين في بلاده فمن الطبيعي أن يكون هو هدفاً أولاً بالنسبة للولايات المتحدة، هذا شيء بديهي يجب ألا نفكر به.
كيف يتخيل بشار الأسد نهاية الحرب؟
اليوم لو وضعنا جانباً التدخل الأجنبي في سورية، المشكلة ليست معقدة، أغلبية السوريين تعبوا من الحرب ويريدون الحل ويريدون العودة للأمان والاستقرار، وهناك حوار بيننا كسوريين، وهناك لقاءات والناس تعيش مع بعضها، أي أنه لا حاجز حقيقياً، المشكلة الآن أن العصابات الإرهابية كلما تقدمنا خطوة باتجاه الحل وإعادة الاستقرار أتاها المزيد من الأموال والأسلحة من أجل تخريب الوضع، لذلك أستطيع القول إن الحل يجب أن يكون بإيقاف دعم الإرهابيين من الخارج، هذا أولاً، من ناحيتنا في سورية ستكون المصالحة بين كل السوريين والعفو عما مضى في السابق خلال هذه الحرب هو الطريق لإعادة الأمان إلى سورية، وتأكد أنه عندها ستكون سورية أقوى بكثير من سورية قبل الحرب.
التسامح ضروري لحل أي حرب
هل أنتم مستعدون للمصالحة مع هؤلاء الذين رفعوا سلاحهم في وجه الشعب السوري؟
طبعاً، وهذا الشيء حصل، حصل في أماكن مختلفة وكثيرة والبعض منهم قاتل مع الجيش السوري، ومنهم من استشهد، والبعض منهم الآن موجود في مدينته في القسم الذي يقع تحت سيطرة الدولة، لا توجد لدينا مشكلة، التسامح ضروري لحل أي حرب، ونحن نسير بهذا الخط.
الاستقلال الحقيقي بامتلاك القرار الوطني
سيدي الرئيس ما رسالتكم لأميركا اللاتينية وللعالم؟
حافظوا على استقلالكم، نحن في منطقتنا العربية نحتفل بعيد الاستقلال في أكثر من دولة، ولكن هذا الاستقلال كان يعني «في عدد من دول منطقتنا» خروج القوات المحتلة وحسب، ولكن الاستقلال الحقيقي هو عندما تمتلك القرار الوطني، بالنسبة لنا، أميركا اللاتينية كانت أنموذجاً في الاستقلال، بمعنى خروج المحتل إذا كانت هناك قوات أجنبية، ولكن بالوقت نفسه القرار الوطني، وفي الوقت نفسه الانفتاح والديمقراطية، فأنتم قدمتم أنموذجاً مهماً للعالم حافظوا عليه، لأن الكثير من الدول إذا أرادت أن تتطور خاصة في دول العالم الثالث والعالم النامي فيجب أن تتبع النموذج الذي تم تطبيقه في أميركا اللاتينية.
شكراً سيدي الرئيس لمنح هذا اللقاء لـ«تيليسور» وشكراً على وقتكم الثمين والمعلومات التي قدمتموها.
شكراً لكم، لمجيئكم ومرة أخرى أرحب بكم في دمشق، أهلاً وسهلاً.