قضايا وآراء

أياً تكن النتائج

| بيروت – رفعت البدوي

انعقد في العاصمة الروسية موسكو مؤتمر روسيا السادس للأمن الدولي، بمشاركة أكثر من 80 دولة من أنحاء العالم وباشتراك أكثر من 50 وزيراً للدفاع من مختلف دول العالم.
اللافت أن افتتاح أعمال المؤتمر في موسكو، تزامن مع قيام العدو الإسرائيلي بعدوان جديد على مطار دمشق الدولي بالصواريخ البعيدة المدى، ما شكل حالة من التساؤلات أرخت بظلالها على المؤتمر، خصوصاً من جهة ترقب رد الفعل الروسي على الاعتداء الإسرائيلي الجديد.
البعض من المشاركين اعتبر أن تزامن الاعتداء الإسرائيلي على مطار دمشق مع انعقاد المؤتمر، قد نال من هيبة روسيا في سورية في ظل مشاركة كثيفة من وزراء دفاع دول عدة ومن بينهم وزير دفاع العدو الإسرائيلي، وأيضاً بعد مرور ساعات قليلة على الكلام الذي صدر على لسان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ووزير الخارجية سيرغي لافروف والداعم لسورية وجيشها وحماية أراضيها، واستنكارهما لأي اعتداء على سورية وتأكيدهما دعم سورية في مواجهة أي اعتداء جديد عليها.
رئيس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف، دعا إلى ضرورة التقيد بالقوانين الدولية وشرعة الأمم المتحدة واحترام سيادة الدول، كما شدد لافروف في كلمته على اعتبار ما قامت به الولايات المتحدة من إطلاق صورايخ التوماهوك على مطار الشعيرات في سورية بالاعتداء الصارخ على سيادة دولة لها قيادتها وجيشها وشعبها، وخصوصاً أن الاعتداء الأميركي جاء من دون أي دليل قاطع ومثبت لادعاءات أميركا، بل إن لافروف ذهب أبعد من ذلك قائلاً: إن البعض يتعمد الكذب والافتراء والتلفيق ليغطي أفعاله العدائية ضد بلدان ذات سيادة.
في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير رد لافروف بقوة على ضيفه قائلاً: إن روسيا موجودة في سورية بطلب من الحكومة السورية، وإنها ترفض أي اعتداء تركي على الأراضي السورية والعراقية، وإن مثل تلك الأعمال تسهم في تقويض فرص العملية السياسية وتعزز مبدأ التطرف والإرهاب، واتهم لافروف بعض الدول بدعم الإرهاب في المنطقة مؤكداً في الوقت عينه، أن سورية هي حليف إستراتيجي لروسيا في المنطقة، وأن روسيا ستقف إلى جانب الشرعية السورية المتمثلة بالقيادة والجيش واحترام قرار الشعب السوري، ولن تتراجع عن حملتها ضد الإرهاب فإما أن يكون عالما آمنا تسوده الطمأنينة ويسوده تقبل الآخر، وإما أن تسود شريعة الغاب ونحن في روسيا لن نسمح بذلك.
وإذا ما أخذنا بالحسبان بيان الاجتماع الشهير الذي انعقد بين وزراء خارجية كل من روسيا وسورية وإيران قبل أسبوع واحد في موسكو والإعلان عن زيادة التنسيق بين الجهات الثلاث في مواجهة أي اعتداء جديد على سورية، نجد أنفسنا أمام إصرار إسرائيلي وتحد أميركي فعلي لضرب وإفشال كل المحاولات الروسية والهادفة لإنهاء الأزمة السورية سياسيا من خلال تفعيل مساري أستانا وجنيف، وأيضاً إفشال الحملة الروسية العسكرية في محاربة الإرهاب.
اللافت في هذا المؤتمر أن جميع الوفود تكلمت عن خطر الإرهاب في المنطقة وضرورة مكافحته، ولكن أحداً لم ينبس ببنت شفة عن إرهاب العدو الإسرائيلي على الرغم من وصول أصداء الاعتداء الإسرائيلي على مطار دمشق إلى مسامع كل الحاضرين وترقب ردود الفعل، وكان مستغرباً تغييب الخطر إسرائيلي، مع أنه أصل الداء ومكمن العلة في المنطقة.
وحده رئيس الوفد السوري العماد محمود الشوا ومن خلال مداخلة له شدد على الموقف السوري بوجوب لفت الانتباه إلى الدور الإسرائيلي الداعم للإرهاب في المنطقة إضافة للإرهاب الإسرائيلي الذي يمارس على الفلسطينيين في فلسطين المحتلة، معتبرا أن الإرهاب الذي تشهده منطقتنا منبعه إسرائيلي وتمويله عربي.
وحدها سورية تبقى حاملة لواء فلسطين رغم الصعاب والدمار والمؤامرات الدنيئة التي تحاك ضد سورية فقط لأنها استمسكت بالهوية العربية وبفلسطين وبالعزة والكرامة العربية لتبقى سورية وحدها أم العروبة وحاضنتها وقلبها النابض.
يبقى أن نقول إن الكلمات التي ألقيت من الجانب الروسي في المؤتمر، كانت متماسكة وقوية من جهة دعم سورية، بيد أن هذا الدعم يجب ترجمته فعلياً ليس من الناحية السياسية فقط، بل بالانخراط العسكري في ردع أي اعتداء على سورية والدفاع عن كل الجغرافيا السورية وليس فقط عن مناطق أو مصالح معينة في سورية، وليكن معلوماً إننا كشعوب عربية لم نعد نثق بمقولة أن الرد على اعتداءات إسرائيل آت في الزمان والمكان المناسبين، فالترجمة الفعلية للتحالف الإستراتيجي بين روسيا وسورية، وترجمة بيان وزراء الخارجية الروسي السوري الإيراني في موسكو، بات مطلوباً عبر الرد الفوري على أي اعتداء إسرائيلي على سورية أياً تكن النتائج.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن