من دفتر الوطن

الحب.. السعادة..المال!

| عصام داري 

يقولون إن المال لا يجلب السعادة، لكن بعض الساخرين يعقبون بالقول: صحيح أن المال لا يجلب السعادة لسبب بسيط، فالسعادة هي التي تأتي مع المال كتفاً إلى كتف!
وبغض النظر عما إذا كان المال لا يجلب، أو لا يشتري السعادة، أو أن السعادة الرفيق الملازم للمال، فإن السؤال الأهم والأكبر هو: هل يجلب المال الحب؟ أو هل يصنع المال حباً حقيقياً بعيداً عن المصالح والرغبة في الدخول في عالم المال والأعمال من خلال علاقات «عاطفية»، وأتحفظ على كلمة عاطفية، أو بالتزاوج بين الأغنياء والفقراء.
رواية «قصة الحب» التي كتبها الأميركي أريك سيغال في ستينيات القرن الماضي وتحكي قصة الشاب الوسيم والغني مع الفتاة الجميلة والفقيرة، هذه القصة لن تتحول إلى حقيقة وإن تحولت إلى فيلم سينمائي وأغنية ساحرة غنتها المطربة الرائعة شارلي باسي، هي قصة حالمة وجميلة، لكنها قد لا تكون سوى مجرد حلم وردي يخلط ما بين السحر والرومانسية مع لمسة عذبة وحنان وشوق.
المال قادر على شراء النفوس، أو بعض ضعاف النفوس، وأن يشتري الجواري من سوق النخاسة بعد توقيع عقد بيع بالتراضي يسمونه «عقد الزواج»! لكن أموال الدنيا غير قادرة على شراء قلب نقي، أو حبيبة أو شريكة حياة.
يستطيع الثري أن يشتري قفصاً من ذهب وجواهر وحريراً ويضع أنثى في داخله، وهو يملك هذه الأنثى فيدخلها في قفصها متى شاء، ويخرجها منه متى شاء، لكنه عاجز عن امتلاك قلب ومشاعر وأحاسيس هذه الصبية التي ارتضت أن تدخل القفص الذهبي بفعل تراكم من العادات والتقاليد البالية، وقد تكون معه جسداً، لكنها في الوقت نفسه تعيش مع غيره في حلم دائم فذاك هو من امتلك الصبية، وليس هذا الرجل الغريب صاحب المال والجاه، والتاج والصولجان.
الحب حالة إنسانية راقية لا يمكن أن تسجن في عقد يشبه عمليات البيع والشراء، والزواج ليس امتلاك طرف لطرف آخر، وهذه الثغرة التي نعيشها في مجتمع ذكوري أولاً، ويقدس المال ثانياً.
لا يستطيع الإنسان الانسلاخ من محيطه وبيئته، أو الانفصال عن واقع بلده وأهله وشعبه، ولا أجد أنني قادر على استيعاب هذا الموت الطاحن الذي يسحق العصافير والفراشات وينتهك الحرمات، تحت تسمية زواج وينسف كل مقومات الحياة والحرية الشخصية للمرأة.
من المستحيل أن تمر أيامنا وسنواتنا من دون حب يلونها ويعطيها نكهة السحر والحلم الوردي الجميل، والحب هو هبة اللـه لبني البشر، ومن ينكر هذه الهبة يتنكر لكل مكونات الإنسان والطبيعة البشرية، ولمبرر وجوده.
رغم شعورنا القاسي بأننا نتنقل من زنزانة إلى أخرى، فإننا لا نستسلم «لفلسفة» الزنازين والأقفاص، حتى لو كانت السلاسل التي تقيدنا من ذهب وجواهر وأحجار كريمة، فما نفع كل كنوز الدنيا عندما نفقد حريتنا ولو لثوان معدودات، فنحن نصنع الحب وسط موجات الكراهية العارمة، إننا ببساطة عشاق حياة وجمال ونستحق الفرح والحب، والمال يساعدنا، ولا يسعدنا!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن