ثقافة وفن

أحفاد تيموجين

| د. اسكندر لوقا 

في قفار منغوليا ولد في عام 1162 طفل يحمل هذا الاسم. وكان الطفل تيموجين ابناً لزعيم من عشائر المغول.
يومئذ لم يكن يخطر في بال أحد أن هذا الطفل سيغدو في المستقبل واحداً من أعظم الغزاة الفاتحين في العالم وأن إمبراطوريته ستمتد من البحر الأسود إلى بحر الصين وأن هذه الإمبراطورية ستكون أوسع إمبراطورية عرفها الإنسان.
وبقي تيموجين يحمل هذا الاسم حتى بداية القرن الثالث عشر يوم نودي باسم جنكيزخان أي سيد الحكام. وكانت أولى عملياته العسكرية مهاجمة الصين مقتحما سورها العظيم وقاهراً جميع الأراضي الواقعة إلى الشمال.
ولم يكتف سيد الحكام بما حققه فاستدار نحو الغرب فاجتاح بجيوشه آسيا الصغرى وأراضي روسيا، وخيل لأناس ذلك الزمن أن ما من أحد لديه القوة لمقاومة رجال جنكيزخان، هؤلاء الرجال القصار الأشداء الذين كانوا يقاتلون – كما تذكر المراجع – كالشياطين ولم يكونوا يعرفون أي معنى للرحمة.
وفي هذا السياق يقال أيضاً: إن الفزع من اسمهم بلغ حداً جعل لهم قوة السحر على أعدائهم، حتى إنهم كانوا ينتظرون الموت طائعين كالأغنام في المذبح بعد إعلان استسلامهم بانتظار المصير.
هذا ولم يكن جنكيز خان أول وآخر قادة المغول الذين يعرفون أحياناً باسم التتار، فقد سبقه رجال آخرون وجاء من بعده أيضاً آخرون ومن أشدهم كان تيمورلنك. وطبعاً لم يكن هؤلاء جميعاً وحدهم الذين اعتقدوا أنهم القوى التي لا تقهر والذراع التي لا تكسر، ففي عصرنا– على سبيل المثال– عرف العالم نماذج بشرية من هذا النوع ولكنهم في نهاية المطاف سقطوا أمام إرادة الشعوب لأنها وحدها التي لا تقهر.
وحين يتتبع أحدنا مجريات الأحداث التي تعصف بمنطقتنا العربية وتحديداً بسورية والعراق، وقبلهما بليبيا وتونس ومصر والصومال والسودان وسوى ذلك يستطيع أن يقرأ المستقبل الذي تنتظره شعوب هذه البلدان إذا ما خيل لأحدهم أن ظاهرة القاعدة وتوابعها هي مجرد ظاهرة عابرة ولا يأخذ بعين الاعتبار أن هزيمة هؤلاء متوقفة على مدى إدراك خطورة انتشار ظاهرة الإرهاب في ربوع منطقتنا وبالتالي العمل على وحدة الصف وتوحيد الكلمة، وعدم الاكتفاء بقراءة التاريخ من دون فهمه.
إن أحفاد تيموجين اليوم، يستمدون عزيمتهم على قهر الشعوب من تاريخ أسلافهم، فماذا عن أسلافنا نحن الذين صنعوا الحضارات وكانوا الأوفياء لنزعة الحياة والرقي؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن