رياضة

بلا أخلاق!

| مالك حمود

قلتها بأسى لصديقي الجالس بجانبي في صالة الفيحاء بأن المباراة لن تمضي على خير! فكل الأجواء كانت توحي بقمة تعيدنا إلى الزمن السلوي الجميل، أجواء كرنفالية بجمهورها العاشق والمتلهف بحضوره وحماسه وألوانه وأعلامه الجميلة التي أخذت أحجاماً كبيرة ومقاسات مختلفة لتغطي المدرجات في مشهد نقلنا إلى أجواء أخرى، ولكن يا للأسف فالحكاية الجميلة لم تكتمل.
كنت أستمتع بإعداد مادة تلفزيونية عن أجواء البلاي أوف السلوي ومباراة المسمار بين الوحدة والاتحاد، وأستمتع بتصريحات لاعبي ومدربي الفرق الأربعة وهم يعبرون عن سعادتهم لهذه الأجواء واشتياقهم إليها، ولكن ودقائق ضاع الكلام، وتبعثرت الأحلام.
يا لها من ليلة مؤلمة اعتصر الألم فيها قلبي المتعب من هموم الحياة والهارب من واقعها إلى عالم الرياضة عله يحقق الراحة النسبية ولكن واأسفي!
تألمت كثيراً على صديقي الجالس بقربي وهو يحضر المباراة برفقة أولاده الثلاثة كي يستمتعوا بأجواء الرياضة وجماليتها، ليكون المشهد المأساوي بانتظارهم، ولا أدري ماذا قال لهم بعد المباراة؟!
توقعي لعدم اكتمال المباراة لم يأت من فراغ، فالشحن كان بادياً على الطرفين منذ بدء المباراة، حيث الاعتراضات على التحكيم لتغدو طاولة الحكام أشبه بسوق عكاظ يدلو بدلوه كل من أراد! لن أقول التحكيم بخير، ولكن تقبلنا للمسائل لم يعد بخير، فالأزمة وقسوتها الشديدة لم ترب الكثيرين، والتغزل بأجواء مبارياتنا السابقة والشوق إليها بغض النظر عن الفوز والخسارة لم يتعد حدود الكلام، والواضح أن مفهوم الرياضة عندنا مازال بعيداً عن جوهرها الحقيقي، ولم نفهم المعاني السامية لها كحاجة للشعوب للترويح عن النفس والمتعة والسرور والراحة والتعارف والتلاقي والتقارب، فأين نحن من هذه المعاني، ولن تصبح عندنا رياضة إذا كان الفوز هدفنا والتعامل مع المسألة الرياضية من باب (تكسير الرأس)، ولن تصبح عندنا رياضة دون وعي في التعامل بدءاً من اللاعبين حيث الاحترام المتبادل لبعضهم وللحكام ولكل الأطراف، ومروراً بكوادر الفرق المطالبة بالانضباط والالتزام بقواعد اللعبة، وصولاً إلى الجمهور كي يلعب دوره في التشجيع بعيداً عن الشتم وتناول الفريق المقابل ولاعبيه بكلام معيب، والتزام البقاء على المدرجات فلا مكان له في أرض الصالات، وانتقالاً إلى إدارات الأندية المطالبة بتوعية جمهورها وتحديد دورهم وضبط تصرفاتهم وهتافاتهم قبل المباريات وأثناءها وبعدها، وانتهاءً باتحاد لعبة يقدم أفكاراً لتطوير اللعبة ويبذل الجهد لتحديث المسابقات وتبقى الكرة في ملعبه لتحقيق العدالة بين الأندية في فرص اللعب بأرضها، أو باللعب بأرض محايدة، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنظيف أجواء المباريات بعيداً عن المجاملات، أو استبدال العقوبات الانضباطية بالغرامات، وتأمين رجال حفظ النظام وإعطائهم دورهم الحقيقي والفاعل بشكل مدروس كي لا يتكرر المشهد المأساوي وتصبح أجواء قممنا السلوية بلا أخلاق.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن