سورية

إدارة ترامب على وشك ارتكاب خطأ فادح في سورية

| عن «واشنطن إغزامينر» – ترجمة إبراهيم خلف

دعا مدير العلاقات الحكومية في المجلس السوري الأميركي والأستاذ السابق في جامعة دمشق محمد غانم واشنطن إلى استخدام غزو الرقة، فيما لو تم مستقبلاً، على نحو أفضل وبطريقة مستدامة تضمن من خلالها وجود قوات موالية لها تتحكم في الرقة على المدى الطويل، مؤكداً في مقال له نشره موقع واشنطن إغزامينر الأميركي أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من خلال قرارها الثلاثاء بتسليح حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ستفجر توترات عرقية جديدة وتمهّد الطريق لظهور نسخة أخرى من «داعش».
وأشار غانم أنه في الوقت الذي اندلعت فيه الأحداث في سورية، لم يقم حزب الاتحاد الديمقراطي بالكشف عن أية أنشطة خاصة له، علماً أنه يشكل الآن جوهر «القوى الديمقراطية السورية» التي تتلقى الدعم من الولايات المتحدة، وهو يعتبر حالياً الشريك الأميركي المفضل لمحاربة «داعش» في سورية، وأكد أن قرار وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» بتسليح حزب الاتحاد الديمقراطي من أجل معركته القادمة في الرقة سيكون خطأ فادحاً.
ولفت غانم أنه في منتصف عام 2012، قام «الرئيس السوري بشار» الأسد بتسليم زمام الأمور في المناطق الكردية إلى حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، والذي عمل بعد فترة وجيزة بالعمل جنباً إلى جنب مع حزب البعث «العربي الاشتراكي»، وأضاف إنه بحلول عام 2014، خلص معهد دراسة الحرب الأميركي إلى أن إدارة حزب الاتحاد الديمقراطي «تمكّن النظام «السوري» من السيطرة على المناطق الكردية»، وأنه في عام 2016 قام حزب الاتحاد الديمقراطي بالانضمام إلى الحلف الذي يجمع بين قوات سورية وإيران وروسيا في محاصرة حلب، الحصار الذي أدى في كانون الأول الماضي إلى استعادة السيطرة على حلب.
وأشار الباحث إلى أن العديد من المسؤولين الأميركيين يؤيدون حزب الاتحاد الديمقراطي على أساس تجاربهم الإيجابية مع كردستان العراق، لكن ثمة تعارضاً بين الحزب والبشمركة، الشريك الأميركي الأساسي في كردستان العراق، وأكد أن «روج بيش»، والتي تعتبر قوة كردية سورية وتلقت التدريبات من البشمركة، وتقوم منذ سنوات بمحاربة «داعش» في العراق بعد أن قام حزب الاتحاد الديمقراطي بمنعهم من القيام بذلك في سورية.
ونوّه الكاتب أنه في الوقت الذي تصف فيه دعاية حزب الاتحاد الديمقراطي أراضيها في «روج آفا» على اعتبارها واحة للديمقراطية، فقد قام الحزب بشن عدة حملات ضد أحزاب المعارضة الكردية ووضع منهاجاً مدرسياً على غرار منهاج البعث، وعلى الرغم من قلة القصف على مناطق حزب الاتحاد الديمقراطي، فقد هرب نحو 800 ألف كردي من حكم حزب الاتحاد الديمقراطي، وذلك بسبب سياسات التجنيد الإجبارية التي يمارسها على نطاق واسع، فضلاً عن تجنيده للأطفال.
وأكد أن الادعاءات التي يطلقها بعض من المسؤولين الأميركيين عن عدم وجود بديل لحزب الاتحاد الديمقراطي والإدعاء أن «العرب لا يستطيعون القتال» هي غير صحيحة، ففي مناطق «روج بيش» يتواجد نحو 5000 مقاتل ولديهم خطط للتوسع ليصلوا إلى نحو 10 آلاف، وألفت إلى وجود بدائل عربية أخرى، ففي الأسابيع الأخيرة، قام تحالف من جماعات الجيش السوري الحر بإلحاق هزيمة في صفوف «داعش» في الغوطة الشرقية في ريف دمشق، وهم يقتربون الآن من مدينة دير الزور، كما أن المتمردين الذين يتلقون دعماً تركياً قد تمكنوا خلال «عملية درع الفرات» من تحقيق مكاسب مثيرة للإعجاب وتمكنوا من إغلاق الحدود السورية التركية.
كما وأشار الكاتب إلى أن كل مجموعة من تلك التحالفات تضم ما لا يقل عن 5000 مقاتل، وخلافاً لحزب الاتحاد الديمقراطي، الذي يصرّ على احتكار السلطة، فإن تلك الجماعات ترغب في العمل معاً لإنشاء قوة حقيقية متعددة الأعراق، وهم مجتمعون يشكّلون نحو 15000 مقاتل، وهذا القوة تعتبر أكثر من كافية للسيطرة على الرقة.
وأعرب غانم أن الغارات الجوية التي يقوم بها التحالف المناهض لتنظيم «داعش» بقيادة أميركا في سورية، قد مكّنت حزب الاتحاد الديمقراطي لأن يصبح بالفعل أقوى قوة سورية ضد «داعش»، إلا أن ذلك لا يقود إلى الاستقرار، فانتهاكات حزب الاتحاد الديمقراطي لحقوق الإنسان وشراكته الضمنية مع «الرئيس» الأسد، وميله إلى احتكار السلطة، قد جعله يكسب عداوة السوريين العاديين فضلاً عن الجماعات الأخرى المناهضة لـ«داعش»، وإن اقتراح مسؤوليه هذا الأسبوع بوجود خطط مستقبلية للهجوم على معقل المتمردين في إدلب، وعداوتهم المستمرة مع تركيا، كل هذه الأمور تجعله يفتقر للدعم الإقليمي اللازم لأن يكون قوة محتملة ناجحة. وأكد الكاتب أن إدارة ترامب سترتكب خطأ كبيراً في حال استمرت في اعتماد تحالفها المفرط مع حزب الاتحاد الديمقراطي، وإن الحزب لن يكون قادراً على الحفاظ على الاستقرار دون وجود دعم عسكري أميركي كبير، وإن الخطوة التي قام بها «البنتاغون» من خلال نشر قوات لمنع حدوث أية اشتباكات بين تركيا وحزب الاتحاد الديمقراطي، قد تجعل الحزب وبوضوح يسحب الولايات المتحدة نحو المستنقع.
وأشار الباحث إلى أنه عندما تتم هزيمة «داعش» مستقبلاً، ستقوم الولايات المتحدة بخفض ميزانيتها السنوية البالغة 10 مليارات دولار والمخصصة لهذا الأمر، عندئذ سيخسر حزب الاتحاد الديمقراطي الدعم العسكري، وسيستمر بممارسة الانتهاكات، الأمر الذي سيترتب عليه خلق عداء عربي مستمر، ومن ثم خلق نسخة جديدة بدلاً من «داعش» من خلال حرب عرقية دموية قد تنفجر في المستقبل.
ونوّه الكاتب إلى أن حزب الاتحاد الدیمقراطي قد قام بقتال «داعش» على نحو جيد، وقدّم الحماية اللازمة لكثير من الأكراد السوريين، ولكن لا ينبغي التضحية به، فهو ليس بالقوة الصحيحة لتحرير الرقة، الأمر الذي إن حصل سينجم عنه توترات عرقية في شمال سورية، وبدلاً من ذلك، يجب على «البنتاغون» نزع فتيل التوترات العرقية وحماية المكاسب التي حققها من خلال زيادة الدعم للمتمردين السوريين المناهضين لتنظيم «داعش»، ومساعدة القوات المدرّبة من البشمركة على الدخول إلى سورية، والإصرار على نهج شامل لحزب الاتحاد الديمقراطي من أجل الحفاظ على المستويات الحالية من الدعم الأميركي.
واختتم غانم بأن حزب الاتحاد الديمقراطي قد يكون قادراً على إعطاء إدارة ترامب العنوان الذي تريده: «داعش تُهزم في الرقة»، ولكن هذا الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً، لهذا يجب على الولايات المتحدة استخدام غزو الرقة على نحو أفضل وبطريقة مستدامة تضمن من خلالها وجود قوات موالية لها تتحكم في الرقة على المدى الطويل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن