قضايا وآراء

سورية ودرب الانتصار على «الرجعية» وحلفائها

| تحسين الحلبي

كشفت المجلة الإسرائيلية الإلكترونية «هيستوريكال مومنت 2» بالعبرية، بعض الوثائق الإسرائيلية حول أشكال التدخل العسكري الإسرائيلي السري في معظم الدول العربية التي ناضلت الاستعمار والحكام الرجعيين في الستينيات، وذكرت المجلة أن يوم 31 آذار من عام 1964 شهد أول تحليق سرب من الطائرات الإسرائيلية العسكرية التي تولت نقل الأسلحة والذخائر للمجموعات اليمنية التابعة للنظام الملكي الرجعي في اليمن الشمالي الذي وقفت بريطانيا والسعودية إلى جانبه، وجنّدت آلاف المرتزقة من غير اليمنيين لمقاتلة قوات الجمهورية اليمنية المدعومة من مصر في عهد الرئيس السابق جمال عبد الناصر.
وأطلقت إسرائيل على هذه العمليات السرية اسم «روتاف ودوربان» وقامت بأكثر من 14 عملية من هذا النوع، بين أعوام 1964 و1966 بعد تحليقها على طول الساحل السعودي والعودة إلى تل أبيب بعد تزودها بالوقود من جيبوتي، المستعمرة الفرنسية في ذلك الوقت.
كان الهدف المشترك لبريطانيا وإسرائيل وفرنسا والسعودية في تلك السنوات تفتيت قدرة الجيش المصري الذي وقف إلى جانب الثورة اليمنية الوطنية في الجنوب من أجل تحريرها من الاستعمار البريطاني، وإلى جانب الثورة اليمنية في الشمال على النظام الرجعي المتحالف مع السعودية وبريطانيا.
وعلى المنوال نفسه لم تتوقف إسرائيل منذ الأسابيع الأولى لتنفيذ الحرب الكونية على سورية في عام 2011 عن تقديم السلاح والدعم الاستخباراتي للمجموعات الإرهابية بشكل علني هذه المرة، وعبر حدود الجولان المحتل، وضمن الحلف نفسه السعودي البريطاني الفرنسي الأميركي الإسرائيلي، بهدف تسليم الحكم للرجعيين الجدد ممن أطلقوا على أنفسهم اسم «المعارضة السورية المعتدلة»، وميليشيا «الجيش الحر» الذين وجدوا في مجموعات الإرهابيين المرتزقة من داعش وجبهة النصرة حليفهم المحلي.
لكن سورية بما تمثله بشعبها وجيشها وقيادتها وثوابتها الوطنية وتحالفاتها المحلية والإقليمية والدولية، تمكنت في معظم جبهات الحرب التي شنت عليها، من الصمود ومن الانتقال إلى مرحلة تقترب فيها من وضع حد لهذه الحرب التي يشكل انتهاؤها أكبر هزيمة لإسرائيل والسعودية وحلفاؤهما.
وإذا كانت جبهة وسائل الإعلام الإسرائيلية والأميركية والسعودية، تشن حملتها للترويج بعدم إمكانية انتهاء هذه الحرب إلا بعد تفتيت قدرات سورية وفتح الطريق أمام تقسيمها، فإن الحقائق في ميدان الحرب على أعداء سورية وفي ميدان المصالحات الوطنية الداخلية، تشير إلى تسارع الإنجازات في هذين المجالين ودورهما في توسيع التفتت الجاري في قدرات المجموعات الإرهابية المحلية بشكل متزايد، فمن الزبداني إلى خان الشيح، ومن برزة إلى زيادة الحصار على ميليشيات القابون وحرستا، بدأ يدرك الكثيرون من المسلحين المضللين من الرجعيين في قطر والسعودية، أن المستقبل للثوابت الوطنية السورية التي تفتح بوابات السلم الأهلي داخل الوطن.
ولذلك يعلق بعض المحللين في الصحف الأميركية بأن «زعماء» المعارضات الخارجية السورية لم يعد يهمهم بعد تراجع ميليشياتهم المسلحة وميلها للتسويات مع الجيش السوري، سوى المحافظة على الأموال التي حصلوا عليها ممن وظفهم لهذا الدور في إسطنبول وباريس ولندن وقطر والرياض.
فهؤلاء حققوا مصالحهم الخاصة على حساب تلك المجموعات التي ضللوها طوال هذه السنوات الست الماضية دون أن يدروا أن امارة لا يزيد عدد سكانها على 250 ألفاً ويحكمها شيخ عشيرة أحضر 35 ألفاً من الجنود الأميركيين لحمايته مقابل نسبة من أموال نفط شعبه لن يكون بمقدورها الاستمرار في هذه الحرب ونفقاتها لمدة طويلة أمام صمود شعب سوري تمتد جذوره التي تخلوا عنها إلى أعماق التاريخ والحضارات.
هاهي السعودية الأكبر حجماً وعدداً ومالاً من تلك الإمارة، عاجزة مع عشر دول حليفة لها عن كسر إرادة اليمنيين الذين هزموا هذه الرجعيات عام 1962 حين أعلنوا أول جمهورية مستقلة في شبه الجزيرة العربية التي كانت تخضع كلها للاستعمار البريطاني في ذلك الوقت، وما تزال تقاوم نفس هؤلاء الرجعيين المتحالفين مع أعداء الأمة العربية والإسلامية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن