من دفتر الوطن

السيد «أنا»!!

عبد الفتاح العوض : 

 

حولنا جميعاً نماذج من النوع الذي يمكن أن نطلق عليه السيد أنا.
السيد «أنا» يعرف في كل شيء ويتحدث عن أي شيء، وفوق كل ذلك يتحدث بصيغة أن رأيه حقيقة مطلقة غير قابلة للنقاش.
على المستوى الإنساني قد يكون في كل منا قطعة من «السيد أنا» هذه القطعة يستطيع الشخص الطبيعي أن يسيطر عليها، قد تظهر في بعض تصرفاتنا إلا أن الوعي بها يمنحنا القدرة على ضبطها.
لكن «السيد أنا» لا يستطيع أن يسيطر على نزعة الغرور لديه، ولا يستطيع أن يضبط إيقاع «الكبر» في سلوكه…، و«الكبر أن تسفه الحق وتغمط الناس».
الآية القرآنية التي تأتي كنصيحة من لقمان لابنه فيها كثير من التعبير الجميل «ولا تصعّر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إن اللـه لا يحب كل مختال فخور».
التعالي على الآخرين يجعل من الإنسان يقول إنه أهم أو أفضل أو أفهم من الآخرين.. والبعض يصل به إلى حد أنه «الأهم، والأفضل، والأفهم» من الجميع.
في الحياة العادية كل منا يلتقي هذه النماذج.. جزء منا يصطدم مع «السيد أنا» وقسم آخر «يتجنبه» ولا يقترب منه، وآخرون يستطيعون أن يحولوا الحالة إلى «كوميديا» حتى وإن كانت سوداء.
لكن عندما يكون «السيد أنا» مسؤولاً في موقع ما كبر هذا الموقع أم صغر فإنك لا تستطيع تجنبه، والاصطدام معه مكلف ومؤذٍ وتحويله إلى كوميديا سوداء يحولك إلى قطعة سوداء.
في هذه الحالة فإن «السيد أنا» يترك تأثيراته في من حوله.
والتأثيرات هنا ليست مجرد «آثار جانبية»، يمكن احتمالها بل هي حياة الناس ويومياتهم ومستقبلهم.
السيد أنا عندما يكون «سياسياً» أو في موقع يؤثر في حياة الناس يتحول من مجرد حالة شخصية أو نفسية إلى حالة «خطيرة» بكل المقاييس.. وثمة دول مغرورة ومتكبرة وعنصرية. أقف هنا لأعود إلى تفاصيل في قضية الكبر… إذ ثمة مقولة في هذا الموضوع فحواها «التكبر على المتكبر حسنة»، آخرون يقولون فضيلة.
ويبدو أنها تلقى صدى في نفوس الكثيرين حتى إن البعض قال «التكبر على من تكبر عليك بماله تواضع». أحد الشعراء قال « وكنا إذا الجبار صعّر خده….. أقمنا له من ميله فتقوّما».
البعض الآخر يرى أن التكبر على الآخرين بأي حالة من حالاتهم أمر سيئ وحتى على المتكبرين لأن ذلك لا يجعلنا نختلف عنهم.
يقولون أيضاً إن ثمة شعرة بين الغرور والثقة بالنفس.. والواقع أن صورتك عند الآخرين قد لا تكون واضحة تماماً إذا كنت مغروراً أو واثقاً بنفسك.. لكن الإنسان المتواضع يظهر تواضعه في سلوكيات ومواقف لا يمكن فيها الخلط بين الغرور والاعتداد بالنفس.
وهذه المواقف تظهر للمقربين والأشخاص الذين يكثر التعامل معهم… هناك تصرفات تبدو للناس أنها علامات تكبر أو غرور وهي ليس كذلك……. سيدنا علي كرم اللـه وجهه.. يصف الرجل…. من إذا رأيته هبته من «المهابة» وإذا عاشرته أحببته.

أقوال:
لا تكن كالذي كسر المنبه لأنه أيقظه.
أدلة الغباء ثلاثة العناد والغرور والتشبت بالرأي.
كل الأمور على ما يرام في النهاية إن لم تكن كذلك فتلك ليس النهاية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن